-A +A
أنمار مطاوع
في الزيارة (الخاطفة) التي نظمتها شركة أرامكو -للكتاب الصحفيين- للتعريف بـ(مدينة جازان الاقتصادية)، كان تاريخ بناء مدينة الجبيل وبناء مدينة ينبع الصناعيتين حاضرا معيدا لنفسه.

الحديث هنا، ليس عن قدرة شركة أرامكو العملاقة على البناء والإنجاز.. فهذه شهادة يقدمها تاريخها وتقدمها منجزاتها وصروحها الحضارية ذات المستوى الباهر الرفيع.. ولا عن جهود أمير جازان محمد بن ناصر.. فهذه أيضا شهادة تقدمها جهوده الفائقة التي يبذلها في التفاوض مع الشركات للاستثمار في المدينة من جهة، ودعمه القوي -من جهة أخرى- للتعليم العام والعالي في المنطقة.. إيمانا منه بأن التعليم هو أساس النهضة. لكن الحديث عن لمحة ثقافية (خاطفة) لمنطقة جازان؛ المنطقة التي يجب أن يعتذر كل من قدمها لنا -كمواطنين لم يسبق لهم زيارتها- على أنها قطعة من البؤس والفقر والتخلف.


جازان بأهلها وأبنائها وأرضها.. واحدة من أسعد وأغنى وأعرق مناطق المملكة ثقافيا. واختيار الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لهذه المنطقة تحديدا لتقام فيها مدينة اقتصادية لم يكن عشوائيا، ولم يكن مجرد جبر خواطر لسكانها.. بل كان حصيلة معلومات تؤكد أن إقامة مدينة اقتصادية في هذه المنطقة سيكون هو الأنجح على مستوى كل المدن الاقتصادية الأخرى.

الإنسان الجيزاني طموح وذكي وسريع التعلم بطبعه. لا يدخل في عمل إلا ويجيده ويتفوق فيه.. فهو بفطرته مبدع؛ كيف لا يكون مبدعا وتراب أرضه مشبع بالإبداع.. أينما يضع قدميه ينبت زهر الشمس.

عندما ذهبت أرامكو إلى جازان وجدت مقومات نجاح أي مشروع؛ إمكانات الطبيعة الجغرافية وإمكانات الإنسان القادر على المواكبة.. فبدأت في وضع قواعدها لإقامة المدينة الاقتصادية؛ صرح عالمي يبشر بمستقبل واعد للوطن. وطالما أن تلك المدينة ستديرها سواعد جيزانية، فهي بخير.. وتعطي الثقة بأنها حتما ستتفوق.

هم يتحدثون عن تغيير ثقافي في المنطقة، وهذه الرؤية قد لا تكون دقيقة وربما لا تنطبق على الواقع.. فالإنسان الجيزاني متأصل في ثقافته التي يستمد جذورها من تراب الأرض التي يمشي عليها، ومن غصون شجر المانجو وحبات القهوة التي يقطفها كل موسم بيديه حبة حبة.. لكن من المؤكد سيأتي تطوير ثقافي يُظهر تلك الثقافة المتعمقة في الأرض المحمولة على أكتاف الفرد ليرتقي بها إلى مستويات عالمية.

أرامكو في جازان تقوم بإنشاء صروح حضارية مبهرة لا يضاهيها سوى صرح الإنسان الجيزاني القادر على مواكبة مستويات الجودة. وقريبا سيشهد الوطن نقلة نوعية في مستوى الصناعة والثقافة والمجتمع ببصمة جيزانية.

عندما تلتقي شركة عملاقة كأرامكو بمنطقة خصبة -بكل مفاهيم الكلمة- كجازان، تتحول الأحلام والآمال إلى معجزة تصنعها السواعد.