-A +A
مي خالد
الثورة البرتقالية قامت في أوكرانيا بين عامي 2004-2005. وقصتها باختصار أن الرئيس ليونيد كوتشما حكم أوكرانيا منذ منتصف التسعينات وحتى زوّر الانتخابات لصالحه عام 2004. فقام المعارض فيكتور بقيادة عشرة آلاف مواطن ودخلوا البرلمان وعزلوا الرئيس الحليف الجيد لروسيا، واختاروا التحالف مع أوروبا وأمريكا.

أما أميرة الغاز سيدة الأعمال الفاسدة يوليا التي اختيرت أجمل وجه سياسي في العالم والتي تقوم بأعمال مشبوهة مع الحكومة السابقة تخص التجارة بالغاز فقد تركت الحكومة وتحالفت مع المعارض فيكتور وقررت الترشح للرئاسة. وفعلا نجح الثوار في الوصول للحكم وقطعوا الصلات مع الكرملين وأمموا وجههم تجاه أوروبا وأمريكا وحكموا البلد بالعنف والقمع والسرقات. مما اضطر الشعب بعد خمس سنوات للتصويت للرئيس المعزول مزور الانتخابات ليونيد كوتشما. وحاكموا يوليا أميرة الغاز وسجنوها.


هذا سرد مبسط للجزء الأول من الثورة البرتقالية.

أما الجزء الثاني الذي لايزال يُروى فهو أن الشعب الأوكراني قبل مدة بسيطة أعاد الثوار البرتقاليين لقيادة أوكرانيا في لعبة كراسي عجيبة تدور في ذلك البلد القصي ولا نعرف كيف ستنتهي ولصالح من.

ما يهمنا في القصة هم أشباه أميرة الغاز بيننا. فلدينا في الخليج شريحة جيدة من المثقفين الذين يرفعون شعار الثورة إن قامت ثورات في البلاد المجاورة. وينتمون لليسار مادام أن الحكومات لا تمرر صفقات الغاز المشبوهة التي تخصهم. لكن ما إن تهتم الحكومات برأيهم أو تجتمع معهم لسماع اقتراحاتهم حتى يبيعوا كل ما اعتنقوه من مبادئ مائعة باسم الإصلاح. بل قد يبيعون اليسار ويتحولون لإسلاميين أو حتى متشددين. مثل أحد الكتّاب الذي يتهم المجتمع بمناكفة التيار الديني بعد تقييد صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف وهو في السابق كان أحد من يتناولون ما يسمى حينها (تجاوزات الهيئة) بكثرة في مقالاته. هو يقوم بخداع المجتمع ويظن أن خدعته ستنطلي على حكومته أيضا.

ثم تجد المثقف البرتقالي يسخر من اعتقاد الإسلاميين بنظرية المؤامرة وينزعج من مصطلح زوار السفارات. لكنه إن أراد أن يتملق السياسي تجده يصّدر ذات النظرية التي يسخر منها أمام ما لا يعجبه من مطالب اجتماعية. ويتهم الناس بالعمالة للغرب بينما هو العميل للغرب المعتنق لمجموعة من المفاهيم الغربية المشوهة والمميعة التي تضمن له أن يتنصل من أفكاره السابقة ويلبس لبوسا جديدة تناسب كل حقبة تاريخية أو عهد سياسي مختلف.