أحيانا تكون هناك حاجة لرؤية الذات عبر مرآة الغير ليحصل وعي موضوعي بحقيقة الذات، وعندما نرى أن المسوغ الأساسي للإرهاب هو شيوع غلو وتنطع تحريم الحلال، بحيث إن الدولة عندما تسمح بهذا الحلال ينظر لقرارها هذا على أنه مخالفة للشرع وموجب لتكفيرها والخروج المسلح عليها وتكفير وقتل من يعمل فيها وكل من لا يكفرهم، وبهذا استحلوا قتل عموم المسلمين، عندها تظهر الحاجة لرؤية ذاتنا في مرآة أهل دين آخر، وتحديدا طائفة الآميش المسيحية التي تتواجد في أمريكا وكندا وتعداد أتباعها نحو 250 ألفا، ومن محرماتهم التي يعتبرون أنها تردي بالدنيا والآخرة من يتعاطاها وتجعل مصيره جهنم؛ الكهرباء والتكنولوجيا، وسائل النقل الحديثة كالسيارات والطائرات، ولذا يستخدمون عربات تجرها الحيوانات، وبالنسبة للنساء يحرم عليهن تولي قيادة العربة بالإمساك بلجام الحيوان، فالقياد يجب أن يكون دائما مع ذكر، التصوير والموسيقى، الاختلاط بالعالم الخارجي، العلاج بالطب الحديث، اللباس غير التقليدي الموحد، حيث إن هناك لباسا موحدا للنساء بدون إزرار وبلون أسود أو قريب منه حتى في البيت وبدون زينة، ولباسا موحدا للرجال ويمنع حلق اللحى، التعليم الحديث الذي يتجاوز المرحلة الابتدائية وغالبا يكون بمدارسهم التقليدية، ولا يعترفون بالدولة الحديثة وأنظمتها، ومن يخرق المحرمات يطرد ويمنع الأهل من تكليمه وإن مات يعتبرون أن مآله لجهنم ويدفن بكفن أسود علامة على أن مصيره جهنم، بينما الآميش العادي يدفن بكفن أبيض، ومواعظهم غالبها قصص رعب وترهيب مفبركة عن مصير من سقط في إغراء التكنولوجيا الحديثة واستعملها وكيف أن الشياطين تلبست به واستحال إخراجها منه وقتلته، وباختصار هم يحرمون كل ما لم يكن موجودا في عصر المسيح ومن باب سد الذرائع، وحالهم كان يمكن أن يكون حال جميع المسلمين لو اتبعوا الفتاوى التي حرمت كثيرا من الحلال بدعوى سد الذرائع وهذه خطيئة لا تقل عن تحليل الحرام، كتحريم تعليم الفتيات وقيادة المرأة للسيارة والموسيقى، وتحريم كل مستجدات العصور بما في ذلك آلة الطباعة بالعصور الوسطى وصنابير المياه لسوء فهم مبدأ البدعة الذي يقتصر على تغيير فروض الدين المنصوص عليها بالقرآن وصحيح السنة لافتقار أصحاب تلك الفتاوى للوعي العقلي الموضوعي، فالمسلمون فيهم أمثال الآميش يحرمون كل ما لم يوجد بعصر النبوة كالجماعات الإرهابية؛ «بوكوحرام، طالبان، داعش، الشباب الصومالية» مع فارق جذري وهو أن الآميش لا يقومون بعمليات إرهابية لفرض قناعاتهم على غيرهم، فالآميش يؤمنون باللا عنف، وبعدم الإكراه في الدين.
bushra.sbe@gmail.com
bushra.sbe@gmail.com