-A +A
حمود أبو طالب
لا أعتقد أن أي استشاري في جراحة المخ أو في طب الأعصاب مهما كانت خبرته ومهارته سوف تصل قيمة الكشف في عيادته إلى ٥٠٠ ريال، ولا يمكن أن يعاين أكثر من ١٠ إلى ١٥ مريضا على الأكثر في اليوم، لكن في زمن التجهيل وتغييب العقل يستطيع شخص جاهل نصاب لم يدخل مدرسة أن يدعي علاج أعقد الأمراض ويقنع المرضى بالخروج من المستشفيات ليتزاحموا على باب الحوش الذي يتقاطرون منه إلى جلسات الكي والتعذيب، كما فعل مدعي علاج الجلطات الذي شاع خبره الأسبوع الماضي في مواقع التواصل ونُشرت صور الزحام في الاستراحة التي حولها إلى عيادة، يعاين الرأس فيها ويكويه بـ٥٠٠ ريال، وبعد أن كوى مئات المساكين في يوم واحد اختفى ليبدأ البحث عنه، وبعد أن اكتشف المرضى المخدوعون أنه ضاعف أوجاعهم، والله أعلم ماذا ستكون نتيجة ما تعرضوا له.

هذا المدعي ليس الأول ولن يكون الأخير، فهواة ودجالو الطب الشعبي والرقية يعيثون فساداً بيننا منذ زمن طويل وعلى مرأى كل الجهات الرسمية المعنية وبرضا المجتمع وتواطئه معهم. قبل أيام قرأنا قصة المريض الذي أصيب بنزيف في المخ وصدمة عصبية عنيفة بعد تعرض جمجمته لأسياخ الكي ليدخل العناية المركزة في أحد المستشفيات، وأما قصص ضحايا مدعي الرقية فلستم بحاجة الى إعادة مآسيها.


وعندما صرح المركز الوطني للطب البديل والتكميلي محذرا من هذه الممارسات على خلفية قصة معالج الجلطات فإن تصريحه جاء متأخراً جدا لأنه يعلم بالمهازل التي تحدث باستمرار ولم يحذر منها بشكل واضح وصريح، ولم يتدخل أو يطالب الجهات الرسمية بالتدخل، كما أنه لم يقم بحملات توعية فعالة وشاملة لتنبيه الناس إلى هؤلاء الدجالين، بل إن وزارة الصحة تتحمل مسؤولية كبيرة بصمتها إزاء ما يحدث وترك المرضى المساكين فريسة لهم.

نعرف الحالة النفسية التي تجعل بعض المرضى يتعلقون بأي أمل حتى لو كان وهماً، لكن الواجب علينا حمايتهم بتقديم أفضل الرعاية الطبية أولا، ثم حمايتهم من سوق المشعوذين والدجالين.