دارت وراجت إشاعات مقلقة قبل فترة عن حبيب الكل، الذي لا يمكن أن يمر يوم إلا وتكتحل عيناك «بشوفته»، فالحياة لا تطيب إلا برؤية الحبيب كما أن رائحته الزكية ترد الروح، طبعا أكيد عرفتم من ذلك المعني بالأمر الذي لو أننا من مؤيدي يوم الحب «فلنتاين»، لجعلنا ذلك اليوم لهذا الرغيف الظريف الذي يجري العمل على قدم وساق و«ركبة» لجعله بالمرة خفيفا، هذا العزيز الذي راجت عنه الأقاويل والإشاعات هو حبيب القلب «والرية» وباقي الأكل «عيرية»، إنه رغيف الخبز أو كما نقول بكل بساطة «العيش»، والذي يطلقه البعض في دول الخليج على الرز؛ لأنه المكون الرئيسي للمائدة الخليجية، فيقال قابل الجيش ولا تقابل العيش؛ يعني التحرق لسد الجوع يضعك في امتحان صعب، والخبز احتل مساحات متعددة لقصص وأحداث وأمثلة شعبية وأصبح يضرب به المثل لعهد الوفاء والتزام المواثيق، يكفي أن يقال «يا أخي بيننا عيش وملح»، من منا مر عليه يوم دون غموس. ناس تغمس بجبنة وناس بطاجن. خلاصة هذه الإشاعات وخذ وهات أنه كانت هناك نية معلنة أو «مستخبية»، برفع الدعم عن الخبزة التي هي المكون الرئيسي لمائدة الإفطار والغداء والعشاء وهو اللقمة الهنية التي تكفي مية. وهو وجبة الغني والفقير وهو غموس «المتريش» بالملخوية والبامية بالعرض والطول وغموس «المتعيش»، بالعدس والبصل والفول، الكل بدون عيش ما يعيش. ولكن كذبت الجهات المختصة تلك الإشاعة وأكدت أنه لا نية في هذا الشأن، إنما بعض المستفيدين من هذا السوق من (بعض) التجار فهم أناس جادون ما تمشي عليهم إشاعات ولا حقائق، فإذا لم يستفيدوا من إشاعة رفع الدعم ليأخذوها مبررا للتلاعب بالسعر فإنهم جاهزون، وبسرعة البرق تتجه بوصلتهم الجشعة إلى الوزن مثلا يلصقون قرشا تحت الميزان حتى الخفض في كمية الخبز ما يبان، طالما لم يمكنهم طبعا رفع السعر. ما عندهم مشكلة يخففون الوزن ومن الشاطر الذي سيلاحظ أن القرص ناله القرص، من تحت لتحت من الخباز بأوامر من قلة لا ضمير لها وهم الانتهازيون الذين لا يهنأ لهم بال ولا «سيكام» حتى يصادروا آخر قرش أو حتى «سردينا»، من جيب المواطن الغلبان، والظاهر «ما هو بيبرس» طبعا ولا أبوزيد إنما الظاهر أننا كلنا غلابا وفِي الهم شرق. لذلك فالشر يعم ويطال الفقران واللي نص فقران واللي ربعه أيضا حتى لا يزعل الكحيان، أما المليان وأبو جيب عمران ما همه وبكل بساطة، إذا ما في عيش يقول يا فكيك ويغمس بالبتي فور أو بالكيك. والخبز الذي نتحدث عنه والذي قد يطوله عبث الجشعين هو العيش بلغة البسطاء؛ لأنه ركن أساسي من أسباب سد الجوع أو سد الحنك، فهذا المكون ذو قيمة عالية وسعرات حرارية لابد منها لكي نعيش وحيل الغشاشين على المسؤولين «ما تمشيش». وإنسان عائش يعني حيا والعيشة والعشرة الحلوة طبعا أحسن من المرة بألف مرة، ولو بلسان الإخوة المغاربة تكلمنا لقلنا يعيشك ياعيش يعني الله يخليك أو بلهجة أحبائنا القصمان «يبزيك». والله نسأل أن «يعيش» و«يبزي» لنا قرصنا كما هو كامل الوزن والأوصاف كما نحب وكما نريد ونشبع.