أهم ما يميز الصحوة عن غيرها من التيارات، أن قادتها يصورون أنفسهم كمجموعة من المنزهين الأنقياء، بينما غيرهم خطاؤون مذنبون لا يمكن أن يغفر لهم، ما لم ينخرطوا في الدفاع عن الصحوة ورموزها، وبالتأكيد عن شطحاتهم، وإلا ستتم شيطنتهم، وصولا إلى تكفيرهم.
يضعون أنفسهم، وتصرفاتهم، في مرتبة أعلى من البشر، فهم من يقررون ما إذا كانت أخطاؤهم - إن اعتبروها أخطاء - مبررة، مقبولة بل ومطلوبة من أجل المقاصد العليا، أكانت حزبية، أو مجرد لمم، لا يجب الوقوف أمامه كثيرا، أليسوا هم القيمين، المؤتمنين على الدين، كما يقدمون أنفسهم، أو هكذا يتوهمون.
الحركيون يعتقدون أن التعاليم الإسلامية هي دولاب من درفتين، يمتلكون حق التصرف فيها كيفما ألقى هواهم، درفة صممت على مقاسهم وتلبي حاجتهم، مرنة لدرجة أنها تستوعب كل أدبيات المحرم والمختلف عليه، والأخرى مغلقة، متجهمة لدرجة أنها تكاد تحرم كل الحلال الذي يعرفه البشر.
درفتنا نحن بقية الناس، مليئة بالخرق، و«الخلاقين»، كما تسمى في اللهجة الدارجة، حياة متكلسة بائسة، لن تجد فيها غير الدراعات، وملابس الأفغان، والأشمغة المهترئة، فلا حياة طبيعية، ولا فنون، ولا موسيقى، ولا عمل للنساء، ولا تعليم متقدما.
بالطبع أهم ما في هذه الدرفة، مجموعة التعاليم الصارمة المفصلة علينا نحن السعوديين فقط، بينما المسلم التركي، أو القطري، أو الماليزي.. إلخ، هو المسلم المثالي، الذي يستطيع أن يعيش بجانب كل الشرور دون أن يجرح ذلك إسلامه، الذي تخدشه لدينا، آلة موسيقية يتيمة، تكسر في احتفالية ضخمة في الميادين العامة.
درفتهم، مليئة بمتع الحياة، ولكن بتفاصيلهم، وعلى مقاسهم، فيها اللباس الغربي متى ما أرادوا ارتداءه، ببنطاله وكرفتته، وهم من حرموه علينا دهرا من الزمان، والتعليم الأجنبي الذي حذرونا منه سنين طويلة، لدرجة أننا خشينا على بيضة الدين أن تضيع، والابتعاث الذي استغلوه لأبنائهم وبناتهم، وهم من اتهموه بأنه جسر الإلحاد، دون أن ننسى خطر السفر، والاختلاط بالنساء، وزيارة حفلات الجوائز المليئة بالمنكرات، واستلام الهدايا الغربية، دون أن تكون فيها شبهة، أو تغريب، أو استقطاب.
هنا يظهر لب مشكلة دولاب الصحوة، فالكل تمت تربيته وتغذيته على درفة «الوأد»، ودفن الحياة، لا البحث عن المعرفة، وبذل الأسباب للوصول للحقيقة، بل والانخراط في معارك اجتماعية مستمرة، من أجل تغييب الحق، وإقامة الحرب على من يتبنى الحلال.
إنه قدرنا مع «الصحوة»، التي لا تستطيع أن تحيا إلا بوجهين، ونفسين، وتقدم للمجتمع فضيلتين، إحداهما فضفاضة، تستوعب كل نزواتهم، ونزقهم، وتعطشهم للحياة، والأخرى ضيقة، يعتقدون أنهم يكفرون بها عن الخطايا، ويقدموننا نحن قرابين للتطهر.
m.assaaed@gmail.com
يضعون أنفسهم، وتصرفاتهم، في مرتبة أعلى من البشر، فهم من يقررون ما إذا كانت أخطاؤهم - إن اعتبروها أخطاء - مبررة، مقبولة بل ومطلوبة من أجل المقاصد العليا، أكانت حزبية، أو مجرد لمم، لا يجب الوقوف أمامه كثيرا، أليسوا هم القيمين، المؤتمنين على الدين، كما يقدمون أنفسهم، أو هكذا يتوهمون.
الحركيون يعتقدون أن التعاليم الإسلامية هي دولاب من درفتين، يمتلكون حق التصرف فيها كيفما ألقى هواهم، درفة صممت على مقاسهم وتلبي حاجتهم، مرنة لدرجة أنها تستوعب كل أدبيات المحرم والمختلف عليه، والأخرى مغلقة، متجهمة لدرجة أنها تكاد تحرم كل الحلال الذي يعرفه البشر.
درفتنا نحن بقية الناس، مليئة بالخرق، و«الخلاقين»، كما تسمى في اللهجة الدارجة، حياة متكلسة بائسة، لن تجد فيها غير الدراعات، وملابس الأفغان، والأشمغة المهترئة، فلا حياة طبيعية، ولا فنون، ولا موسيقى، ولا عمل للنساء، ولا تعليم متقدما.
بالطبع أهم ما في هذه الدرفة، مجموعة التعاليم الصارمة المفصلة علينا نحن السعوديين فقط، بينما المسلم التركي، أو القطري، أو الماليزي.. إلخ، هو المسلم المثالي، الذي يستطيع أن يعيش بجانب كل الشرور دون أن يجرح ذلك إسلامه، الذي تخدشه لدينا، آلة موسيقية يتيمة، تكسر في احتفالية ضخمة في الميادين العامة.
درفتهم، مليئة بمتع الحياة، ولكن بتفاصيلهم، وعلى مقاسهم، فيها اللباس الغربي متى ما أرادوا ارتداءه، ببنطاله وكرفتته، وهم من حرموه علينا دهرا من الزمان، والتعليم الأجنبي الذي حذرونا منه سنين طويلة، لدرجة أننا خشينا على بيضة الدين أن تضيع، والابتعاث الذي استغلوه لأبنائهم وبناتهم، وهم من اتهموه بأنه جسر الإلحاد، دون أن ننسى خطر السفر، والاختلاط بالنساء، وزيارة حفلات الجوائز المليئة بالمنكرات، واستلام الهدايا الغربية، دون أن تكون فيها شبهة، أو تغريب، أو استقطاب.
هنا يظهر لب مشكلة دولاب الصحوة، فالكل تمت تربيته وتغذيته على درفة «الوأد»، ودفن الحياة، لا البحث عن المعرفة، وبذل الأسباب للوصول للحقيقة، بل والانخراط في معارك اجتماعية مستمرة، من أجل تغييب الحق، وإقامة الحرب على من يتبنى الحلال.
إنه قدرنا مع «الصحوة»، التي لا تستطيع أن تحيا إلا بوجهين، ونفسين، وتقدم للمجتمع فضيلتين، إحداهما فضفاضة، تستوعب كل نزواتهم، ونزقهم، وتعطشهم للحياة، والأخرى ضيقة، يعتقدون أنهم يكفرون بها عن الخطايا، ويقدموننا نحن قرابين للتطهر.
m.assaaed@gmail.com