للعام الثالث على التوالي، بلغ معدل حالات الطلاق في المملكة قرابة ثلث إجمالي عقود النكاح، فبحسب النتائج الرسمية، أكدت هيئة الإحصاءات العامة صدور قرابة 54 ألف صك طلاق مقابل 158 ألف عقد زواج خلال العام الماضي 1437هـ، وهي نسبة متقاربة مع معدلات العام الأسبق (1436هـ) الذي شهد 150 ألف عقد زواج مقابل 46 ألف صك طلاق، ومتقاربة أيضاً مع إحصاءات الزواج والطلاق للعام 1435هـ، أي نستطيع القول مجازاً إن قرابة ثلث زيجات السعوديين باتت تبوء بالفشل سنوياً، وهي بلا أدنى شك معدلات خطيرة تهدد الأمن والسلم والاجتماعي وتؤكد أن لدينا خلل قائم يهدر جهود الدولة وخططها التنموية على الصعيد الاجتماعي والأمني والاقتصادي.
وبالنظر إلى الجانب الاقتصادي، فالمؤكد أن الخسائر المادية فلكية، فإذا كان متوسط تكلفة الزواج في حدود 250 ألف ريال، بالتالي تصل الخسائر بسبب طلاق 54 ألف مواطن ومواطنة العام الماضي إلى 13.5 مليار ريال، وعلى الأرجح أن الخسائر التي تقع على بعض الأفراد نتيجة للطلاق أكثر من ذلك، خصوصا إذا كان هناك اقتراض من البنوك أو لجوء إلى القضاء للحصول على الطلاق، أما على الصعيد الأمني، فتشير سلسلة طويلة من الدراسات إلى خطورة تفكك الأسرة النواة على جميع أفراد الأسرة، وانعكاس ذلك على سلوك الفرد بالسلب خصوصا الأبناء، حيث أشارت دراسة بحثية وميدانية صادرة عن جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية في 2015 من إعداد الباحث الدكتور عبدالله العسكر، إلى أن 64% من نزلاء السجون في المنطقة الوسطى والغربية والشرقية هم من أسر منفصلة.
أما على صعيد الأسباب التي خلقت لنا هذا الوضع البائس، فمن الاستحالة رصدها وتحديدها ومعالجتها في الوقت الراهن نتيجة لعدم الاستفادة الفعلية من البحوث الاجتماعية الصادرة عن الجامعات وشح الدراسات الاجتماعية المقدمة من قبل مراكز الدراسات الوطنية المعنية بشؤون الأسرة، وتحديداً «المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية» الذي يعد الذراع الاستشاري والبحثي الأول لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية في رسم سياسات التنمية الاجتماعية والمرتبط بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (220) الصادر عام 1433هـ، فهذا المركز به قرابة 156 باحثاً في عدة مجالات اجتماعية، وليس لدى المركز سوى بحث «واحد» فقط لا غير عن أسباب الطلاق، أعده الأستاذ الدكتور سليمان العقيل عام 1426هـ بتكليف من وزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً، بعنوان: «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي»، وهو ما يفسر عدم وجود إستراتيجية واضحة وفاعلة للتصدي لظاهرة الطلاق، لأن غياب المعلومات التحليلية يعني غياب معرفة الأسباب الفعلية لهذه الظاهرة.
كما أن التصدي لظاهرة اجتماعية متفشية كالطلاق تحديداً، لا يمكن أن ترتبط بجهة واحدة بذاتها، فهذه القضية تتطلب تكاتف الجهود من قبل الجهات المعنية مباشرة وهي التنمية الاجتماعية والجهات ذات العلاقة مثل وزارات العدل والداخلية والتعليم والاقتصاد والتخطيط والثقافة والإعلام وهيئة الإحصاءات العامة، إضافة إلى أهمية الاستفادة من الدراسات والبحوث العديدة في مجالات الأسرة والقائمة في الجامعات الوطنية، فالأسباب الأساسية في انتشار هذه الظاهرة عديدة ومتشعبة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، إدمان المخدرات، بعض العادات والتقاليد والموروثات والأعراف الاجتماعية التي لم تعد تتناسب مع المتغيرات الاجتماعية المعاصرة، كفرض زواج الأقارب بغض النظر عن عدم التكافؤ بين الزوجين من حيث التعليم والطبائع، أو عدم إعطاء الفرصة لمساحة أكبر من النقاش والتفاهم بين الطرفين المقبلين على الزواج، كما أن هناك مفاهيم خاطئة لدى الكثيرين الذين يرون في الزواج إصلاحا وتهذيبا لأبنائهم إذا كانوا يعانون من مشكلات مرتبطة بالانحراف السلوكي، ولا يمكن الجزم بأن هذه العوامل هي أساس تفشي الطلاق، فالقضية بحاجة إلى نتائج دراسات استقصائية على أسس علمية كما يحصل في المجتمعات المتقدمة.
وهذا ما نأمله من «مجلس شؤون الأسرة» الذي أقره مجلس الوزراء العام الماضي وسوف ينطلق قريباً في مهماته التي تتسق مع مفاهيم رؤية المملكة 2030 ويهدف من خلالها إلى التصدي لهذه الظواهر التي تقف ضد استقرار الأسرة وباتت تنعكس آثارها السلبية على الاستقرار والتنمية والتطور، وعلى هذا المجلس مهمة الربط والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة، وغالبية أعضائه سوف يكونون من كبار المسؤولين وذلك بهدف أن يكون هذا المجلس قادراً على صناعة واتخاذ القرارات، وبقي علينا أن ننتظر التطبيق العملي الحقيقي لهذا المجلس لتقليص وطأة هذه الأزمة الاجتماعية، لأننا إذا استمررنا على الوضع الحالي فلن نجد أسرة ولا مجتمعاً في 2030.
وبالنظر إلى الجانب الاقتصادي، فالمؤكد أن الخسائر المادية فلكية، فإذا كان متوسط تكلفة الزواج في حدود 250 ألف ريال، بالتالي تصل الخسائر بسبب طلاق 54 ألف مواطن ومواطنة العام الماضي إلى 13.5 مليار ريال، وعلى الأرجح أن الخسائر التي تقع على بعض الأفراد نتيجة للطلاق أكثر من ذلك، خصوصا إذا كان هناك اقتراض من البنوك أو لجوء إلى القضاء للحصول على الطلاق، أما على الصعيد الأمني، فتشير سلسلة طويلة من الدراسات إلى خطورة تفكك الأسرة النواة على جميع أفراد الأسرة، وانعكاس ذلك على سلوك الفرد بالسلب خصوصا الأبناء، حيث أشارت دراسة بحثية وميدانية صادرة عن جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية في 2015 من إعداد الباحث الدكتور عبدالله العسكر، إلى أن 64% من نزلاء السجون في المنطقة الوسطى والغربية والشرقية هم من أسر منفصلة.
أما على صعيد الأسباب التي خلقت لنا هذا الوضع البائس، فمن الاستحالة رصدها وتحديدها ومعالجتها في الوقت الراهن نتيجة لعدم الاستفادة الفعلية من البحوث الاجتماعية الصادرة عن الجامعات وشح الدراسات الاجتماعية المقدمة من قبل مراكز الدراسات الوطنية المعنية بشؤون الأسرة، وتحديداً «المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية» الذي يعد الذراع الاستشاري والبحثي الأول لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية في رسم سياسات التنمية الاجتماعية والمرتبط بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (220) الصادر عام 1433هـ، فهذا المركز به قرابة 156 باحثاً في عدة مجالات اجتماعية، وليس لدى المركز سوى بحث «واحد» فقط لا غير عن أسباب الطلاق، أعده الأستاذ الدكتور سليمان العقيل عام 1426هـ بتكليف من وزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً، بعنوان: «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي»، وهو ما يفسر عدم وجود إستراتيجية واضحة وفاعلة للتصدي لظاهرة الطلاق، لأن غياب المعلومات التحليلية يعني غياب معرفة الأسباب الفعلية لهذه الظاهرة.
كما أن التصدي لظاهرة اجتماعية متفشية كالطلاق تحديداً، لا يمكن أن ترتبط بجهة واحدة بذاتها، فهذه القضية تتطلب تكاتف الجهود من قبل الجهات المعنية مباشرة وهي التنمية الاجتماعية والجهات ذات العلاقة مثل وزارات العدل والداخلية والتعليم والاقتصاد والتخطيط والثقافة والإعلام وهيئة الإحصاءات العامة، إضافة إلى أهمية الاستفادة من الدراسات والبحوث العديدة في مجالات الأسرة والقائمة في الجامعات الوطنية، فالأسباب الأساسية في انتشار هذه الظاهرة عديدة ومتشعبة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، إدمان المخدرات، بعض العادات والتقاليد والموروثات والأعراف الاجتماعية التي لم تعد تتناسب مع المتغيرات الاجتماعية المعاصرة، كفرض زواج الأقارب بغض النظر عن عدم التكافؤ بين الزوجين من حيث التعليم والطبائع، أو عدم إعطاء الفرصة لمساحة أكبر من النقاش والتفاهم بين الطرفين المقبلين على الزواج، كما أن هناك مفاهيم خاطئة لدى الكثيرين الذين يرون في الزواج إصلاحا وتهذيبا لأبنائهم إذا كانوا يعانون من مشكلات مرتبطة بالانحراف السلوكي، ولا يمكن الجزم بأن هذه العوامل هي أساس تفشي الطلاق، فالقضية بحاجة إلى نتائج دراسات استقصائية على أسس علمية كما يحصل في المجتمعات المتقدمة.
وهذا ما نأمله من «مجلس شؤون الأسرة» الذي أقره مجلس الوزراء العام الماضي وسوف ينطلق قريباً في مهماته التي تتسق مع مفاهيم رؤية المملكة 2030 ويهدف من خلالها إلى التصدي لهذه الظواهر التي تقف ضد استقرار الأسرة وباتت تنعكس آثارها السلبية على الاستقرار والتنمية والتطور، وعلى هذا المجلس مهمة الربط والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة، وغالبية أعضائه سوف يكونون من كبار المسؤولين وذلك بهدف أن يكون هذا المجلس قادراً على صناعة واتخاذ القرارات، وبقي علينا أن ننتظر التطبيق العملي الحقيقي لهذا المجلس لتقليص وطأة هذه الأزمة الاجتماعية، لأننا إذا استمررنا على الوضع الحالي فلن نجد أسرة ولا مجتمعاً في 2030.