-A +A
محمد حسن أبوداود
صرح صحفي واكب مسيرة الصحافة العربية لأربعة عقود. كان عدة رجال في ثوب واحد. ولد في جنان الغاط الجميلة في عائلة حمل اسمها الكثير. فالسدارى ليسوا بحاجة للتعريف في تاريخ المملكة. وتركي ترعرع في أجواء متقلبة وفترات شابتها التقلبات السياسية عربيا وعالميا وتيارات أثرت على عقول الكتاب بوضوح. ملك الصحافة كما سماه الملك عبدالله بن عبدالعزيز حبا فيه لشخصيته الممتعة وعلاقة حقبة زمنية بين الستينات الميلادية وعهده. أبو عبدالله كان محصورا بين حقوق السلطة الرابعة كما أرادها وحساسية المراحل التي مرت بها المملكة والحرص على الإرضاء وبين الرغبة في التغيير. كان محسوبا لأنه ابن السديري كجزء من الـ establishment، وإن لم يكن موظفا رسميا. وهو مثل الابن أراد الاستقلال وإثبات صحافيته والرقيب يمنعه من التغيير ولامس الخطوط غير الواضحة المعالم. والجميع يعرف أنه لامس هذه الخطوط مرارا وتكرارا. في الجهة المقابلة كان أول من يصاحب الملوك في رحلاته خارجيا بصحبة أسماء صحافية معروفة كانت تدعى معه. كان واسع الاطلاع وعلاقته بالمسؤولين قوية ويستطيع الولوج لأي منهم في أي وقت. وأي وقت هذه مهمة جداً لشخصيته وعلاقاته وحتى مسؤولياته. هو ربما رحمه الله لديه ما يستطيع أن يقول أمتع مما قال وكتب. ولم يوثق ما لديه. ومن باب ليس كل ما يعرف يقال. أخذ معه تاريخا لأهم حقبة تاريخية في عهود الملوك فيصل وخالد. وبروزه في عهدي الملك فهد وعبدالله رحمهم الله. وعلاقته مع الملك سلمان، وقبل ذلك الأمير سلطان والأمير نايف رحمهما الله، جميعا. وأبوعبدالله ربما من الشخصيات التي أحبها الكثيرون واختلف معها (بالضمة) فكريا وصحافيا البعض. وهذا شيء طبيعي للرموز التاريخية الحرفية الكبيرة. فلا يمكن أن تكون ذا رأي ويوافقه الجميع. وفي رأيي أن هذا من مميزات تركي السديري رحمه الله. فمواقفه كانت لا تتغير لأنه رجل مبدأ وهذا باب إعجابي به. لم يتلون ويتغير حسب الجو ولكنه تمسك بمفاهيم علمية واحترافية. لا أعرف أحدا لم يكن له إلا الاحترام والتقدير وعلى كل المستويات. وقبل كل شيء هو أستاذ في الصحافة السعودية والعربية أولا وأستاذ في الإعلام بكل فروعه. إذا تحدث عنه تعرف أنه لم يتعلم الإعلام إلا بالتطبيق والممارسة وشهد التغير التقني عبر خمسة عقود. ترك بصماته في كل مكان وترك أصدقاء يكنون له حبا خاصا جداً. ندعو له بالرحمة والغفران. سنفتقد أبا عبدالله وصوته المليء بالثقة والمصداقية والعواطف. وداعا يا أمير كما ودعته في آخر لقاء.