-A +A
محمد حسن أبوداود
في هذا المقال الذي قد ينتهي كما كل المقالات في نسيان بحر الإعلام أطالب بقوة وصوت عال بتخزين مياه محلاة أو من أي مصادر ممكنة تحت الأرض. طبعا لن يفهم هذا المنطق إلا المتخصص في إستراتيجيات التخطيط على المدى الطويل. وهذا الطلب ومهما كان مكلفا فهو مطلب إستراتيجي سيتذكرون أهميته في المستقبل. ولو تكلمت بكل منطق واضح لما وعى الأغلبية أهمية هذا الموضوع. وأناشد الاهتمام بهذا المطلب. سنتعرض لخطر كبير مستقبلا لأسباب يجهلها الكثيرون.

نحن بمحطات التحلية معرضون لأخطار كبيرة، واستهلاك المياه الجوفية هو لعبة روليت روسيا وانتحار بطيء. المخططون حاليا لا يفهمون مخاطر المياه الإستراتيجية. مدينة مثل الرياض ولوجستيات وضع ربما عشرين مليون بني آدم في وسط الصحراء مستقبلا هو خطأ إستراتيجي. أعيدوا مخزون المياه الجوفية حالا كما استنزفتموه، وربما بعكس آلية الاستنزاف.


يبدو أن تحدي المياه سيكون من أكبر العقبات التي سنواجهها مستقبلا، فقط ١٪‏ من الماء الموجود على الأرض صالح للاستهلاك الآدمي ١.٥ ٪‏ جليد من المياه، ونحن أكثر خمس دول في العالم في خطر الجفاف وقلة المياه. عدد سكان المملكة سيتضاعف خلال أقل من ثلاثة عقود. استهلاكنا للمياه لو استمر لمواردنا الحالية لن يكفي. الموارد هي مياه التحلية والمياه الجوفية ومياه الصرف الصحي ومياه السدود.

هنالك مازال استنزاف لمياهنا المدعومة من الدولة. ومازلنا نتعامل مع الموضوع بدون حماس ظاهر بل ببرود مقلق. ورفع المياه على المستهلك المنزلي ليس القضية، هو بلا شك جزء من حل للقضية، لكنه ليس إلا جزءا يسيرا. هنالك كما يقولون لا بد من عض الرصاصة أي قرارات صعبة بدون مجاملات، والاستنزاف يجب أن يقف.

حاليا ٤٠٪‏ من مياهنا تأتي تقريبا من مياه التحلية ١٥ ٪‏ من المياه الجوفية التي استنزفت خلال العقود الأربعة الماضية في زراعة منتجات مثل القمح، و١٢ ٪‏ من مياه الصرف الصحي والباقي من مياه السدود وموارد أخرى مثل الأمطار والتي لحرارة الشمس الساطعة عندنا تتبخر ٨٠ ٪‏ منها، والسيول المنقولة ومناطق بدون سدود مثل العقم أو المدرجات الزراعية التي تنتشر في الجنوب. وجود قياس لاستهلاك المياه ووضع نظام متخصص ومتقدم فنيا وتقنيا ضروري. استعمال أهم مصدر للحياة يحتاج إلى تضافر الجهود والتوعية. الإستراتيجيات الزراعية والصناعية والتصديرية بحاجة لمراجعة.

أنا هنا لا أقلل من عمل الإخوة في مجال المياه. أنا أضيف لهم الطلب من المخطط الإستراتيجي بإضافة بند أولوية إعادة المخزون الجوفي. وللعلم هذا ليس بالسهولة التي يفهمها غير المتخصص. هنالك معايير معينة ووسائل وإستراتيجيات ضرورية لتحقيق الهدف. على شواطئنا محطات تحلية بالعشرات، والذي نحتاجه حاليا محطات تعمل بالطاقة الشمسية في وسط الصحراء وحول المدن الكبيرة. الأولوية للمدن التي بها أكثر من مليون نسمة. وبالتدريج تغطى باقي المدن. التحول في مصادر تغذية المياه جزء من الإستراتيجية على المدى الطويل لضمان الاستمرارية والديمومة.

@AbubadrMHA