لو كنت مكان طهران لقلقت جدا من الاجتماع الاستثنائي، والمفصلي، بين الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فسنوات عجاف ينتظرها «الملالي»، إذا لم يغيروا من سلوكهم العدواني، والإرهابي، في المنطقة والعالم، وعليهم أن يدركوا جيدا، أن زواج «السفاح» السياسي، بين الرئيس الأمريكي السابق أوباما وإيران، قد ولى، إلى غير رجعة.
طهران ظنت خلال السنوات الماضية، أن الصبر السعودي هو انكفاء دبلوماسي وسياسي وأمني، هي لا تعرف بالتأكيد دهاء الرياض، ولا حلمها، ولا صبرها، على أصدقائها وأعدائها، لكنها إن ضربت أوجعت، وكبدت العدو خسائر فادحة، ودعمت الحلفاء فوق ما يتصورون.
إيران ليست وحدها من يراقب اللقاء، فأنقرة والدوحة والقاهرة، وإسلام آباد، وموسكو، تبدو أيضا مهتمة بنتائج الزيارة، خاصة أنها لم تكن زيارة بروتوكولية، بل لقاء حلفاء كبار، يناقشون أجندة سياسية واستثمارية واقتصادية مشتركة، وهو ما سيعيد تموضع كثير من العواصم أمامها.
الاحتفاء غير المسبوق من واشنطن، بالرجل الثالث في سلم القيادة السعودية، أكد أولا أن العلاقات مع الرياض تعود إلى صدارة أولويات واشنطن خارج محيطها، وثانيا، اهتمام خاص بمهندس الاقتصاد السعودي في شكله الجديد محمد بن سلمان، والثقة في البرنامج السعودي الطموح، اقتصاديا وسياسيا.
ثالثا، امتنان عميق، للدور المؤثر، الذي لعبه الأمير الشاب منذ سنتين، في إعادة بناء الثقة مع الدوائر الأمريكية، وهي التي تضررت كثيرا من سياسات أوباما الشرق أوسطية، وعدم الالتفات للفضاء السعودي فيها، والانعطاف كثيرا نحو أعدائها، ومحاولة تمكينهم، على حساب المملكة.
رابعا، ستبقى الرياض حجر الزاوية في المنطقة، وبوابة العالم العربي والإسلامي، وأي دخول من غير هذا الباب، هو كمن يقفز من السور، ما يفرز ضغائن وفتورا، كما حدث خلال الثماني السنوات الفائتة.
خامسا، لن تنسى الدوائر السياسية والأمنية في واشنطن إشارة الملك سلمان الهامة، أمام أوباما: «إن السعودية ليست في حاجة لأحد.. وتستطيع أن تمضي بدون دعم من أي دولة»، والتي جاءت خلال زيارته لواشنطن، بعد توليه عرش البلاد، ما يؤسس لعلاقة قوامها الاحترام والمصالح.
لم تكن تلك العبارة إلا رسالة واضحة، ومكاشفة صريحة، للإدارة الأمريكية السابقة، وخليفتها المرشحة «حينها» هيلاري كلينتون، إن الرياض إذا وجدت أن أصدقاءها يبتعدون عن مراعاة مصالحها، فهي لن تلاحق أحدا، بل ستخلق طريقها الخاص، وإن الخاسر أمنيا واقتصاديا وسياسيا، هو المبتعد وليس نحن.
وهو ما حدث بالفعل، فالفشل السياسي الذريع لأوباما وطاقمه، في سورية وليبيا ومصر واليمن، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتراجع النفوذ الأمريكي في شرق أوروبا، وخسارة القرم لصالح الروس، لا تزال آثاره لليوم.
حفيد المؤسس، الأمير محمد بن سلمان، وهو يعيد ترميم العلاقات بين ضفتي الرياض وواشنطن، يقدم للعالم والأمريكان خاصة، السعودية الجديدة، بعدما خاضت معركة وجود إثر مخلفات الخريف العربي.
سعودية قوية دبلوماسيا، وعسكريا وأمنيا، منفتحة، ومستقلة، قادرة على بناء اقتصاد حديث، مستقبل للاستثمارت، يبني منافع متبادلة، وفرصا مغرية، لكل شركائها، كما أنه يأخذ مقابل ذلك مصالح إستراتيجية، تخدم وطنه ومستقبله خلال العقود القادمة.
m.assaaed@gmail.com
طهران ظنت خلال السنوات الماضية، أن الصبر السعودي هو انكفاء دبلوماسي وسياسي وأمني، هي لا تعرف بالتأكيد دهاء الرياض، ولا حلمها، ولا صبرها، على أصدقائها وأعدائها، لكنها إن ضربت أوجعت، وكبدت العدو خسائر فادحة، ودعمت الحلفاء فوق ما يتصورون.
إيران ليست وحدها من يراقب اللقاء، فأنقرة والدوحة والقاهرة، وإسلام آباد، وموسكو، تبدو أيضا مهتمة بنتائج الزيارة، خاصة أنها لم تكن زيارة بروتوكولية، بل لقاء حلفاء كبار، يناقشون أجندة سياسية واستثمارية واقتصادية مشتركة، وهو ما سيعيد تموضع كثير من العواصم أمامها.
الاحتفاء غير المسبوق من واشنطن، بالرجل الثالث في سلم القيادة السعودية، أكد أولا أن العلاقات مع الرياض تعود إلى صدارة أولويات واشنطن خارج محيطها، وثانيا، اهتمام خاص بمهندس الاقتصاد السعودي في شكله الجديد محمد بن سلمان، والثقة في البرنامج السعودي الطموح، اقتصاديا وسياسيا.
ثالثا، امتنان عميق، للدور المؤثر، الذي لعبه الأمير الشاب منذ سنتين، في إعادة بناء الثقة مع الدوائر الأمريكية، وهي التي تضررت كثيرا من سياسات أوباما الشرق أوسطية، وعدم الالتفات للفضاء السعودي فيها، والانعطاف كثيرا نحو أعدائها، ومحاولة تمكينهم، على حساب المملكة.
رابعا، ستبقى الرياض حجر الزاوية في المنطقة، وبوابة العالم العربي والإسلامي، وأي دخول من غير هذا الباب، هو كمن يقفز من السور، ما يفرز ضغائن وفتورا، كما حدث خلال الثماني السنوات الفائتة.
خامسا، لن تنسى الدوائر السياسية والأمنية في واشنطن إشارة الملك سلمان الهامة، أمام أوباما: «إن السعودية ليست في حاجة لأحد.. وتستطيع أن تمضي بدون دعم من أي دولة»، والتي جاءت خلال زيارته لواشنطن، بعد توليه عرش البلاد، ما يؤسس لعلاقة قوامها الاحترام والمصالح.
لم تكن تلك العبارة إلا رسالة واضحة، ومكاشفة صريحة، للإدارة الأمريكية السابقة، وخليفتها المرشحة «حينها» هيلاري كلينتون، إن الرياض إذا وجدت أن أصدقاءها يبتعدون عن مراعاة مصالحها، فهي لن تلاحق أحدا، بل ستخلق طريقها الخاص، وإن الخاسر أمنيا واقتصاديا وسياسيا، هو المبتعد وليس نحن.
وهو ما حدث بالفعل، فالفشل السياسي الذريع لأوباما وطاقمه، في سورية وليبيا ومصر واليمن، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتراجع النفوذ الأمريكي في شرق أوروبا، وخسارة القرم لصالح الروس، لا تزال آثاره لليوم.
حفيد المؤسس، الأمير محمد بن سلمان، وهو يعيد ترميم العلاقات بين ضفتي الرياض وواشنطن، يقدم للعالم والأمريكان خاصة، السعودية الجديدة، بعدما خاضت معركة وجود إثر مخلفات الخريف العربي.
سعودية قوية دبلوماسيا، وعسكريا وأمنيا، منفتحة، ومستقلة، قادرة على بناء اقتصاد حديث، مستقبل للاستثمارت، يبني منافع متبادلة، وفرصا مغرية، لكل شركائها، كما أنه يأخذ مقابل ذلك مصالح إستراتيجية، تخدم وطنه ومستقبله خلال العقود القادمة.
m.assaaed@gmail.com