بجفاف حبر القلم لكاتب شجاع ونزيه يبحث عن الحقيقة والحق يفقد المجتمع صوتا يمثله وينافح عنه ويتحمل المتاعب من أجله دون مزايدات أو استرداد الثمن بطرق مشبوهة أو المقايضة بمواقفه من أجل مكتسبات مادية أو معنوية. عندما يخط كاتب من هذا النوع آخر حرف ثم يغمض عينيه ليودع الحياة نفقد بغيابه قيمة نبيلة أصبحت قليلة أو نادرة، نفقد سلاحا كان يذود عنا ويقف أمامنا في وجه الظلم والجور والفساد وبقية أصناف وأشكال الرداءة. هذا النوع من المؤمنين بالرسالة الحقيقية للكتابة لا بد أن يعيش آلاما هائلة وأحزانا دفينة وجراحا غائرة تنهش عمره وتعصف به، تحوله إلى رحلة من التعب المستديم والمعاناة القاسية.
في يومين متتاليين فقدنا شخصين من هذا النوع، كاتبين صحفيين قد لا يعرفهما كثيرا جيل الإعلام الجديد أو ربما لا يعرفهما أبداً لأنهما من رعيل الورق والحبر والقضايا القديمة التي كان نقاشها صعبا ومؤذيا آنذاك. محمد الفايدي، الذي شق طريقه في الصحافة بتعب كثير وعرق غزير، كان لا يعرف المهادنة والتراجع في طرحه الذي ينطلق بلسان المواطن البسيط ومن أجله، والذي كان هو يمثله بامتياز حتى مغادرته الدنيا. كنت أراه في الأيام السابقة لمرضه الأخير صامتا ساهماً وكأنه يتأمل تعب العمر الذي أفناه في سبيل قناعاته دون ندم رغم ما وصل به الحال من شظف العيش وقسوة الوقت. غادرنا وكأني به وقد أغمض عينيه بعد نظرة عتاب أخيرة لهذا المجتمع الذي نافح من أجله.
أما ثامر الميمان فرغم كونه شاعراً مرهفا رقيقا إلا أنه جعل من الكتابة في الشأن العام قضيته الأولى منذ وقت طويل. كانت زاويته «رزقي على الله» مثل لغم مزروع في الصحف العديدة التي كتب فيها، ينفجر في وجه الممارسات الضارة بحق المواطن والوطن. يقارع الفساد دون هوادة وينازل أصحابه بشجاعة الفرسان وثقة المدافع عن الحق. توطدت علاقتي به منذ كتب قصيدته «الناموسة» خلال أزمة الوادي المتصدع في منطقة جازان، تلك القصيدة التي هزت الكراسي الذهبية وأقالت رئيس التحرير الذي نشرها، لتصبح من أهم الوثائق لتأريخ تلك الأزمة. أما ثامر الصديق فلست في حالة نفسية ملائمة الآن للحديث عنه، فأنا أحتاج وقتاً طويلا لكي أستوعب فعلاً أنني فقدته.
رحمك الله يا محمد الفايدي.
رحمك الله يا ثامر الميمان.
في يومين متتاليين فقدنا شخصين من هذا النوع، كاتبين صحفيين قد لا يعرفهما كثيرا جيل الإعلام الجديد أو ربما لا يعرفهما أبداً لأنهما من رعيل الورق والحبر والقضايا القديمة التي كان نقاشها صعبا ومؤذيا آنذاك. محمد الفايدي، الذي شق طريقه في الصحافة بتعب كثير وعرق غزير، كان لا يعرف المهادنة والتراجع في طرحه الذي ينطلق بلسان المواطن البسيط ومن أجله، والذي كان هو يمثله بامتياز حتى مغادرته الدنيا. كنت أراه في الأيام السابقة لمرضه الأخير صامتا ساهماً وكأنه يتأمل تعب العمر الذي أفناه في سبيل قناعاته دون ندم رغم ما وصل به الحال من شظف العيش وقسوة الوقت. غادرنا وكأني به وقد أغمض عينيه بعد نظرة عتاب أخيرة لهذا المجتمع الذي نافح من أجله.
أما ثامر الميمان فرغم كونه شاعراً مرهفا رقيقا إلا أنه جعل من الكتابة في الشأن العام قضيته الأولى منذ وقت طويل. كانت زاويته «رزقي على الله» مثل لغم مزروع في الصحف العديدة التي كتب فيها، ينفجر في وجه الممارسات الضارة بحق المواطن والوطن. يقارع الفساد دون هوادة وينازل أصحابه بشجاعة الفرسان وثقة المدافع عن الحق. توطدت علاقتي به منذ كتب قصيدته «الناموسة» خلال أزمة الوادي المتصدع في منطقة جازان، تلك القصيدة التي هزت الكراسي الذهبية وأقالت رئيس التحرير الذي نشرها، لتصبح من أهم الوثائق لتأريخ تلك الأزمة. أما ثامر الصديق فلست في حالة نفسية ملائمة الآن للحديث عنه، فأنا أحتاج وقتاً طويلا لكي أستوعب فعلاً أنني فقدته.
رحمك الله يا محمد الفايدي.
رحمك الله يا ثامر الميمان.