من زمان جدتي وجداتكم عشان لا أحد يزعل، فكلنا لنا جدات لا فرق بين مواطن وآخر، من ذاك الزمن والترفيه قضية حقيقية أو هلامية كله محصل بعضه، إنما هي قصة ممتدة من جيل إلى آخر، وكل يرى ضرورة الترفيه ولكن كان سقف الأماني ينزل ويصعد ثم ينزل وهكذا كما المصعد طالع نازل، ولكن في النهاية هو في نفس المحل. المهم خلينا في زمن جدتنا كان الترفيه هو أن تتلم العيلة الميسورة في سيارة، وحتى لو كانت مهلهلة أو مكسرة ويتجهون إلى البر الذي لا يبعد أكثر من عشرة كيلومترات عن طرف المدينة (جدة)، ويفترشون حنبلا وينزلون أدوات الترفيه، طبعا لا يروح بالكم بعيد فالأسطوانات ومكينتها ضرب من المستحيلات وأزيدكم من الشعر بيت حتى الراديو ممنوع تعييره على أغاني فإذا فعلتها فاعلم أنه قد ثكلتك أمك «البعيد»، طبعا أدوات الترفيه هي براد الشاي وحبتين شابورة، وإذا تمعظمتم كورة منسمة يلعب بها الأولاد، ويمكن يشاركهم الأب لأن الأم ملفلفة بالعباية، ويادوب تشوف، ونسيت أنهم دون خوف أو وجل قد يجلبون معهم بعض الفصفص وإن كان فيه مضيعة للوقت ولكن الشهادة لله، ما كان أحد يحاسبهم أو يضرب علي يدهم بسبب «الفصفصة». كانوا يقضون تلك الساعة غالبا يوم الجمعة ثم يعودون مسرعين إلى بيوتهم كالطيور المهاجرة العائدة للوطن وهم في منتهى السعادة والحبور.
أذكر أنه كان عند أحد أنسابنا، وهم كانوا في ذلك الوقت من الذين يعتبرون من ميسوري الحال فقد كان راتب رب البيت حوالى ألفي ريال، ولكن كان بيتهم مفتوحا للأبناء والأقارب والضيوف، أنسباؤنا كان عندهم ماكينة الأسطوانات وكانوا في ذلك الوقت يسمونها الشنطة، وكنا إذا أردنا نسمع أغنية لأحد مطربي ذاك الزمن لابد من الاستئذان ثم إعلان حالة الطوارئ، فهم كانوا يسكنون في منزل به ثلاثة أحواش وكان المنزل في الوسط وبين أقرب نقطة للشارع حوالى خمسين مترا. كنا نغلق الأبواب كافة، بما فيها باب المنزل الداخلي ثم باب الغرفة ومن بعد نضع منشفة داخل المكينة في مكان إظهار الصوت حتي يخفت، وكل ذلك خوفا من أن نضبط متلبسين بجريمة الاستماع إلى أغنية، بعد تلك الفترة تطورت المسألة وأصبح هناك حفلات وخاصة في الطائف على المكشوف وأنت تشوف، وكان مبررهم حفلات وطنية ثم يقلبونها إلى أغان عاطفية وكان يقودها الفنان العميد طارق عبد الحكيم رحمه الله، ويبدو أن الاعتقاد العام أن الجيش هو القيم على الحفل جعل الأمور تمر بسلام. ثم جاءت فترة ازدهر فيها الفن وكان أهم وسيلة من وسائل الترفيه فكانت تقام الحفلات حتى في المقاهي وكان هناك سجال ومنافسات فنية وخاصة بين القطبين طلال مداح ومحمد عبده، وخاصة في عهد الوزير المبدع جميل الحجيلان، ثم جاء ركود فني وترفيهي بالغ الصعوبات إلى أن غزانا العم سام بالدشات والتي أهلكتها «النبيلات» التي كان يصوبها من يعتقد أنها من المحرمات، وأمست الآن في كل البيوتات، وأصبحت الأفلام وغيرها من المسلمات وعلى «قفا من يشيل» وما نطيل عليكم نحمد الله جت على مانتمنى، أنشئت هيئة الترفيه وهذه نقلة مفاجئة ولكن مرحب بها. وانتظر الناس أجندة الهيئة ولكن كانت عبارة عن فلاشات بين وقت وآخر بعضها سقفها منخفض وبعضها عال وبعضها دون سقف، وغالبية الفعاليات غالية الأثمان لا يستطيع معها لا متوسط الدخل وأكيد ولا الغلبان ليس حضورها بل حتى سماع أخبارها، لأنها ستورثه الحسرة. لكن ما نحن بصدده الحياة كانت صعبة وصارت أصعب وكانت تحتاج للترفيه للتسلية والانبساط أما الآن فنحن نحتاجه لأنه ضرورة ملحة بل أصبح وأمسى يوصف من الأطباء كمضاد للكآبة إذا أردنا أن نرفه عن الناس، يجب أن يكن يومي وفِي متناول يد البسطاء، لأن الترفيه الغالي وبالقطاعي لن يفيد، نحتاج فعاليات مستمرة حتى يستطيع كل الناس وبالذات محدودي الدخل أن يسمح الفرد منهم لأبنائه أن يتجرأوا بل بأريحية أن يسألوه «بابا» ولا «يوبه» أين سنذهب هذا المساء؟ ويرد عليهم «تدللوا».
أذكر أنه كان عند أحد أنسابنا، وهم كانوا في ذلك الوقت من الذين يعتبرون من ميسوري الحال فقد كان راتب رب البيت حوالى ألفي ريال، ولكن كان بيتهم مفتوحا للأبناء والأقارب والضيوف، أنسباؤنا كان عندهم ماكينة الأسطوانات وكانوا في ذلك الوقت يسمونها الشنطة، وكنا إذا أردنا نسمع أغنية لأحد مطربي ذاك الزمن لابد من الاستئذان ثم إعلان حالة الطوارئ، فهم كانوا يسكنون في منزل به ثلاثة أحواش وكان المنزل في الوسط وبين أقرب نقطة للشارع حوالى خمسين مترا. كنا نغلق الأبواب كافة، بما فيها باب المنزل الداخلي ثم باب الغرفة ومن بعد نضع منشفة داخل المكينة في مكان إظهار الصوت حتي يخفت، وكل ذلك خوفا من أن نضبط متلبسين بجريمة الاستماع إلى أغنية، بعد تلك الفترة تطورت المسألة وأصبح هناك حفلات وخاصة في الطائف على المكشوف وأنت تشوف، وكان مبررهم حفلات وطنية ثم يقلبونها إلى أغان عاطفية وكان يقودها الفنان العميد طارق عبد الحكيم رحمه الله، ويبدو أن الاعتقاد العام أن الجيش هو القيم على الحفل جعل الأمور تمر بسلام. ثم جاءت فترة ازدهر فيها الفن وكان أهم وسيلة من وسائل الترفيه فكانت تقام الحفلات حتى في المقاهي وكان هناك سجال ومنافسات فنية وخاصة بين القطبين طلال مداح ومحمد عبده، وخاصة في عهد الوزير المبدع جميل الحجيلان، ثم جاء ركود فني وترفيهي بالغ الصعوبات إلى أن غزانا العم سام بالدشات والتي أهلكتها «النبيلات» التي كان يصوبها من يعتقد أنها من المحرمات، وأمست الآن في كل البيوتات، وأصبحت الأفلام وغيرها من المسلمات وعلى «قفا من يشيل» وما نطيل عليكم نحمد الله جت على مانتمنى، أنشئت هيئة الترفيه وهذه نقلة مفاجئة ولكن مرحب بها. وانتظر الناس أجندة الهيئة ولكن كانت عبارة عن فلاشات بين وقت وآخر بعضها سقفها منخفض وبعضها عال وبعضها دون سقف، وغالبية الفعاليات غالية الأثمان لا يستطيع معها لا متوسط الدخل وأكيد ولا الغلبان ليس حضورها بل حتى سماع أخبارها، لأنها ستورثه الحسرة. لكن ما نحن بصدده الحياة كانت صعبة وصارت أصعب وكانت تحتاج للترفيه للتسلية والانبساط أما الآن فنحن نحتاجه لأنه ضرورة ملحة بل أصبح وأمسى يوصف من الأطباء كمضاد للكآبة إذا أردنا أن نرفه عن الناس، يجب أن يكن يومي وفِي متناول يد البسطاء، لأن الترفيه الغالي وبالقطاعي لن يفيد، نحتاج فعاليات مستمرة حتى يستطيع كل الناس وبالذات محدودي الدخل أن يسمح الفرد منهم لأبنائه أن يتجرأوا بل بأريحية أن يسألوه «بابا» ولا «يوبه» أين سنذهب هذا المساء؟ ويرد عليهم «تدللوا».