عندما بدأ نظام الفحص الدوري الإلزامي للسيارات قبل نحو ربع قرن، كان له أثر إيجابي في تحسين أوضاع المركبات السيارة في الشوارع، وكان الفحص يتم سنوياً ولجميع موديلات السيارات سواء أكانت قديمة أم حديثة أو تحتاج لفحص أم لا تحتاج، فأدّى ذلك إلى أمرين أولهما تكديس السيارات المطلوب فحصها في محطات الفحص في المدن والمحافظات، خاصة أن معظمها لا توجد بها إلا محطة واحدة للفحص، وثانيها أن تكاليف الفحص ومتاعبه أصبحت مصدر شكوى من قبل أصحاب المركبات، وصاحب ذلك استغلال بعض العمالة الوافدة العاملة في محطات الفحص والورش المجاورة لها لحاجة الناس لإكمال عملية فحص سياراتهم والحصول على الأوراق والبطاقة البلاستيكية التي تلصق على الألواح الأمامية للسيارات، فأخذت تلك العمالة تقدم لمن يرغب تسهيلات للسيارات، تمكن أصحابها من إنهاء عملية الفحص بأي وسيلة ومن ثم الحصول على الأوراق التي تؤكد أن العملية قد تمت بنجاح، حتى لو كان واقع حال السيارة المفحوصة لا يؤكد ذلك، وكانت تلك التسهيلات تتم بمقابل وعبر اتفاقيات وإشارات تعقد على أطراف الشوارع المؤدية إلى محطة الفحص أو الورش التي يزورها أصحاب السيارات لإكمال الملاحظات، حتى قيل إن الذي لديه إطارات غير صالحة للسير بها يستأجر إطارات صالحة لتمرير عملية الفحص بمقابل مادي بسيط، فإذا أتم عملية الفحص سلم الإطارات السليمة لصاحبها وأخذ إطاراته «المعدومة» ثم صدرت توجيهات بأن تربط عملية الفحص الإلزامي الدوري للسيارات بتجديد استمارة السيارة كل ثلاث سنوات، وكان ذلك الإجراء محافظاً للمصلحة فأصبحت معظم السيارات تفحص مع تجديد استماراتها وبقي منها من يُطَوّفُ الاستمارة لعشر سنوات أو أكثر فلا يفحص سيارته ولا يصلح أحوالها ويتركها تبث الدخان الأسود في وجوه بقية السيارات، وكان ينبغي ألا يسمح لها بالسير إلا بعد فحصها وتجديد استمارتها والتأكد أنها صالحة للسير، ولكن المرور بدلا من ذلك أخذ في الآونة الأخيرة يتوعد حسب ما تناقلته وسائل التواصل بغرامات تصل إلى ثلاثمائة ريال في حالة عدم وجود فحص دوري لأي سيارة بغض النظر عن حالتها وحداثة أو قدم موديلها وأن استمارتها لم تزل سارية المفعول، وقد أدى هذا الأمر إلى هروع المئات من قائدي المركبات إلى محطات الفحص الدوري لإجراء عملية الفحص خشية من الغرامات، فحصل تكدس أشد مما كان عليه الوضع عند بداية تطبيق النظام، وعليه فإن المرجو من الإدارة العامة للمرور أن تستمر في ربط عملية الفحص بتجديد الاستمارة، وأن تركز على السيارات التي تسير في الشوارع وهي غير صالحة للسير من حيث الوضع الخارجي أو تسرب دخان أسود منها، فإن أبت فعلى الأقل تؤجل التطبيق الصارم لعملية الفحص الدوري سنوياً حتى يتم إنشاء محطات فحص كافية وقادرة على إنهاء عملية الفحص في حدود ساعة أو ساعتين وبلا تكدس أو اضطرار لسلوك طرق ملتوية لإكمال العملية شكلياً لا فعلياً.. وبالله التوفيق.
mohammed.ahmad568@gmail.com
mohammed.ahmad568@gmail.com