احتلوا قريتي !

بينما أنا في مكتبي مع قرب نهاية دوام يوم شاق، أتاني اتصال من أحد أبنائي، ليخبرني بالأحداث العاجلة في يومه، والتي لا تحتمل التأجيل لحين عودتي للبيت من وجهة نظره كالعادة، المهم أنه زف لي بشارة بأن اسمه في لوحة الشرف بالمدرسة، ومثل هذا الخبر يستحق مكافأة تليق به، لذا طلبت منه تحديدها، ليقول لي بلا تردد: أريد جوالي للحظات هذا اليوم، باغته بالسؤال: هل سوف يحتلون قريتك؟! ليأتي الرد سريعا (أيوووه) وسط دهشته.

هذا الموقف ذكرني بموقف قبل سنوات حينما كنت مرشدا طلابيا في الثانوية عندما كان يتردد عليّ طالب متوسط التحصيل الدراسي طالبا مني السماح له بالاستئذان، حيث كنت في كل مرة أطلب منه إكمال حصته والعودة لي لاحقا حرصا مني على عدم خروجه، بعد إلحاح منه طالبته ببيان السبب الحقيقي للاستئذان أو العودة لفصله ليصعقني بهذه الجملة (احتلوا قريتي) كدت أسقط من الخبر، ما قريتك وأين ومن احتلها؟ فقال إنها في (....) وهي لعبة عبر أجهزة الكمبيوتر انتشرت في أوساط الشباب نقلتهم من عالمهم الواقعي إلى العالم الافتراضي، حيث يختارون اسمهم وشخصياتهم وحتى عقائدهم عكس ماهم عليه في واقعهم، إذ أصبح هذا العالم الافتراضي واقعا يعيشوه أبناؤنا. بالتأكيد لن نستطيع نحن كأفراد أو دول أو منظمات تغيير العالم الواقعي للجيل كاملا، لكننا نستطيع تغيير وتحسين عالمهم الافتراضي من خلال فرض قيود على المحتوى في متاجر التطبيقات الإلكترونية حتى لا نجدهم أجسادا معنا وقلوبهم وعقولهم وفق ما أراد من صمم التطبيق.

• مشرف تخطيط بإدارة تعليم تبوك