مرة أخرى ومجددا تستيقظ السعودية على سلسلة من القرارات الملكية المهمة، قرارات طموحة وجريئة وشجاعة شملت تعيينات لأمراء شباب في مناصب مختلفة، وتغيرات وزارية وحقائب أخرى مؤثرة، بالإضافة لقرار آخر لافت في مضمونه ورمزيته والمتعلق بإعادة العلاوات والبدلات لموظفي الدولة إلى سابق عهدها الأول، وفي ذلك إشارة واضحة ومهمة إلى أن هناك عافية اقتصادية قد تم استعادتها وأن رفاهية المواطن وتأمين العيش الكريم له من أولويات الدولة وتوجهاتها. هناك رسالة أخرى لافتة في الأوامر الملكية الأخيرة، وهي أن البقاء سيكون للأفضل، وأن عين مراقبة الأداء لا تعتمد فقط على التعليقات الشعبوية والتي تحصل في قنوات التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، ولكنها أيضا تعتمد على الإنجاز المحقق فعليا من الخطط والأهداف. من الواضح جدا أن القرارات الجديدة حصل فيها ما يمكن أن يطلق عليها مسمى منحنى تعلم إيجابي، وأن الخبرة التراكمية للقرارات والأحداث السابقة تم الاستفادة منها في إطلاق الأوامر الجديدة، وأن هناك اتجاها تصاعديا في الاعتماد وإن كان بالتدريج على أهل الكفاءة وليس فقط على أهل الثقة، وهذا يعتبر في حد ذاته تغيرا مهما ومحددا. طالت التغيرات جهات مختلفة من جامعات ووزارات وسفارات وإمارات مناطق، وذلك في إشارة عملية أن الرؤية مرتبطة بتواصل مؤكد مع كافة أذرعة وسائل التنفيذ على الأرض حتى يكون الجميع على ذات القدرة والمعرفة في تحقيق الرؤية على أرض الواقع بدلا من الانفصال الذي كان يشتكي منه الكثيرون وهو غياب أوجه التواصل والتكامل بين الإدارات والوزارات والجهات الرسمية المختلفة، ما يجعل هناك تفاوتا كبيرا، وبالتالي رعونة وقلة فعالية في الأداء المطلوب. ليس من باب الدعاية ولا المزاح ولا الطرفة حينما يقول السعوديون إن أهم ما يتابعونه في التلفزيون هو الخط الأحمر الذي يظهر على الشاشة لينوه عن وجود أوامر ملكية بعد قليل؛ لأنهم باتوا على قناعة اليوم أنهم يعيشون وتيرة تغيير غير عادية تتطلب قرارات سريعة وجريئة وحاسمة، قرارات تتعامل مع ما هو مطلوب وليس فقط مع ما هو مرغوب، وشتان الفارق بين الاثنين. كان لافتا جدا أن الغالبية العظمى من المتابعة الشعبية للقرارات الملكية التي صدرت كانت عن طريق أسلوب التواصل الاجتماعي المعروف بالواتس آب، في دلالة لافتة أيضا عن العالم الجديد الذي نعيش فيه ولندرك بجدية كيف أن القرارات الملكية تعكس هذا الأمر. الرؤية المعروفة باسم 2030 هي العدسة التي تحرك هذه التوجهات، والتحدي الأهم هو تبسيطها ونقلها لكافة شرائح المجتمع حتى تكون نصب أعينهم لزرع الأمل وتحفيز الهمم وطرد اليأس والقنوط المصاحب وهي مسألة لا تزال حتى الآن دون الطموح المطلوب وبعيدة عن المأمول. أهم من مديح القرارات الملكية هو التركيز على قدرتها في استيعاب الصدمات والاستفادة من النصائح وتعديل المسار وهذه في حد ذاتها مسألة لا يمكن الاستهانة بها، لأنها تؤكد أن العجلة تدور في سبيل الهدف الأهم وهو رؤية جديدة لأجل مستقبل طموح وواعد.