استضافت الدوحة قبل أيام نخبة من عازفي العود، ومن المواهب الشابة في العزف على هذه الآلة العريقة، سيدة الوتريات تطورت عبر السنوات من وترين إلى أربعة، حتى وصلت على يد زرياب لتصبح خمسة أوتار، ولهذا أتى مسمى المهرجان ليكون مهرجان الوتر الخامس، واستضاف المهرجان صانعين وعازفين هواة، وعازفين كبارا على رأسهم عبادي الجوهر، أو إخطبوط العود كما سماه الراحل طلال مداح.
عبادي الجوهر أو «وتر الوطن» كما يطيب لي تسميته، فنان سعودي أمتع أجيالا متعددة في مسيرة امتدت لستة وأربعين عاما، وما زال في جعبته الكثير ليقدمه، كنت أعتقد أن قمة المتعة أن تراه يعزف العود، وهي بلا شك متعة كبيرة، لكن وجدت المتعة الأكبر في الاستماع لحديثه وسعة إطلاعه.
وللأسف فالمطرب كما الممثل أو اللاعب أو الصحفي، تلتصق في أذهان الناس صورة ذهنية عنهم، وكأنهم قالب واحد بمواصفات ثابتة، أو منتج يستنسخ في مصنع من مصانع المنتجات المعلبة، وهذا أمر له علاقة بموروثات ثقافية تستسهل التفسير والتحليل للشخصيات ليكون التوصيف حسب المهنة لا الشخصية.
وبطبيعة المشاهير فالناس تنشغل بتفاصيلهم، ويحسن بعضهم نسج القصص الخيالية عنهم ليبدو ممتعا في المجالس والديوانيات، ولكن الأصل أن ما يهمك من الفنان هو ما يقدمه من عمل، من لحن أو لوحة أو عمل درامي، لكن حياته الخاصه فالأصل أنها تخصه وحده.
بينما عبادي حين يتحدث تشعر بحجم ثقافته وقراءاته، تشعر بحجم تعلقه بأسرته وبأثر المرأة في حياته، فهي الأم والأب حين غيب الأب الموت وعمر عبادي ثلاث سنوات، وهي الزوجة التي أحب وتزوج في العام ٨٢، وظل مخلصا لها بعد أن غيبها الموت قبل ما يزيد على عقد من الزمان، وهي ابنتاه التي يشعر بأقصى المتعة معهما، حتى إذا سألته عن أحب الألقاب لقلبه أجابك: «أبوسارة».
هذا الفقد لعدة أحباب والممتد من الطفولة حتى فقد الزوجة، دون إغفال فقد الصديق طلال مداح، والتي شكلت حزنا في نفس أبوسارة، هذا لا يعني أن الحزن مرادف الكآبة، بل إن عبادي بشوش لطيف مع كل من يلتقيه ويطلب صورة منه، إلا أن دمعته قريبة ولا يخجل منها.
الفن رسالة للوطن، لأن موسيقى الشعوب دليل على ثقافتهم، كما أن المواهب حين ترحل لا يحل مكانها أحد، لكن لو فقدنا مدير إدارة فسيعين بدلا عنه مدير آخر، ولهذا فيجب أن نحتفي بفنانينا أحياء، حتى لا يقال عنا إننا لا نكرم إلا الأموات، وأكبر تكريم للفنان أن يغني في وطنه.
اليوم نشهد عودة الحفلات الفنية والأمسيات الشعرية السعودية للسعودية، ليرتبط وجدان الجمهور السعودي بفنانيه وشعرائه، ونتمنى أيضا أن يعود المسرح الجميل لنرى ناصر القصبي وراشد الشمراني وغيرهم كما كان سابقا، وأن نشاهد الفيلم السعودية عبر شاشة السينما لا اليوتيوب.
هذه الأيام نتابع بأمل تصفيات كأس العالم، ونترقب أن يصل منتخبنا لكأس العالم في روسيا 2018، لنتذكر أغنية عبادي بمناسبة تأهل المنتخب في 94، والتي تقول كلماتها «يالجماهير هلي ورحبي بالبطل..على الصوت على قولي الأخضر وصل.. جانا مرفوع الجبين يا هلا أسد العرين.. فايزين فايزين.. فايزين موفقين».
وإذا ما عدنا بالذاكرة إلى الثمانينات، فنتذكر الأغنية الخالدة «جاكم الإعصار»، والتي كانت وقود لاعبي جيل الثمانينات، كانوا يسمعونها في الباص، فتحفزهم للفوز ورفع راية الوطن عاليا.
كل التوفيق لمنتخبنا بالوصول لكأس العالم، وتحقيق أفضل النتائج، وكل الشكر للفنان عبادي الجوهر على أكثر من أربعة عقود، كان فيها وتر الوطن الذي لا ينقطع، والأنامل التي تعزف لوحات الشجن، كانت ومازالت أغانيه مرآة الأحاسيس حزنا وفرحا، وعنوان المحطات التاريخية الرياضية منها والوطنية.
عبادي الجوهر أو «وتر الوطن» كما يطيب لي تسميته، فنان سعودي أمتع أجيالا متعددة في مسيرة امتدت لستة وأربعين عاما، وما زال في جعبته الكثير ليقدمه، كنت أعتقد أن قمة المتعة أن تراه يعزف العود، وهي بلا شك متعة كبيرة، لكن وجدت المتعة الأكبر في الاستماع لحديثه وسعة إطلاعه.
وللأسف فالمطرب كما الممثل أو اللاعب أو الصحفي، تلتصق في أذهان الناس صورة ذهنية عنهم، وكأنهم قالب واحد بمواصفات ثابتة، أو منتج يستنسخ في مصنع من مصانع المنتجات المعلبة، وهذا أمر له علاقة بموروثات ثقافية تستسهل التفسير والتحليل للشخصيات ليكون التوصيف حسب المهنة لا الشخصية.
وبطبيعة المشاهير فالناس تنشغل بتفاصيلهم، ويحسن بعضهم نسج القصص الخيالية عنهم ليبدو ممتعا في المجالس والديوانيات، ولكن الأصل أن ما يهمك من الفنان هو ما يقدمه من عمل، من لحن أو لوحة أو عمل درامي، لكن حياته الخاصه فالأصل أنها تخصه وحده.
بينما عبادي حين يتحدث تشعر بحجم ثقافته وقراءاته، تشعر بحجم تعلقه بأسرته وبأثر المرأة في حياته، فهي الأم والأب حين غيب الأب الموت وعمر عبادي ثلاث سنوات، وهي الزوجة التي أحب وتزوج في العام ٨٢، وظل مخلصا لها بعد أن غيبها الموت قبل ما يزيد على عقد من الزمان، وهي ابنتاه التي يشعر بأقصى المتعة معهما، حتى إذا سألته عن أحب الألقاب لقلبه أجابك: «أبوسارة».
هذا الفقد لعدة أحباب والممتد من الطفولة حتى فقد الزوجة، دون إغفال فقد الصديق طلال مداح، والتي شكلت حزنا في نفس أبوسارة، هذا لا يعني أن الحزن مرادف الكآبة، بل إن عبادي بشوش لطيف مع كل من يلتقيه ويطلب صورة منه، إلا أن دمعته قريبة ولا يخجل منها.
الفن رسالة للوطن، لأن موسيقى الشعوب دليل على ثقافتهم، كما أن المواهب حين ترحل لا يحل مكانها أحد، لكن لو فقدنا مدير إدارة فسيعين بدلا عنه مدير آخر، ولهذا فيجب أن نحتفي بفنانينا أحياء، حتى لا يقال عنا إننا لا نكرم إلا الأموات، وأكبر تكريم للفنان أن يغني في وطنه.
اليوم نشهد عودة الحفلات الفنية والأمسيات الشعرية السعودية للسعودية، ليرتبط وجدان الجمهور السعودي بفنانيه وشعرائه، ونتمنى أيضا أن يعود المسرح الجميل لنرى ناصر القصبي وراشد الشمراني وغيرهم كما كان سابقا، وأن نشاهد الفيلم السعودية عبر شاشة السينما لا اليوتيوب.
هذه الأيام نتابع بأمل تصفيات كأس العالم، ونترقب أن يصل منتخبنا لكأس العالم في روسيا 2018، لنتذكر أغنية عبادي بمناسبة تأهل المنتخب في 94، والتي تقول كلماتها «يالجماهير هلي ورحبي بالبطل..على الصوت على قولي الأخضر وصل.. جانا مرفوع الجبين يا هلا أسد العرين.. فايزين فايزين.. فايزين موفقين».
وإذا ما عدنا بالذاكرة إلى الثمانينات، فنتذكر الأغنية الخالدة «جاكم الإعصار»، والتي كانت وقود لاعبي جيل الثمانينات، كانوا يسمعونها في الباص، فتحفزهم للفوز ورفع راية الوطن عاليا.
كل التوفيق لمنتخبنا بالوصول لكأس العالم، وتحقيق أفضل النتائج، وكل الشكر للفنان عبادي الجوهر على أكثر من أربعة عقود، كان فيها وتر الوطن الذي لا ينقطع، والأنامل التي تعزف لوحات الشجن، كانت ومازالت أغانيه مرآة الأحاسيس حزنا وفرحا، وعنوان المحطات التاريخية الرياضية منها والوطنية.