بين كلمتي: روسيا وسوريا ما يعرف في البلاغة العربية بـ «الجناس»، وهو أن يتشابه اللفظان في النطق، ويختلفان في المعنى، وهو - كما حدده العلماء - نوعان: تام، وهو ما اتفق فيه اللفظان في أمور أربعة هي: نوع الحروف، وشكلها، وعددها، وترتيبها، أو غير تام أو ناقص، وهو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأمور المتقدمة.
فالمتأمل إذن في حروف الكلمتين سيجد النوع الثاني من الجناس، فنوع الحروف واحد، وشكلها وعددها، والاختلاف في الترتيب وحسب.
أما بين الدولتين، روسيا وسوريا، فهناك تجانس وتطابق في الأهداف والرؤى، بل وربما في المعتقدات لو أمعنا البحث والنظر، هذا التجانس والتطابق اتضح جليا خلال الأحداث الدامية في الشقيقة سوريا على مدى السنوات السبع الأخيرة، تجانس وتطابق بلغ ذروته في أن تجر روسيا قواها الجوية والبحرية والبرية لدعم سوريا لتحقيق أهداف محددة: القضاء على المعارضة، وإضعاف القوى السنية في البلاد، ودعم النظام الدموي لبشار الأسد.
إن المتأمل في الموقف الروسي تجاه سوريا، ليس على مستوى العمليات العسكرية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف، وتشرد بسببها الملايين في أرجاء العالم شرقا وغربا، وإنما كذلك على مستوى المواقف الدولية، ويكفى أن نعرف أن روسيا قد استخدمت خلال الفترة الأخيرة حق النقض - الفيتو - في منظمة الأمم المتحدة، لإجهاض أي قرار مضاد لنظام الأسد، ولو بمجرد الإدانة، الإدانة وحسب، ثماني مرات.
وبدأ التجانس والتوافق والتطابق في آخر «فيتو» روسي في مجلس الأمن، تجاه قرار دولي بالتحقيق في الجريمة البشعة التي وقعت في خان شيخون، نتيجة استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، روسيا تشكك في هذا الاتهام الموجه للأسد، ولو أنها كانت على يقين من براءته، لسارعت، بل ولبادرت هي وطالبت بتشكيل لجنة للتحقيق في الجريمة، لكنها تعلم سلفا أن طفلها المدلل - بشار الأسد - هو المتهم الأول، وروسيا ذاتها متهمة، إذ لا أعتقد أن هذه الأسلحة المحرمة دوليا، قد قام بتصنيعها نظام الأسد - الأب أو الابن - إنما هي من واردات المصانع الروسية، ومن ثمَّ فإن تشكيل لجنة تحقيق سيكشف جرائم الطرفين.
التجانس والتطابق في الفكر والمنهج والسلوك، فالتاريخ الروسي منذ أيام القيصرية، حافل بالاضطهاد والمذابح التي راح ضحيتها الآلاف من الأمم والشعوب، والتاريخ يسجل لنا صفحات سوداء في أعقاب فشل ثورة عام 1905م.
ولعلنا لم ننسَ بعد الإجرام الروسي في أفغانستان على مدى فترة الاحتلال السوفيتي لهذا البلد الإسلامي السني، هذا الاحتلال الذي نتج عنه أول التنظيمات الإرهابية - القاعدة - التي تحولت من مقاتلة الروس لتحرير البلاد، إلى الانتقام من شعوب العالم لتأييدهم لما حدث، أو لصمتهم إزاء جرائم السوفيتي، ونحن نعرف أن «داعش» التي يعاني منها عالمنا العربي خلال السنوات الأخيرة، ليست إلا إحدى مجموعات القاعدة، فهم «منشقو القاعدة» في الشام والعراق وغيرها، وهذا في حد ذاته يكشف لنا أسباب بروز ظاهرة الإرهاب وتفاقمها.
يا له من توافق وتطابق دموي وقذر، لأنه توافق على إبادة الآلاف من البشر الذين يختلفون في المذهب أو المعتقد، الذين يرفضون الطغيان والاستبداد.
وهكذا لم يقتصر الأمر على مجرد «الجناس» البلاغي، بل تعداه إلى التجانس الاعتقادي، والتوافق الإجرامي.
Dr.rasheed17@gmail.com
فالمتأمل إذن في حروف الكلمتين سيجد النوع الثاني من الجناس، فنوع الحروف واحد، وشكلها وعددها، والاختلاف في الترتيب وحسب.
أما بين الدولتين، روسيا وسوريا، فهناك تجانس وتطابق في الأهداف والرؤى، بل وربما في المعتقدات لو أمعنا البحث والنظر، هذا التجانس والتطابق اتضح جليا خلال الأحداث الدامية في الشقيقة سوريا على مدى السنوات السبع الأخيرة، تجانس وتطابق بلغ ذروته في أن تجر روسيا قواها الجوية والبحرية والبرية لدعم سوريا لتحقيق أهداف محددة: القضاء على المعارضة، وإضعاف القوى السنية في البلاد، ودعم النظام الدموي لبشار الأسد.
إن المتأمل في الموقف الروسي تجاه سوريا، ليس على مستوى العمليات العسكرية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف، وتشرد بسببها الملايين في أرجاء العالم شرقا وغربا، وإنما كذلك على مستوى المواقف الدولية، ويكفى أن نعرف أن روسيا قد استخدمت خلال الفترة الأخيرة حق النقض - الفيتو - في منظمة الأمم المتحدة، لإجهاض أي قرار مضاد لنظام الأسد، ولو بمجرد الإدانة، الإدانة وحسب، ثماني مرات.
وبدأ التجانس والتوافق والتطابق في آخر «فيتو» روسي في مجلس الأمن، تجاه قرار دولي بالتحقيق في الجريمة البشعة التي وقعت في خان شيخون، نتيجة استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، روسيا تشكك في هذا الاتهام الموجه للأسد، ولو أنها كانت على يقين من براءته، لسارعت، بل ولبادرت هي وطالبت بتشكيل لجنة للتحقيق في الجريمة، لكنها تعلم سلفا أن طفلها المدلل - بشار الأسد - هو المتهم الأول، وروسيا ذاتها متهمة، إذ لا أعتقد أن هذه الأسلحة المحرمة دوليا، قد قام بتصنيعها نظام الأسد - الأب أو الابن - إنما هي من واردات المصانع الروسية، ومن ثمَّ فإن تشكيل لجنة تحقيق سيكشف جرائم الطرفين.
التجانس والتطابق في الفكر والمنهج والسلوك، فالتاريخ الروسي منذ أيام القيصرية، حافل بالاضطهاد والمذابح التي راح ضحيتها الآلاف من الأمم والشعوب، والتاريخ يسجل لنا صفحات سوداء في أعقاب فشل ثورة عام 1905م.
ولعلنا لم ننسَ بعد الإجرام الروسي في أفغانستان على مدى فترة الاحتلال السوفيتي لهذا البلد الإسلامي السني، هذا الاحتلال الذي نتج عنه أول التنظيمات الإرهابية - القاعدة - التي تحولت من مقاتلة الروس لتحرير البلاد، إلى الانتقام من شعوب العالم لتأييدهم لما حدث، أو لصمتهم إزاء جرائم السوفيتي، ونحن نعرف أن «داعش» التي يعاني منها عالمنا العربي خلال السنوات الأخيرة، ليست إلا إحدى مجموعات القاعدة، فهم «منشقو القاعدة» في الشام والعراق وغيرها، وهذا في حد ذاته يكشف لنا أسباب بروز ظاهرة الإرهاب وتفاقمها.
يا له من توافق وتطابق دموي وقذر، لأنه توافق على إبادة الآلاف من البشر الذين يختلفون في المذهب أو المعتقد، الذين يرفضون الطغيان والاستبداد.
وهكذا لم يقتصر الأمر على مجرد «الجناس» البلاغي، بل تعداه إلى التجانس الاعتقادي، والتوافق الإجرامي.
Dr.rasheed17@gmail.com