-A +A
غسان بادكوك
الأسبوع الماضي كان حافلاً بالنسبة لي إذ حضرت خلاله العديد من اللقاءات ومناسبات الأعمال؛ كان من أهمها اللقاء الذي عُقد بمكتب وزير العمل بجدة، ودعي إليه المشرف على حساب المواطن، الحوار دار حول الصورة الذهنية غير الدقيقة عن البرنامج، أمّا اللقاء الثاني فكان مؤتمر التعليم الخليجي الذي استضافته جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة، وتفضّل رئيس مجلس أمنائها د.عبدالله دحلان بدعوتي لحضور جلسته الافتتاحية، ونظرا لوجود تفاوت واضح في الحرص على الشفافية والرغبة في الإفصاح بين الجهتين (الحكوميتين) المعنيتين بطبيعة المناسبتين، فقد وجدت أن من المفيد أن أُطلع القراء الكرام على أبرز ما دار فيهما.

أولاً)- مؤتمر التعليم:


توقفت باستغراب عند كلمة معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى أمام المؤتمر؛ كونها اقتصرت على (الخطوط العريضة) التي يعرفها المهتمون بالشأن التعليمي، وطالما دعونا إليها ككُتّاب، وكنت آمل أن لا يكتفي معاليه بذلك وإنما أن يوظِّف تلك المناسبة (التعليمية) المتخصّصة للحديث عن أمور أكثر أهمية؛ كإستراتيجية التعليم، أو الإعلان عن مبادرات (محدّدة) لإصلاحه، أو عن جهود الوزارة لتوسيع دور القطاع الخاص في العملية التعليمية.

ومن المبادرات التي كنت أتوقع أن يعلن معاليه عنها ما يلي:

1. عقد شراكات تعليمية جديدة بين الوزارة والقطاع الخاص.

2. زيادة أعداد الكليات التقنية وتطوير مؤسسات التعليم الفني والمهني.

3. تقوية المناهج العلمية وتحسين معايير وأدوات قياس جودة التعليم.

4. استخدام تقنية التواصل والمعلوماتية في طرق التعليم في مدارسنا.

5. كيفية ربط نظامنا التعليمي بأهداف رؤية المملكة ومتطلبات قطاع الأعمال.

ومع التقدير لرغبة معالي وزير التعليم في عدم (الخوض) في تفاصيل ما تعتزم الوزارة تنفيذه لتطوير تعليمنا ومواجهة تحدياته؛ كما أشارت «عكاظ» قبل أيام نقلاً عن الوزير؛ في معرض تعليقه على انتقادات مجلس الشورى للوزارة، فإن ما أود التأكيد عليه هو أن ما يدور في وزارة التعليم هو (شأن عام)؛ لا يشغل فقط أعضاء الشورى، بل هو قبل ذلك ملف حيوي يشغل ملايين المواطنين الذين يريدون أن يطمئنوا على مستقبل أبنائهم، لذلك فـ(حديث) معاليه بشفافية وبشيء من التفصيل، بات ضرورة وطنية، ولاسيما أن تعليمنا ليس سراً (عسكريا) نخشى كشفه، أو ابتكارا علمياً ينبغي تسجيل براءة اختراعه قبل الحديث عنه!.

ثانياً)- حساب المواطن:

وبالعودة للقاء وزارة العمل، فقد أصبح (حساب المواطن) أخيرا هو «مالئ الدنيا وشاغل الناس» بعد أن أثير حوله سوء فهم كبير بزعم أنه وسيلة لجمع بيانات مالية تفصيلية عن المواطنين تمهيدا لبناء قاعدة معلوماتية حديثة؛ سيتم استخدامها عند إقرار نظام ضريبي وشيك على الدخل!، في حين أن الحكومة التزمت على لسان وزير المالية بعدم فرض تلك الضريبة؛ على الأقل حتى عام 2020، كما نعلم بأن الدولة لن تعدم الوسيلة للحصول على أية بيانات؛ عندما ترغب بذلك، وهذا هو سبب مبادرة المشرف على البرنامج المهندس ماجد العصيمي للالتقاء مع عدد من الإعلاميين؛ شرفت بأن أكون أحدهم، لتوضيح الصورة الملتبسة وأستطيع التأكيد بعد حديثي مع المشرف على (الحساب) على ما يلي:

1. إن حساب المواطن هو -برأيي- أحد أهم المبادرات الحكومية طوال تاريخ البلاد لأن هدفه الأبرز هو تحقيق مطلبين طالما نادينا بهما وهما توجيه الدعم لمستحقيه، وحماية الأسر السعودية من العبء المالي المترتب على الإصلاحات الاقتصادية.

2. إن البرنامج ليس صندوقا لمكافحة الفقر بل هو مظلة موحّدة تجمع تحتها كافة برامج الدعم الحكومي؛ وفق آلية (متغيّرة) تبعا لتغيّر أسعار البترول، وسيؤدي لترشيد استهلاك الموارد.

3. إن الصورة المشوّشة عنه تعود لعدم استيعاب الكثيرين أن المرحلة الحالية هي تمهيدية؛ وهذا ما يفسر عدم وجود إجابات (حاليا) عن بعض التساؤلات المهمة، من أبرزها مقدار الدعم الذي سيتحدد لاحقاً بعد إقرار السياسات المقترحة التي سيتم الرفع بها للمقام السامي في 1 مايو القادم.

4. إن التسجيل في البرنامج ليس إلزامياً، مع التأكيد على خصوصية وسرية المعلومات التي يسجلها المواطنون.

5. إن الدعم الذي سيتم إقراره سيصرف (حتماً) قبل بدء العمل بالزيادة الجديدة المرتقبة على تعرفة الخدمات العامة.

ملاحظتي الوحيدة على البرنامج هي أن تصميمه تم بناءً على دخل (الأسرة) وليس على دخل المُعيل، وهو مفهوم مقبول في الغرب، ولكنه لدينا لا ينسجم مع البُعد الشرعي ولا التركيبة الاجتماعية المحلية؛ إذ نعلم أن القوامة المالية تقع على عاتق الرجل، لذلك آمل من القائمين على البرنامج دراسة استبعاد دخل الزوجة العاملة أو ممتلكاتها عند احتساب الدعم، لأن المرأة غير مكلّفة شرعا ولا نظاماً بالإنفاق على الأسرة، لذلك فإن استمرار احتساب دخل الزوجة ضمن الدخل الأسري، سيحرم ملايين الأسر (المُستحقة) من الاستفادة من البرنامج، وهو ما يتنافى مع أهدافه.