اقتحم العرب عالم تأليف الكتب بدءاً من القرن الثالث الهجري، ابتدأوا التأليف بصورة بسيطة ومحدودة كمعظم البدايات، ثم تدرجوا فيه حتى متى جاء القرن الرابع الهجري إذا بمؤلفاتهم وقد بلغت شأنا عاليا في التوسع والانفتاح على جميع فروع المعرفة.
لكن حديثي إليكم هذا الصباح، ليس عن المؤلفات العربية نفسها، وإنما عن عناوينها التي اختارها واضعوها!
عناوين المؤلفات العربية التقليدية، عالم منفرد بذاته، فهي ليست تدل على محتوى الكتاب فحسب، كما تقول العبارة المشهورة (يُقرأ الكتاب من عنوانه)، وإنما هي تكشف ما كان سائدا في زمن مؤلفها وبيئته من أخلاق وعادات وأعراف وموضة وأمراض وأطعمة وغيرها.
مثلا ابن حجر الهيثمي له مؤلف عنوانه (تحذير الثقات من أكل الكفتة والقات) والكفتة المرادة هنا ليست اللحم المشوي كما قد يتبادر إلى ذهن كثيرين، وإنما نوع من الحشيش المخدر، وإذا عرفنا أن الهيثمي من سكان مكة في القرن العاشر الهجري، أدركنا كيف أن تعاطي القات والحشيش كان منتشرا في ذلك القرن إلى الحد الذي دفع بالهيثمي الى تأليف كتاب للتحذير منه!
والسيوطي مؤلف آخر، اختار لكتابه عنوانا طريفا جاذبا فأسماه (الدرة الثمينة في فضل نكاح السمينة) وهو عنوان يكشف معايير جمال المرأة المتعارف عليها في عصر السيوطي (القرن التاسع الهجري)، التي ظلت ثابتة على خطى معايير الجمال القديمة التي عرفها قدماء العرب، الذين كانوا يعشقون القوام السمين للمرأة.
ابن طولون الصالحي، له كتاب يحمل عنوان (منهل اللطائف في الكنافة والقطايف)، وحين تقرأ مثل هذا العنوان تدرك أن الكنافة والقطايف ليستا من الأطعمة المخترعة في العصر الحديث، وأن العرب عرفوهما منذ القرن العاشر الهجري عصر الصالحي، وربما قبل ذلك.
على أية حال، هذه عناوين طريفة لبعض الكتب القديمة التي تصف بعض جوانب الحياة في المجتمع العربي في عصرها، لكن هناك عناوين أخرى لكتب أخرى، تقوم بدور آخر، فهي تعكس بعض ما كانت عليه طباع الناس في زمنها. بعض العناوين تحمل ألفاظا فيها كثير من العنف والعدوانية، مثل (الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة) للهيثمي، و(السيف البراق في عنق الولد العاق) لتقي الدين التميمي، و(سل السيوف والأسنة، على أهل الهوى وأدعياء السنة) للظفيري. هذه العناوين المفعمة بالعنف اللفظي، قد تكون تعبيرا عما في طبيعة واضعيها من عدوانية، تجعلهم يجدون لذة في ألفاظ العنف التي تصف إيقاع الأذى بالمخالف، كما أنها قد تكون تعبيرا عن سمة الميل إلى العنف الغالبة على المجتمع الذي وضعت فيه، مما جعل مثل هذه العناوين تجد لها رواجا بين الناس.
لكن حديثي إليكم هذا الصباح، ليس عن المؤلفات العربية نفسها، وإنما عن عناوينها التي اختارها واضعوها!
عناوين المؤلفات العربية التقليدية، عالم منفرد بذاته، فهي ليست تدل على محتوى الكتاب فحسب، كما تقول العبارة المشهورة (يُقرأ الكتاب من عنوانه)، وإنما هي تكشف ما كان سائدا في زمن مؤلفها وبيئته من أخلاق وعادات وأعراف وموضة وأمراض وأطعمة وغيرها.
مثلا ابن حجر الهيثمي له مؤلف عنوانه (تحذير الثقات من أكل الكفتة والقات) والكفتة المرادة هنا ليست اللحم المشوي كما قد يتبادر إلى ذهن كثيرين، وإنما نوع من الحشيش المخدر، وإذا عرفنا أن الهيثمي من سكان مكة في القرن العاشر الهجري، أدركنا كيف أن تعاطي القات والحشيش كان منتشرا في ذلك القرن إلى الحد الذي دفع بالهيثمي الى تأليف كتاب للتحذير منه!
والسيوطي مؤلف آخر، اختار لكتابه عنوانا طريفا جاذبا فأسماه (الدرة الثمينة في فضل نكاح السمينة) وهو عنوان يكشف معايير جمال المرأة المتعارف عليها في عصر السيوطي (القرن التاسع الهجري)، التي ظلت ثابتة على خطى معايير الجمال القديمة التي عرفها قدماء العرب، الذين كانوا يعشقون القوام السمين للمرأة.
ابن طولون الصالحي، له كتاب يحمل عنوان (منهل اللطائف في الكنافة والقطايف)، وحين تقرأ مثل هذا العنوان تدرك أن الكنافة والقطايف ليستا من الأطعمة المخترعة في العصر الحديث، وأن العرب عرفوهما منذ القرن العاشر الهجري عصر الصالحي، وربما قبل ذلك.
على أية حال، هذه عناوين طريفة لبعض الكتب القديمة التي تصف بعض جوانب الحياة في المجتمع العربي في عصرها، لكن هناك عناوين أخرى لكتب أخرى، تقوم بدور آخر، فهي تعكس بعض ما كانت عليه طباع الناس في زمنها. بعض العناوين تحمل ألفاظا فيها كثير من العنف والعدوانية، مثل (الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة) للهيثمي، و(السيف البراق في عنق الولد العاق) لتقي الدين التميمي، و(سل السيوف والأسنة، على أهل الهوى وأدعياء السنة) للظفيري. هذه العناوين المفعمة بالعنف اللفظي، قد تكون تعبيرا عما في طبيعة واضعيها من عدوانية، تجعلهم يجدون لذة في ألفاظ العنف التي تصف إيقاع الأذى بالمخالف، كما أنها قد تكون تعبيرا عن سمة الميل إلى العنف الغالبة على المجتمع الذي وضعت فيه، مما جعل مثل هذه العناوين تجد لها رواجا بين الناس.