لا تكاد تمضي أسابيع إلا وتصدمنا أرقام وإحصاءات ودراسات جديدة بمفاجآت قياسية سعودية جديدة. وسبب صدمتنا ليس نابعاً من سلوكياتنا وممارساتنا ذاتها، إنما هو ناتج عن مقارنة تلك السلوكيات والممارسات بنظيرتها لدى الشعوب والمجتمعات والثقافات الأخرى.
لستُ من المغرمين بالأرقام والدراسات والإحصاءات من دون قراءة تلك السلوكيات والممارسات في ضوء علاقتها وارتباطها بغيرها من سلوكياتنا المرتبطة بها والمتأثرة والمؤثرة بها والدوافع التي تقف وراءها وتحول دون تغيير تلك السلوكيات والممارسات في ضوء وعي صحي واقتصادي واجتماعي جديد.
تحذرنا الإحصاءات والدراسات من أننا بتنا من بين الشعوب الأكثر هدراً للمياه والأكثر هدراً واستهلاكاً للكهرباء والأكثر استخداما للطاقة وآخر تلك الإحصاءات والأرقام طالعتنا هذا الأسبوع بأننا الأكثر هدراً للغذاء. ناهيك عن سلوكيات أخرى كثيرة تبدأ بنسبة حوادث السيارات المرعبة في المملكة ولا تنتهي عند الهياط والمهايط. بعضها نسب لم تصلها بعد يد الإحصاءات والأرقام والدراسات وهي ذات صلة وطيدة بنفس المرض.
كالعادة انطلقت الأصوات وقرعت أجراس الخطر وتنادى المنادون بحملات التوعية بعد كل نتائج صادمة، بعضها وصل لسن القوانين الكفيلة بمعاقبة أصحاب تلك الممارسات والسلوكيات. وهي إجراءات في تقديري ستحدث أثراً موقتا ومحدودا، لأن الشق أكبر من الرقعة كما يقول المثل. فلا يمكن أن تعالج سلوكا بعينه دون معالجة ما وراء تلك السلوكيات والممارسات من دوافع. اللاوعي المحلي مثقل بممارسات وسلوكيات عمرها هو عمر الصحراء وتاريخها هو تاريخ البداوة يمارسها الناس بوحي من اللاوعي المثقل بالعيب الاجتماعي. فلا يستقيم معالجة هدر الماء، دون معالجة هدر الطاقة ولا يمكن معالجة ظاهرة التفحيط وسرعة السيارات وكثرة الحوادث بمعزل عن معالجة هدر الغذاء ولا يمكن معالجة هدر الغذاء من غير معالجة الهياط والفشخرة والتفاخر والمبالغات الاجتماعية والأسرية، لا يمكن معالجة سلوك الهياط والفشخرة، من دون إنتاج قيم جديدة وعصرية تلبي مستجدات العصر. لا بد أولا من تعرية تلك القيم المتحجرة والمتكلسة تحت عناوين الكرم والسخاء والفخر. فشلت مؤسسات المجتمع بإنتاج قيم جديدة تشب سلوك الناس وتهذب قناعاتهم.
إن أغلب حملات التوعية التي تهدف للإقلاع عن سلوكيات أو ممارسات سيئة حسب علمي هي حملات فاشلة والسبب أنها تتعامل مع رأس الجبل الجليدي ولا تذهب بعمق الجبل الجليدي وإلى الجذور، فالجبل الجليدي الخفي وراء أغلب ممارساتنا وسلوكياتنا الاجتماعية ثقافة تتحصن في اللاوعي يحفزها ويستثيرها العيب الاجتماعي.
لقد أصبحنا كائنات تتشبث بالقشور المتوارثة دون معرفة حقيقية بمعاني ودلالات تلك السلوكيات والممارسات التي لا شك أن بعضها كان له معنى ودلالة في زمنٍ ما ولحاجة ما، لكن فقر مؤسساتنا التربوية والأسرية والإعلامية والثقافية عن إنتاج قيم جديدة عصرية هو ما جعل الأجيال تلو الأجيال تستنسخ تلك السلوكيات والممارسات وتحاكيها وتتوسع بها وتبالغ بها بمعزل عن دلالاتها ومعانيها تحت سطوة التقليد السطحي وإملاء اللاوعي المثقل بالعيب الاجتماعي.
إنني أشفق على الذين يمارسون البذخ والإسراف والتبذير والهدر بجهل، تحت عناوين الكرم والسخاء والجود والضيافة وغيرها. إنما الكرم والسخاء والجود قيمٌ بريئة مما يفعلون وبعيدة عما يظنون. الكرم قيمة أسمى وأعمق مما تحاول أن تجسده البلديات وأمانات المدن بصينية وصحون المفطحات في مداخل مدننا بشكل مقزز ويدعو للشفقة على أصحاب هذه الأفكار الفقيرة فنيا وفلسفيا للتعبير عن الكرم العربي الأصيل.
لست ضد الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من هدر المياه والإسراف بالولائم والمناسبات وتبذير الطاقة وغيرها مما لم يتسن للأرقام والإحصاءات والدراسات الوصول له بعد، فهذه إجراءات تعالج تلك السلوكيات والممارسات في ظواهرها، لكنني أؤمن بأن الحل هو إنتاج قيم عصرية تقوم على استزراع ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وصناديق التكافل للأسر والعائلات والأحياء ومكافحة الفقر وتمكين الأسر المحتاجة والمساعدة على علاج المرضى وتعليم الطلاب محدودي الدخل وتدريبهم. أرى أن يكون للمؤسسات الحكومية المعنية أن تتدخل في إعادة إنتاج هذه القيم الإنسانية الإيجابية واستثمارها بشكل عصري صحيح وإعادة توجيهها سواء تلك النابعة من قناعة دينية أو تلك النابعة من دافع اجتماعي.
لستُ من المغرمين بالأرقام والدراسات والإحصاءات من دون قراءة تلك السلوكيات والممارسات في ضوء علاقتها وارتباطها بغيرها من سلوكياتنا المرتبطة بها والمتأثرة والمؤثرة بها والدوافع التي تقف وراءها وتحول دون تغيير تلك السلوكيات والممارسات في ضوء وعي صحي واقتصادي واجتماعي جديد.
تحذرنا الإحصاءات والدراسات من أننا بتنا من بين الشعوب الأكثر هدراً للمياه والأكثر هدراً واستهلاكاً للكهرباء والأكثر استخداما للطاقة وآخر تلك الإحصاءات والأرقام طالعتنا هذا الأسبوع بأننا الأكثر هدراً للغذاء. ناهيك عن سلوكيات أخرى كثيرة تبدأ بنسبة حوادث السيارات المرعبة في المملكة ولا تنتهي عند الهياط والمهايط. بعضها نسب لم تصلها بعد يد الإحصاءات والأرقام والدراسات وهي ذات صلة وطيدة بنفس المرض.
كالعادة انطلقت الأصوات وقرعت أجراس الخطر وتنادى المنادون بحملات التوعية بعد كل نتائج صادمة، بعضها وصل لسن القوانين الكفيلة بمعاقبة أصحاب تلك الممارسات والسلوكيات. وهي إجراءات في تقديري ستحدث أثراً موقتا ومحدودا، لأن الشق أكبر من الرقعة كما يقول المثل. فلا يمكن أن تعالج سلوكا بعينه دون معالجة ما وراء تلك السلوكيات والممارسات من دوافع. اللاوعي المحلي مثقل بممارسات وسلوكيات عمرها هو عمر الصحراء وتاريخها هو تاريخ البداوة يمارسها الناس بوحي من اللاوعي المثقل بالعيب الاجتماعي. فلا يستقيم معالجة هدر الماء، دون معالجة هدر الطاقة ولا يمكن معالجة ظاهرة التفحيط وسرعة السيارات وكثرة الحوادث بمعزل عن معالجة هدر الغذاء ولا يمكن معالجة هدر الغذاء من غير معالجة الهياط والفشخرة والتفاخر والمبالغات الاجتماعية والأسرية، لا يمكن معالجة سلوك الهياط والفشخرة، من دون إنتاج قيم جديدة وعصرية تلبي مستجدات العصر. لا بد أولا من تعرية تلك القيم المتحجرة والمتكلسة تحت عناوين الكرم والسخاء والفخر. فشلت مؤسسات المجتمع بإنتاج قيم جديدة تشب سلوك الناس وتهذب قناعاتهم.
إن أغلب حملات التوعية التي تهدف للإقلاع عن سلوكيات أو ممارسات سيئة حسب علمي هي حملات فاشلة والسبب أنها تتعامل مع رأس الجبل الجليدي ولا تذهب بعمق الجبل الجليدي وإلى الجذور، فالجبل الجليدي الخفي وراء أغلب ممارساتنا وسلوكياتنا الاجتماعية ثقافة تتحصن في اللاوعي يحفزها ويستثيرها العيب الاجتماعي.
لقد أصبحنا كائنات تتشبث بالقشور المتوارثة دون معرفة حقيقية بمعاني ودلالات تلك السلوكيات والممارسات التي لا شك أن بعضها كان له معنى ودلالة في زمنٍ ما ولحاجة ما، لكن فقر مؤسساتنا التربوية والأسرية والإعلامية والثقافية عن إنتاج قيم جديدة عصرية هو ما جعل الأجيال تلو الأجيال تستنسخ تلك السلوكيات والممارسات وتحاكيها وتتوسع بها وتبالغ بها بمعزل عن دلالاتها ومعانيها تحت سطوة التقليد السطحي وإملاء اللاوعي المثقل بالعيب الاجتماعي.
إنني أشفق على الذين يمارسون البذخ والإسراف والتبذير والهدر بجهل، تحت عناوين الكرم والسخاء والجود والضيافة وغيرها. إنما الكرم والسخاء والجود قيمٌ بريئة مما يفعلون وبعيدة عما يظنون. الكرم قيمة أسمى وأعمق مما تحاول أن تجسده البلديات وأمانات المدن بصينية وصحون المفطحات في مداخل مدننا بشكل مقزز ويدعو للشفقة على أصحاب هذه الأفكار الفقيرة فنيا وفلسفيا للتعبير عن الكرم العربي الأصيل.
لست ضد الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من هدر المياه والإسراف بالولائم والمناسبات وتبذير الطاقة وغيرها مما لم يتسن للأرقام والإحصاءات والدراسات الوصول له بعد، فهذه إجراءات تعالج تلك السلوكيات والممارسات في ظواهرها، لكنني أؤمن بأن الحل هو إنتاج قيم عصرية تقوم على استزراع ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وصناديق التكافل للأسر والعائلات والأحياء ومكافحة الفقر وتمكين الأسر المحتاجة والمساعدة على علاج المرضى وتعليم الطلاب محدودي الدخل وتدريبهم. أرى أن يكون للمؤسسات الحكومية المعنية أن تتدخل في إعادة إنتاج هذه القيم الإنسانية الإيجابية واستثمارها بشكل عصري صحيح وإعادة توجيهها سواء تلك النابعة من قناعة دينية أو تلك النابعة من دافع اجتماعي.