الاحتكار مرض یصیب الاقتصاد یأكل صغار الصناعة، ثم كبارها، ثم یلتفت إلى المستهلك فیقدم له القلیل مقابل الكثیر، عندما ننظر إلى منظومة الرعایة الصحیة الأمریكیة، نجد أن الاحتكار أنهكها وأعطى للمستهلك القلیل جداً مقابل تكالیف مرتفعة، وفي بعض الأحیان حرم الكثیر تماماً من الرعایة الصحیة نظرا للارتفاع الفاحش في الإسعار، وعدم قدره الحكومة الأمریكیة محاربة أصحاب المصالح الكبار في سوق تم تقنین الاحتكار فیه سواء من قبل مقدمي الخدمة أو شركات التأمین، ثم نجد أننا في السعودیة لدینا الوعي والقدرة في بعض الأنشطة أن نحارب الاحتكار ونحافظ على مصالح الأغلبیة العظمى من احتكار أقلیة نافذة، ولنا في توازن سوق المنتجات الغذائیة بإشراف وزارة التجارة أمثلة ناجحة، ولكن عندما یتعلق الأمر باحتكار التأمین الطبي، نجد أن الملف تفرق دمه بین القبائل، مؤسسة النقد تنظم عمل شركات التأمین، ولا تجد في سیاساتها أو أنظمتها ما یحاسب شركات التأمین علي الاحتكار أو السیطرة على السوق في واحد من أنشطة التأمین، مثل التأمین الطبي. كما أنه لا يوجد في أنظمة مجلس الضمان الصحي وصلاحیاته ما یعینه على التصدي لظاهرة الاحتكار، ثم أن عددا من أعضاء ذات المجلس من شركات التأمین، فهو موقف صعب نظامیاً وواقعیاً وحتى إنسانیاً. أما مجلس المنافسة، فیجد أن الموضوع قانوني فني مالي شدید التعقید، وربما لیس من الحكمة الدخول فیه لشدة تعقیده، وارتباطه بعدد كبیر من الجهات الحكومیة المهمة، في ظل عدم وجود غطاء قانوني أو تشریعي یعضد من موقفه، وهنا یقف الملف حائراً بین جهات حكومیة عدة، لكل منها أولویات وصلاحیات وإمكانات تكاد تلامس الموضوع ولا تصل إلیه، وربما نجد أنفسنا خلال عدد لیس بعید من السنوات نعاني من كل آفات الاحتكار وأضراره على صناعة الخدمات الصحیة وعلى جودة الخدمات الصحیة وربما قدرة المواطن على الحصول عليها في الأساس، بسبب تأخرنا أو عدم قدرتنا على مواجهة القضیة بشكل وتوقیت مناسبين، قبل أن یفوق الملف قدرة الدولة على حله أو مواجهته، ولا یغیب عن أذهاننا عدم قدرة الحكومة الأمریكیة على مواجهة مصالح متشابكة ومعقدة كونت سرطان الاحتكار في صناعة الخدمات الطبیة، خلال السبعین عاماً الماضیة التي تلت اختراع نظام التأمین الطبي.
عندما یقف رئیس أكبر دولة في العالم غیر قادر على حل الارتفاع السرطاني لتكلفة التأمین الطبي وأسعار الخدمات الطبیة، بل وقدرة الدولة على تغطیة احتیاجات مواطنيها من الرعایة الصحیة، لابد إذن أن لا نؤجل أو نتوانى عن علاج المرض العضال، «مرض الاحتكار» الذي سیصیبنا جمیعاً ویضر بنا جميعا. صغاراً وكباراً.
احتكار التأمین الطبي لیس قضیة بسیطة أو هامشیة، ولا بد من تطویر الأنظمة والسیاسات التي تمنع حدوثها.
Hazem.zagzoug@andalusiagroup.net
عندما یقف رئیس أكبر دولة في العالم غیر قادر على حل الارتفاع السرطاني لتكلفة التأمین الطبي وأسعار الخدمات الطبیة، بل وقدرة الدولة على تغطیة احتیاجات مواطنيها من الرعایة الصحیة، لابد إذن أن لا نؤجل أو نتوانى عن علاج المرض العضال، «مرض الاحتكار» الذي سیصیبنا جمیعاً ویضر بنا جميعا. صغاراً وكباراً.
احتكار التأمین الطبي لیس قضیة بسیطة أو هامشیة، ولا بد من تطویر الأنظمة والسیاسات التي تمنع حدوثها.
Hazem.zagzoug@andalusiagroup.net