-A +A
حمود أبو طالب
استمرت وزارة الصحة زمنا طويلا تمثل معضلة كبيرة للمجتمع في عدم قدرتها على الارتقاء إلى الحد المعقول من توقعات المجتمع وتطلعاته للحصول على خدمات صحية نوعية وشاملة لكل المواطنين ابتداء من المستوى الأول للرعاية، وصولا إلى الخدمات التخصصية الدقيقة، رغم كل طواقم الإدارة التي مرت على الوزارة، والميزانيات الضخمة التي تصرف لها. ثمة مشكلات عديدة كانت تضرب بأطنابها في الوزارة وتعيقها عن التطور الحقيقي الملموس، من أبرزها التباين الكبير في رؤية كل طاقم وزاري يمر عليها في نوع الأداء الذي يراه مناسبا وملبيا للحاجة الراهنة والمستقبلية ما أدى إلى عدم اكتمال واستمرار أي إستراتيجية من إستراتيجياتها العديدة، والتي كانت تعد بمعزل عن آراء العدد الكبير من الأطباء والفنيين والإداريين في مرافق الوزارة وغيرها من القطاعات الصحية، أي أنها كانت طبخة لفريق محدود وعلى الجميع استساغتها حتى لو لم تكن سائغة أو حتى لو لم تكن قابلة للبلع.

ولكن في الفترة الأخيرة يبدو أن هناك مؤشرات جادة في الوزارة تنبئ بمحاولة الخروج من الفكر الأحادي إلى الفكر الجماعي لإيجاد وصفة علاج معقولة للعثرات المزمنة. لقد بادرت الوزارة إلى إشراك منسوبيها والمجتمع في طرح الرؤى والأفكار لتطوير الخدمات الصحية بشكل واقعي وليس نظريا وتنظيريا، وبدأت هذه المبادرة تؤتي أكلها في بلورة برامج تطويرية تستند إلى معطيات الواقع دون مركزية، فكل منطقة لها أولوياتها لكن في النهاية ربما نرى تطورا شاملا ملموسا. وآخر مبادرات الوزارة جاءت قبل أيام في مشروع «أبدع بفكرة» الموجه إلى كل موظفي وموظفات الوزارة لتقديم أي فكرة خلاقة مع التأكيد على أنها ستلقى الاهتمام الجاد وتحويلها إلى واقع عندما تثبت جدارتها.


بمثل هذا التفكير الجماعي والمشاركة المجتمعية يتطور الأداء في أي عمل، وبالإصرار على التفكير الأحادي يبقى أي عمل في مكانه أو يتراجع إلى الوراء.