-A +A
سعيد السريحي
انتقد عدد من أعضاء مجلس الشورى تقرير هيئة حقوق الإنسان مشيرين إلى جوانب تكشف عن قصور أدائها، ناصحين لها أن توجه عنايتها إلى حقوق الفئات المستضعفة مثل الأطفال والمطلقات ومجهولي الأبوين و«البدون» والأطفال السعوديين الذين تنكر لهم آباؤهم في الخارج، وكما انتقد أولئك الأعضاء أداء الهيئة فقد انتقدوا هيكلها التنظيمي مؤكدين على أن كون رئيس الهيئة هو رئيس مجلس إدارتها يشكِّل مشكلة في قضية الحوكمة على أداء هذا الجهاز، الذي لا يوجد به وحدة مراجعة داخليَّة.

وانتقادات أعضاء مجلس الشورى وجيهة دون شك، فأداء هيئة حقوق الإنسان يحتاج إلى تفعيل كي لا تبقى مجرد جهة تنظيرية ينحصر جهدها في المؤتمرات والتصريحات، كما أن هيكلها التنظيمي يعاني مما تعاني منه كثير من الأجهزة والمؤسسات الحكومية التي تخضع الأجهزة المراقبة لأدائها لنفس المسؤول الذي يتولى إدارتها، مما يلغي دورها في المراقبة فالمسؤول لا يمكن أن يراقب نفسه فضلا عن أن يحاسبها.


انتقادات مجلس الشورى صحيحة غير أنها توجهت لغير الجهة التي ينبغي أن توجه لها، فهيئة حقوق الإنسان ليست مسؤولة عن هيكلها التنظيمي، وليست مسؤولة كذلك عن تطويره وتغييره، وإنما المسؤول عن ذلك هو مجلس الشورى باعتبار أنه هو الجهة المسؤولة عن وضع النظم وتصحيحها وإقرارها ولذلك فإن الإشارة إلى الخلل التنظيمي في هيئة حقوق الإنسان أو أي هيئة أو جهاز حكومي إشارة ينبغي أن يحتفظ بها مجلس الشورى لنفسه وأن يتولى هو معالجتها وتصحيحها دون أن يلقي بمسؤولية ذلك الخلل على هذه الجهة أو تلك.

وإذا كان أعضاء في مجلس الشورى قد حضوا هيئة حقوق الإنسان على العناية بالفئات المستضعفة فقد كان الأولى بهذا الحض المجلس نفسه، ذلك أن عناية هيئة حقوق الإنسان بهذه الفئات المستضعفة ينبغي أن تستند إلى أنظمة تحدد هذه الحقوق وآليات حفظها وتوفر الضمانات لها وتحدد العقوبات التي ينبغي تطبيقها عند انتهاك هذه الحقوق، ووضع هذه الأنظمة إنما هو من صميم عمل مجلس الشورى، ولذلك فإن على المجلس قبل أن يطالب هيئة حقوق الإنسان بالعناية بالفئات المستضعفة أن يبدأ بنفسه ويراجع ملفات الأنظمة التي تكفل حقوق هذه الفئة والتي لا تزال معطلة يتم ترحيلها في مجلس الشورى من جلسة لأخرى وتوريثها من أعضاء دورة لأعضاء دورة تالية، وعلى رأس هذه الأنظمة نظام التحرش ومدونة شؤون الأسرة ونظام الأحوال الشخصية والوثائق، وغير ذلك من الأنظمة التي ينبغي على مجلس الشورى توفيرها للجهات الكافلة لحقوق الإنسان قبل أن يطالبها بتطوير أدائها.