أتذكرون فكاهة البانيو المليء بالماء والجردل والكأس والملعقة، وكيف أن أحد المشهورين زار مستشفى الأمراض النفسية والعقلية فسأل النجم المشهور الطبيب ما هذا؟ قال الطبيب هذا اختبار نسأل المريض كيف يتخلص من الماء بأسرع وقت. فقال صاحبنا فكرة جيدة، ولن يعرف المجنون الإجابة وهي الجردل. فقال الطبيب لا يا سيدي بل الإجابة أن يفتح السدادة في البانيو. وأنا اقترح أن يكون لدينا جهة تقوم سنويا بفحص القوى العقلية والجسدية لكل شخص على قدر مسؤوليته. خصوصا فيما يتعلق بالحياة والموت فهو أولى. ويشمل ذلك كل منصب فيه أدنى مسؤولية. فمن غير المعقول أن نترك سائق تريلا كبيرة تجوب البلاد وهو يتعاطى المنشطات والحبوب والمخدرات كيفما يشاء. هذه أداة للقتل. وحاليا تقوم هيئة التخصصات الطبية سنويا باختبار الأطباء وكل مسؤول عن معالجة المرضى وتختبر معلوماته وقدراته، وأرجو أن يكمل ذلك بالفحص المستقل عن كل ما يذهب العقل في الدم والحالة النفسية لكل مسؤول. ونستمر في سلسلة المهمين مثل المدرس في المدرسة التي تحتضن أطفالا قصرا ويأمن فيها الوالدان المعلم على الأطفال، فكيف يكون مدمنا أو يعاني طبيعيا أو «مخدراتيا»، او بسبب الأدوية -التي نغفل عنها- لأن بعض الأدوية لها تأثيرات جانبية تجعل تصرف الإنسان غريبا وغير مفهوم. والمراقبين الجويين والطيارين وجعلها إلزامية وليست اختياريا ورجل الأمن. إن كان هذا البرنامج مكلفا ففي رأيي المتواضع نجعلها جزءا من الترخيص له. أعتقد أن المنافع الأمنية والإنسانية أعلى، ويمكن أن يدفعها المستفيد كذلك. فقد يجلس مجنون على كرسي ويسرق كيفما يشاء مثل مسحور الجن ويفعل ما يشاء ويكتشف بعد خراب مالطا أنه مختل عقليا. أما المصيبة فهي خارج الإطار الحكومي وهي في القطاع الخاص والعائلات الثرية والمهمة. ورأيت بأم عيني مجانين في القطاع الخاص يدمرون الأعمال التجارية ويتصرفون مثل المافيا أو مثل فلم «سكار فيس» لآل باتشينو ويفسدون في الأرض وتنهار أعمالهم بسبب تغيرات نفسيه تنتابهم خصوصا إذا نبذهم المجتمع. أو تعاطوا أدوية معينة والعياذ بالله وعافانا الله. وهو نفسه -أي المريض- لا يعرف أسباب جنونه. وهذه ليست من سبيل الدعابة. وهذه تحصل غالبا في حالات الاضطراب الهرموني أو الانفصال أو الإفلاس أو الضغوط النفسية أو الشعور بالفشل في حياتهم ويدمرون حياة من حولهم. فجأة ودون مقدمات. وقد يسميها البعض المراهقة المتأخرة أو أزمة نصف العمر. وإن كانت عندنا تستمر لآخر العمر. وبعضهم يتغير فجأة ويكون عنده شعور بالخطر أو التهديد من الآخرين. فكيف تستطيع أن تشرع أن هذا الشخص بحاجة لمن يفحص قواه سنويا ويقرر هل تصرفاته سليمة أم لا إلزاميا. القاضي يبحث فقط في الحالات المثبتة بالشهود. وتلاحظ هجوم المريض لفظيا على المهمين والمسؤولين والعلماء والشيوخ والناجحين. طبعا الحجر والعزل والعلاج صعب جدا وهو ليس تخصصيا لا توغل فيه، ولكن ألاحظ أن العملية أصبحت أشبه بالظاهرة. وكلما زاد الثراء زادت الخطورة بعكس الفقير. المواجهة بالحقائق صعبة خصوصا فيما يملكه الإنسان من حرية القرار. ولكن هل توعية المجتمع تساعد في حمايته. وهذه مثل حماية الكبير في السن. وأعتقد أن لله في خلقه شؤونا ونركز على أنفسنا لإصلاح عيوبنا. احذر تسلم.