يحد الأردن من الغرب البحر الميت، وهو لمن لم يزره من قبل، بحر كثير اللزوجة، شديد الملوحة، حتى إن الإنسان لا يمكن أن يغرق فيه، بل يطوف على سطحه لشدة كثافته، ويلامسها من الشمال والشرق، بحر من الدماء السورية والعراقية، نتيجة زلازل المنطقة، المستمرة من العام 2003 وحتى اليوم.
يبدو أن ذلك أمر انعكس على «براعة» السياسة الأردنية، التي استطاعت أن «تعوم»، في بحور الصراعات المحيطة، دون أن تغرق فيها، بكثير من الدبلوماسية، وقليل من الرصاص.
إن القدرة على «السير» في التناقضات الدبلوماسية، دون أن يكون لها أي تأثيرعلى التركيبة الأمنية في بلد ما، أمر لا يقدر عليه إلا القليل من الساسة، ومنهم الأردنيون.
أكثر ما تلاحظه في الأردنيين، هو كثير من اللياقة والشهامة العربية، تلمسها بكثافة في كل التفاصيل، في المطار، في الشارع، في الميادين، أولئك النشامى الذين يغمرونك بالمحبة فور دخولك لبلادهم، يؤكدون أنه رغم البحار المالحة، والصحاري القاحلة التي تحيط بأردنهم، إلا أنها تبقيهم زهورا وارفة، ومهوى أفئدة الرجولة، والفزعات العربية، ومن لا يعرف فزعات الأردن الأصيلة، عليه أن يراجع تاريخ العرب، من ضفار جنوبا إلى المنامة شرقا.
الزيارة التي يقوم بها الملك سلمان بن عبدالعزيز، ستبقى في الذاكرة طويلا، فهي بخلاف تزامنها مع القمة العربية المنعقدة في العاصمة عمان، إلا أنها تسير بالتوازي مع الجهود الكبرى، التي تبذلها الرياض، لمعالجة الآثار الانسحابية لفوضى الشرق الأوسط، العالقة في سورية واليمن وليبيا وتونس.
السعودية بقيادتها السياسية «الحازمة» تعلم يقينا، أن المنطقة العربية، فيها أبواب عالية، لو سقطت -لا سمح الله - في خضم الأزمات، لانزلقت كثير من الدول في مسار الاضطرابات فورا، على رأسها الأردن.
فالمملكة الهاشمية، قدرها أن تعيش في منطقة جغرافية شديدة الخطورة، شديدة الانحدار الأمني، بين إسرائيل ولبنان وسورية والعراق، ومن الضروري إستراتيجيا، إبقاء هذا الباب الأردني صلبا وقائما، والحفاظ على صموده، وتعزيز وضعه الاقتصادي، وتركيبته الاجتماعية.
المملكتان المتجاورتان، استطاعتا بكثير من الحكمة والحنكة والدهاء السياسي، تجنب الوقوع في فخ الاحتجاجات، والخريف العربي، الذي اندلع العام 2010، بالرغم من أن كل منهما تقع على حدودها حرب أهلية طاحنة، «سورية شمالا، واليمن جنوبا»، دون أن يؤثر ذلك بالسلب على حياة مواطنيها.
هو أمر مكلف للغاية، لكنها تجربة ثرية، يمكن تصديرها لبقية دول الجوار، قوامها العلاقة الملكية الوثيقة، بين «القصر الحاكم والشعب»، ولذلك فالتعاون لحل الأزمات العربية، هو قدر العقلاء، في الرياض وعمان، ما يحتم ترتيب الفضاء العربي، وتعزيز حزام الدول المعتدلة، من الرياض إلى أبو ظبي والأردن، وانتهاء بالقاهرة والرباط، حتى لا تنزلق أي منها في حروب أهلية، أو فوضى، نتاجها الموت والدمار.
الزيارة «السلمانية»، وما صاحبها من حزمة اتفاقات اقتصادية وإعلامية وثقافية، تكمل بناء حوض الأمان الاقتصادي والسياسي والعسكري السعودي، من طوكيو شرقا، إلى واشنطن غربا، مرورا بطريق الحرير الصيني الجديد، الذي سيخترق صحاري الجزيرة عابرا الأردن ومصر باتجاه أوروبا.
m.assaaed@gmail.com
يبدو أن ذلك أمر انعكس على «براعة» السياسة الأردنية، التي استطاعت أن «تعوم»، في بحور الصراعات المحيطة، دون أن تغرق فيها، بكثير من الدبلوماسية، وقليل من الرصاص.
إن القدرة على «السير» في التناقضات الدبلوماسية، دون أن يكون لها أي تأثيرعلى التركيبة الأمنية في بلد ما، أمر لا يقدر عليه إلا القليل من الساسة، ومنهم الأردنيون.
أكثر ما تلاحظه في الأردنيين، هو كثير من اللياقة والشهامة العربية، تلمسها بكثافة في كل التفاصيل، في المطار، في الشارع، في الميادين، أولئك النشامى الذين يغمرونك بالمحبة فور دخولك لبلادهم، يؤكدون أنه رغم البحار المالحة، والصحاري القاحلة التي تحيط بأردنهم، إلا أنها تبقيهم زهورا وارفة، ومهوى أفئدة الرجولة، والفزعات العربية، ومن لا يعرف فزعات الأردن الأصيلة، عليه أن يراجع تاريخ العرب، من ضفار جنوبا إلى المنامة شرقا.
الزيارة التي يقوم بها الملك سلمان بن عبدالعزيز، ستبقى في الذاكرة طويلا، فهي بخلاف تزامنها مع القمة العربية المنعقدة في العاصمة عمان، إلا أنها تسير بالتوازي مع الجهود الكبرى، التي تبذلها الرياض، لمعالجة الآثار الانسحابية لفوضى الشرق الأوسط، العالقة في سورية واليمن وليبيا وتونس.
السعودية بقيادتها السياسية «الحازمة» تعلم يقينا، أن المنطقة العربية، فيها أبواب عالية، لو سقطت -لا سمح الله - في خضم الأزمات، لانزلقت كثير من الدول في مسار الاضطرابات فورا، على رأسها الأردن.
فالمملكة الهاشمية، قدرها أن تعيش في منطقة جغرافية شديدة الخطورة، شديدة الانحدار الأمني، بين إسرائيل ولبنان وسورية والعراق، ومن الضروري إستراتيجيا، إبقاء هذا الباب الأردني صلبا وقائما، والحفاظ على صموده، وتعزيز وضعه الاقتصادي، وتركيبته الاجتماعية.
المملكتان المتجاورتان، استطاعتا بكثير من الحكمة والحنكة والدهاء السياسي، تجنب الوقوع في فخ الاحتجاجات، والخريف العربي، الذي اندلع العام 2010، بالرغم من أن كل منهما تقع على حدودها حرب أهلية طاحنة، «سورية شمالا، واليمن جنوبا»، دون أن يؤثر ذلك بالسلب على حياة مواطنيها.
هو أمر مكلف للغاية، لكنها تجربة ثرية، يمكن تصديرها لبقية دول الجوار، قوامها العلاقة الملكية الوثيقة، بين «القصر الحاكم والشعب»، ولذلك فالتعاون لحل الأزمات العربية، هو قدر العقلاء، في الرياض وعمان، ما يحتم ترتيب الفضاء العربي، وتعزيز حزام الدول المعتدلة، من الرياض إلى أبو ظبي والأردن، وانتهاء بالقاهرة والرباط، حتى لا تنزلق أي منها في حروب أهلية، أو فوضى، نتاجها الموت والدمار.
الزيارة «السلمانية»، وما صاحبها من حزمة اتفاقات اقتصادية وإعلامية وثقافية، تكمل بناء حوض الأمان الاقتصادي والسياسي والعسكري السعودي، من طوكيو شرقا، إلى واشنطن غربا، مرورا بطريق الحرير الصيني الجديد، الذي سيخترق صحاري الجزيرة عابرا الأردن ومصر باتجاه أوروبا.
m.assaaed@gmail.com