-A +A
عبده خال
كل وقت وله أذان.. ولكل زمن أدواته التعبيرية سواء أكانت مسرحا أو دراما أو سينما أو أداء أو تقليدا..

وفي محيطنا المحلي انتشرت بعض المواهب لتأدية إدوار فنية في زمن لم يكن يحفل بالفن وأهله ومع تلك الجفوة الصادمة -ضد الفن- غامر الكثيرون لأداء أدوار فنية أغفلها التاريخ الفني المحلي، بل لم يلتفت إليها كتجارب مبكرة اتخذت من الفن أداة تعبيرية تشكل الواقع المعاش بصورة جالبة للضحك والسخرية معا، مجسدة واقعا كاريكاتوريا لما تحدثه بعض التصرفات الرعناء من فضوى وعدم اتساق فيأتي الفنان من أجل حزمها في حزمة واحدة ليرينا إلى أي مدى وصل إليه بعض الأفراد من بعثرة.


والفنان يجمع المتناقضات ليقدمها في مشهد يبكيك قبل أن يضحكك..

وقد مرت بنا تجارب كانت تنحت في الصخر بمجهود فردي إلا أن إنتاجيتها كانت بمثابة مؤسسة متكاملة.. ربما يكون عبدالعزيز الهزاع أحد أشهر تلك المغامرات الفنية الأولى إذ عمد إلى نقد سلوكيات المجتمع في قالب فكاهي يبدو للوهلة الأولى أنه يستهدف الإضحاك بينما ينثر نقده الفني لكل تلك التصرفات الرعناء..

وفي هذا السياق اشتهر بعض الفنانين في محيط ضيق كشخصية (جابر) في منطقة جازان حينما عمد لأشرطة الكاست في توزيع نقده الفني وتقليد أصوات عدة في بناء درامي مع إيجاد الحبكة لكل موضوع يتطرق إليه معتمدا على الإضحاك، وبموهبة فطرية لم يلجأ إلى الإضحاك من أجل الإضحاك بل عمد إلى جعل الإضحاك قماشة أو خلفية للنقد الواقع، وهناك شخصية انتشر صيتها في الرياض هي شخصية (طامي) التي انتشر صداها من خلال إذاعته المحلية (إذاعة طامي) وكان يبث أخبارا عن ضياع عنزة فلان أو العثور على حمار فلان ويوزع يوميا أخبار الحي..

وهناك عشرات الشخصيات كل منها تدثر بموهبته وارتضى أن يؤدي دورا فنيا في حدود ضيقة، ومر الزمن دون أن يحفل بذكر هذه الشخصيات التي غامرت بنشر فن من غير أي مقابل سوى حبها للفن وأدائه بالطريقة الممكنة في ظروف خاصة.

وفي زمن ثورة الاتصالات والتواصل اقتفى بعض من يتلمس في نفسه موهبة نفس طريق أولئك القدماء في بث رسائل كاريكاتورية عما يموج على سطح المجتمع، وربما لم تسنح لهذه الشخصيات فرصة الظهور رغم أن الفضاء متسع لكل موهبة تستطيع جذب المتابعين لها من غير عناء.

وقد تكون خيرية (ذات اللهجة الحجازية المحببة) هي الشخصية الطاغية في بث رسائل التمثيل الفني عندما تختار موضوعا ذا قيمة اجتماعية وتحوله إلى قيمة فنية من خلال الأداء والسيناريو والإخراج..

وأعتقد أن خيرية سوف تحصد الكثير من المعجبين لصدقها في الجانبين النقدي والفني؛ لذلك ننتظر أن يلتفت أيضا مؤرخو التجربة الفنية لما تحدثه خيرية، ولما أحدثه أولئك الفنانون الغامرون في سالف العصر والأوان.