-A +A
حمود أبو طالب
لقد انتقدنا الرئيس دونالد ترمب كثيراً على قراراته المتسارعة والمتسرعة في مواضيع وقضايا هامة وحساسة، لكن في النهاية لا يهمنا منها إلا ما يتعلق بنا، وصيغة الجمع هنا تعني المملكة في المقام الأول، ثم ما له علاقة بنا في جوارنا الذي تعتمل فيه أزمات ومشاكل معقدة، أما ما يخص قراراته بشأن الداخل الأمريكي فذلك شأن الأمريكيين وأجهزتهم ومؤسساتهم الحكومية والمدنية. نعم يهمنا بالدرجة الأولى كمواطنين سعوديين كيف ستكون علاقتنا بأمريكا في المرحلة القادمة بعد البداية المقلقة للرئيس ترمب، لكن الجواب جاء سريعاً وواضحاً في الاتصال الاستثنائي الذي أجراه مع الملك سلمان قبل ثلاثة أيام.

مكالمة الستين دقيقة كانت مع أول زعيم عربي وشرق أوسطي، وحتى قبل أن يتصل ببعض زعماء الدول الكبرى، ودلالة ذلك هو تقدير ترمب لمكانة المملكة وأهمية دورها السياسي والاقتصادي في محيطها وعلى المستوى العالمي. والمواضيع التي تم نقاشها مع الملك سلمان واتفق الطرفان عليها هي مواضيع هامة لنا، ومن أولويات الأمور المنشغلين بها الآن. مواجهة تدخلات إيران في المنطقة وبحث الملف النووي، تطوير التعاون الأمني والعسكري، بحث الشراكة الاستراتيجية للقرن الـ ٢١، محاربة الإرهاب والتطرف، تعزيز رؤية المملكة ٢٠٣٠، إضافة الى دعم إقامة مناطق آمنة في سورية. وتأكيداً لعمق وأهمية علاقة البلدين فقد تم توجيه دعوات لزيارات متبادلة ستتم جدولتها خلال وقت ليس ببعيد.


نعرف جيداً أن أصوات الأمميين والإسلامويين الحركيين المسيسين سترتفع بالتنديد بهذا التواصل المهم بين ترمب والملك سلمان، متذرعين بمنع ترمب دخول اللاجئين ومواطني سبع دول إسلامية، لا سيما بعد توجه إدارة ترمب إلى تصنيف المفرخة الرئيسية لكل ماركات الإرهاب، جماعة الإخوان، كمنظمة إرهابية محظورة، سيتهمون السعودية بالعمالة والتبعية لأمريكا كما كان يفعل القوميون واليساريون في الماضي، لكن هؤلاء أخبث لأنهم يعزفون على أوتار الدين ويتلاعبون بها على كل المقامات التي تخدم مشروعهم السياسي. لا يهمنا أمرهم ولا أمر غيرهم، ليقولوا ما يشاؤون، لأن الحقيقة المؤكدة أن المملكة بسياساتها المتزنة وموقعها المهم في منظومة الاقتصاد العالمي وريادتها العربية والإسلامية تفرض أهميتها وتقديرها واحترامها لدى الآخرين، وتجعلهم يبادرون إلى تكوين علاقات متميزة معها، وهذا ما فعله الرئيس ترمب.

في هذه المرحلة ربما يكون منطقيا وعقلانيا أن نقول: السعودية أولاً، فكم تبنينا قضايا آخرين تآمروا علينا أو خذلونا.