كان النموذج الذي مثلته أرامكو مبكرا فرصة كبرى لأن يتجاوز تأثيره البعد الاقتصادي إلى أبعاد ثقافية وتنظيمية أكبر. لكن يبدو أننا سعينا لنحاصر تأثيرات أرامكو الثقافية واكتفينا بها مصدرا اقتصاديا فقط، ولو كنا مكنا أرامكو أكثر في المجتمع لكنا أسهمنا في بناء ثقافة أكثر تنوعا وابتعادا عن الانشغال بقضايا تجاوزها العالم من حولنا.
في كثير من بلدان العالم لعبت الشركات الكبرى دورا محوريا تجاوز الاقتصاد والدخل إلى التنمية بمفهومها الشامل واستطاعت بناء ثقافة جديدة ومؤثرة ولأن المال يسهم في تغيير الأفكار وتحولات الاقتصاد تحمل معها تحولات فكرية واسعة فقد كانت أرامكو فرصة كبرى للقيام بكل ذلك، وبدل أن يرتبط الدخل المالي في وعينا الاجتماعي بالوظيفة كان يجب أن يربط بالمصدر الأساسي لذلك الدخل وهو أرامكو؛ أرامكو وليس النفط ففي كثير من بلدان المنطقة التي تشهد تراجعا على كل المستويات توجد وفرة نفطية ومع ذلك تعاني من انهيارات مستمرة ويكفى النظر إلى ليبيا أو العراق مثلا وهي بلدان نفطية بامتياز لكن الذي لديها هو النفط فقط وليس لديها أرامكو.
لقد بنينا أرامكو كما تبنى البلدان والمدن الناشئة؛ استقدام للأنظمة والبرامج والمعرفة، واستقدام أيضا لكل عوامل التأهيل والتدريب والتعليم وصولا إلى بناء جيل جديد قادر على الإدارة والابتكار ويحمل كل مقومات الوعي الاجتماعي والوظيفي الذي يجعله قادرًا على أن يحل محل الأجنبي، وهكذا أصبحت أرامكو سعودية خالصة، وهي اللحظة التي كان يجب أن ينطلق فيها مشروع أرامكو للتنمية الشاملة، الشاملة لكل شيء.
التعليم مثلا في أرامكو اختلف عن التعليم في بقية المملكة، ويا له من خطأ مبكّر ومحوري علما أن الأهداف التي كان يسعى نظام التعليم في أرامكو لتحقيقها هي ذات الأهداف التي كان الوطن بأكمله ينشدها من التعليم وفيما نجح تعليم أرامكو واستطاع بناء أجيال جديدة نوعية متميزة ظل تعليمنا مسرحا للمعارك الفكرية وسيطرة التيارات والتوغل الحزبي ومعركة المناهج وغيرها من القضايا التي أربكت التعليم كتوجه وكفكرة وكمشروع ولا يزال إشكالية كبرى إلى اليوم.
ثقافة استيعاب الآخر والمختلف بل والاحتفاء به كانت من أبرز القيم الثقافية في مجتمع أرامكو، لكنها تختلف تماما خارج أسوار المجمعات السكنية الراقية التابعة للشركة.
الانفتاح ودور المرأة في مجتمع أرامكو أكثر حضورا وتمكينا منه في الخارج. وكذلك العلاقة مع الفنون والترفيه والاستمتاع كانت ثقافة حيوية في أرامكو لكنها ليست كذلك خارجها.
الشركات في كل العالم لها ثقافتها القائمة على بناء الأرضيّة التي تسمح لها بالنجاح والتطور، وهكذا تصنع شركة دبي القابضة وشركة إعمار والشركات التي نشأت في أوساط تقليدية، ولو تركنا المجتمع يواجه فكرة إما الثراء والحياة الكريمة التي ترتبط بنهج أرامكو المعيشي وإما البقاء بعيدا عن كل ذلك لاختار المجتمع العيش الكريم وحياة الرفاه، لكننا فصلنا بين المستويين.
لقد تم إخفاء أرامكو من عوامل التأثير وتم ربط التحولات بالنتائج وليس بالأدوات، أي لم يصل للمجتمع فكرة أنه لولا أرامكو المنفتحة لم يكن لك أن تبني هذا المجتمع الثري المحافظ
ولولا أرامكو المنفتحة التي تعج بالأجانب والأمريكان لما كان لذلك الخطيب ألف مسجد يقف على منابرها ليكيل التهم والاستعداء للمخالف، ولولا أرامكو المنفتحة لما كانت المدارس والجامعات ولا الأموال التي صرفت على المراكز الصيفية وحلقات التحفيظ.
اليوم ونحن نستعد لطرح جزء من أرامكو للاكتتاب وهي الفكرة التي سال لها لعاب الأسواق العالمية، يجب أن نفكر في إعادة بناء التأثير الثقافي لأرامكو، ومثلما تبني أرامكو برامج تعليمية وتدريبية ومثلما بنت وأدارت أرامكو جامعة كاوست ومثلما قامت بأدوار ثقافية واجتماعية واسعة، فما الذي يمنع أن تعود أرامكو لتأثير أكبر في نشر نماذج نجاحها وتميزها على كل المستويات.
إنني أجزم لو أن أرامكو افتتحت وأدارت كليات للشريعة وأصول الدين لكان خريجوها اليوم أكثر حضورا وتأثيرا وتنوعا.
لقد نجحنا للغاية في بناء هذا النموذج العالمي الكبير فما الذي يحول دون أن نمنحه مساحة جديدة للتأثير والتنمية، وإذا تراجعت أسعار النفط فستكون أرامكو أكبر من مجرد شركة بل هي قائد للتغيير الثقافي والاجتماعي.
في كثير من بلدان العالم لعبت الشركات الكبرى دورا محوريا تجاوز الاقتصاد والدخل إلى التنمية بمفهومها الشامل واستطاعت بناء ثقافة جديدة ومؤثرة ولأن المال يسهم في تغيير الأفكار وتحولات الاقتصاد تحمل معها تحولات فكرية واسعة فقد كانت أرامكو فرصة كبرى للقيام بكل ذلك، وبدل أن يرتبط الدخل المالي في وعينا الاجتماعي بالوظيفة كان يجب أن يربط بالمصدر الأساسي لذلك الدخل وهو أرامكو؛ أرامكو وليس النفط ففي كثير من بلدان المنطقة التي تشهد تراجعا على كل المستويات توجد وفرة نفطية ومع ذلك تعاني من انهيارات مستمرة ويكفى النظر إلى ليبيا أو العراق مثلا وهي بلدان نفطية بامتياز لكن الذي لديها هو النفط فقط وليس لديها أرامكو.
لقد بنينا أرامكو كما تبنى البلدان والمدن الناشئة؛ استقدام للأنظمة والبرامج والمعرفة، واستقدام أيضا لكل عوامل التأهيل والتدريب والتعليم وصولا إلى بناء جيل جديد قادر على الإدارة والابتكار ويحمل كل مقومات الوعي الاجتماعي والوظيفي الذي يجعله قادرًا على أن يحل محل الأجنبي، وهكذا أصبحت أرامكو سعودية خالصة، وهي اللحظة التي كان يجب أن ينطلق فيها مشروع أرامكو للتنمية الشاملة، الشاملة لكل شيء.
التعليم مثلا في أرامكو اختلف عن التعليم في بقية المملكة، ويا له من خطأ مبكّر ومحوري علما أن الأهداف التي كان يسعى نظام التعليم في أرامكو لتحقيقها هي ذات الأهداف التي كان الوطن بأكمله ينشدها من التعليم وفيما نجح تعليم أرامكو واستطاع بناء أجيال جديدة نوعية متميزة ظل تعليمنا مسرحا للمعارك الفكرية وسيطرة التيارات والتوغل الحزبي ومعركة المناهج وغيرها من القضايا التي أربكت التعليم كتوجه وكفكرة وكمشروع ولا يزال إشكالية كبرى إلى اليوم.
ثقافة استيعاب الآخر والمختلف بل والاحتفاء به كانت من أبرز القيم الثقافية في مجتمع أرامكو، لكنها تختلف تماما خارج أسوار المجمعات السكنية الراقية التابعة للشركة.
الانفتاح ودور المرأة في مجتمع أرامكو أكثر حضورا وتمكينا منه في الخارج. وكذلك العلاقة مع الفنون والترفيه والاستمتاع كانت ثقافة حيوية في أرامكو لكنها ليست كذلك خارجها.
الشركات في كل العالم لها ثقافتها القائمة على بناء الأرضيّة التي تسمح لها بالنجاح والتطور، وهكذا تصنع شركة دبي القابضة وشركة إعمار والشركات التي نشأت في أوساط تقليدية، ولو تركنا المجتمع يواجه فكرة إما الثراء والحياة الكريمة التي ترتبط بنهج أرامكو المعيشي وإما البقاء بعيدا عن كل ذلك لاختار المجتمع العيش الكريم وحياة الرفاه، لكننا فصلنا بين المستويين.
لقد تم إخفاء أرامكو من عوامل التأثير وتم ربط التحولات بالنتائج وليس بالأدوات، أي لم يصل للمجتمع فكرة أنه لولا أرامكو المنفتحة لم يكن لك أن تبني هذا المجتمع الثري المحافظ
ولولا أرامكو المنفتحة التي تعج بالأجانب والأمريكان لما كان لذلك الخطيب ألف مسجد يقف على منابرها ليكيل التهم والاستعداء للمخالف، ولولا أرامكو المنفتحة لما كانت المدارس والجامعات ولا الأموال التي صرفت على المراكز الصيفية وحلقات التحفيظ.
اليوم ونحن نستعد لطرح جزء من أرامكو للاكتتاب وهي الفكرة التي سال لها لعاب الأسواق العالمية، يجب أن نفكر في إعادة بناء التأثير الثقافي لأرامكو، ومثلما تبني أرامكو برامج تعليمية وتدريبية ومثلما بنت وأدارت أرامكو جامعة كاوست ومثلما قامت بأدوار ثقافية واجتماعية واسعة، فما الذي يمنع أن تعود أرامكو لتأثير أكبر في نشر نماذج نجاحها وتميزها على كل المستويات.
إنني أجزم لو أن أرامكو افتتحت وأدارت كليات للشريعة وأصول الدين لكان خريجوها اليوم أكثر حضورا وتأثيرا وتنوعا.
لقد نجحنا للغاية في بناء هذا النموذج العالمي الكبير فما الذي يحول دون أن نمنحه مساحة جديدة للتأثير والتنمية، وإذا تراجعت أسعار النفط فستكون أرامكو أكبر من مجرد شركة بل هي قائد للتغيير الثقافي والاجتماعي.