ليس هناك تعريف متفق عليه للإرهاب، وإن كان هناك ما يشبه الاتفاق حول مضمونه، الفكري والحركي. الإرهاب، بصورة عامة يمكن تعريفه، بأنه: عمل عنيف يُستهدف به الأبرياء، لخدمة مصلحة سياسية أو فكرة إيديولوجية، عجز أصحابها وفشل معتنقوها من إقناع الآخرين الأخذ بها أو حتى التعاطف معها، بطرق أكثر سلمية. لكن المشكلة في مثل هكذا تعريف، وغيره أنه: لا يحدد من هم الأبرياء الذين يستهدفهم الإرهاب.. ولا لماذا تلجأ بعض الجماعات السياسية للعنف، ولا ما هو بالتحديد الفكر، الذي يمكن وصفه بأنه وراء حركة الإرهاب العنيفة.
لعلَ هذا الغموض الذي يكتنف تعريف الإرهاب، لدرجة انتفاء مصلحة البعض من تعريفه تعريفاً محدداً، وجعله بهذا الغموض الذي من شأنه أن يترك المجال واسعاً لوصف أي عمل عنيف بالإرهاب، ربما لتبرير سلوكيات أكثر عنفاً وتنظيماً ومنهجيةً. كما أن الإرهاب ليس حركة عشواء غبية تتفاعل بآلية ميكانيكية ذاتية، من عندياتها. إنها حركة عنف مرتبطة، بفكر يشكل نظام القيم الخاص به الذي يبرر حركته.. ويسوغ غايته، وفي نفس الوقت، يوفر الوقود اللازم لدفع حركة عنفه.
لوقت قريب، لم تكن أية حركة عنف تُعد إرهاباً. بل إن حركة العنف، أحياناً، يبلغ التبجيل بنبل غايتها، ما يبرر فظاعة فعلها، كونها وسيلة مشروعة لتحقيق غاية نبيلة، بل حتى مقدسة. القتال من أجل تحرير الوطن والاستقلال من المستعمر، كان يمر في بعض مراحله بالعنف، حتى أنه في بعض المناسبات كان يُطلق على رجال المقاومة، بأنهم فدائيون.. أو مقاتلون من أجل الحرية. في مراحل متقدمة من تطور الظاهرة، كانت دول كبرى ترعى الحركة العنيفة لمقاومة المحتل، التي يُطلق عليه اليوم إرهاباً، على أنه عمل مشروع، طالما أنه يحقق أهدافاً سياسية للطرف الدولي، الذي هو في حالة صراع مع الطرف المحتل. استخدمت واشنطن مصطلح المقاتلون من أجل الحرية في أفغانستان لإدارة صراعها مع موسكو، ضمن معطيات محددات استخدام العنف في فترة الحرب الباردة، دون التصعيد لحد المواجهة العنيفة الشاملة بينهما. هذا الخيط الرفيع بين المقاومة المشروعة والعمل الإرهابي، انقطع وتلاشى نهائيا، بعد أحداث ٩/١١ /٢٠٠١ في نيويورك!؟
المشكلة الثانية: أن هذا التطور لإدانة العنف، تحت أي شكل ومبرر، مهما كان نبيلاً، حتى لو جاء في شكل الدفاع عن النفس، واكب تطوراً آخر على مستوى النظام الدولي نال من آليات وأطراف وأيديولوجيات الصراع بين القوى العظمى. بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بأيديولوجيته الاشتراكية، وتسيد العالم المعسكر الغربي، بأيديولوجيته الرأسمالية، بشقيها السياسي والاقتصادي، العالم أضحى في فراغٍ من عدوٍ محتملٍ للنظام الدولي الجديد، حيث تلاشت أيديولوجيات الحرب الباردة الحادة، ليصبح الشرق والغرب معاً، في حاجة لعدو مشترك.
وكانت فكرة صراع الحضارات أو صدام الحضارات، ليرجع العالم لوضعية الصراع التقليدية في العصور الوسطى. بعودة الصراع إلى جذوره الدينية القديمة، بنهاية الحرب الباردة، أصبح الإسلام هو الخطر على النظام الدولي الجديد، من وجهة النظر الغربية... بل وحتى الشرقية، في روسيا، بكل ما في الأمر من استدعاء لثارات تاريخية، يغذيها تراث متبادل من فكر العنف والتحريض عليه يعتمل في ضمير وعقل البشر، حول العالم.. ويؤثر بشكل مباشر، في سلوكيات الدول، والجماعات والتيارات السياسية غير المنظمة.
لكن الإرهاب، ليس سياسياً، على إطلاقه، بل ولا حتى في غالبيته، إلا أن الإرهاب يمكن أن يوظف لأسباب سياسية. لقد أضحى أي عمل عنيف، حتى ولو كان حادث سير، يؤخذ بدايةً على أنه عمل إرهابي، حتى يثبت بعد ذلك العكس!؟ هنا مكمن خطورة الإرهاب، لخدمة أجندات سياسية، لدول وأنظمة سياسية، ما كان لها أن تستمر لولا ارتداؤها لقميص عثمان (الإرهاب). ومن هنا يأتي التركيز على الحل الأمني لمعضلة الإرهاب، وإهمال بعدها الفكري والعقائدي. العالم يصرف كثيراً على مواجهة حركة الإرهاب العنيفة، ربما أحياناً من أجل إذكاء جذوتها.. ويبخل عندما تكون الحاجة لتخصيص موارد كافية لتجفيف منابع الفكر المحرض للإرهاب!؟
الإرهاب، إذن هو: صناعة عالمية، تُعد إحدى علامات الحياة للنظام الدولي الحالي، تماماً كما هو حال الزلازل والبراكين والكوارث الطبيعية، بالنسبة لكوكب الأرض. هناك مصالح عالمية عليا للإبقاء على جذوة الإرهاب متقدة.. كما أن هناك دولاً وأنظمة سياسية، وجماعات سياسية غير منظمة، لا يمكن أن تستغني عن الإرهاب، وتبقى نشطة وفاعلة وحاضرة وفي السلطة وحولها، على مستوى حلبة الصراع السياسي، سواء كان داخليا أو إقليمياً أو عالمياً.
من أجل هذا يتم التركيز على حركة الإرهاب العنيفة.. وإهمال فكره الأكثر خطورة على أمن وسلام البشر.
لعلَ هذا الغموض الذي يكتنف تعريف الإرهاب، لدرجة انتفاء مصلحة البعض من تعريفه تعريفاً محدداً، وجعله بهذا الغموض الذي من شأنه أن يترك المجال واسعاً لوصف أي عمل عنيف بالإرهاب، ربما لتبرير سلوكيات أكثر عنفاً وتنظيماً ومنهجيةً. كما أن الإرهاب ليس حركة عشواء غبية تتفاعل بآلية ميكانيكية ذاتية، من عندياتها. إنها حركة عنف مرتبطة، بفكر يشكل نظام القيم الخاص به الذي يبرر حركته.. ويسوغ غايته، وفي نفس الوقت، يوفر الوقود اللازم لدفع حركة عنفه.
لوقت قريب، لم تكن أية حركة عنف تُعد إرهاباً. بل إن حركة العنف، أحياناً، يبلغ التبجيل بنبل غايتها، ما يبرر فظاعة فعلها، كونها وسيلة مشروعة لتحقيق غاية نبيلة، بل حتى مقدسة. القتال من أجل تحرير الوطن والاستقلال من المستعمر، كان يمر في بعض مراحله بالعنف، حتى أنه في بعض المناسبات كان يُطلق على رجال المقاومة، بأنهم فدائيون.. أو مقاتلون من أجل الحرية. في مراحل متقدمة من تطور الظاهرة، كانت دول كبرى ترعى الحركة العنيفة لمقاومة المحتل، التي يُطلق عليه اليوم إرهاباً، على أنه عمل مشروع، طالما أنه يحقق أهدافاً سياسية للطرف الدولي، الذي هو في حالة صراع مع الطرف المحتل. استخدمت واشنطن مصطلح المقاتلون من أجل الحرية في أفغانستان لإدارة صراعها مع موسكو، ضمن معطيات محددات استخدام العنف في فترة الحرب الباردة، دون التصعيد لحد المواجهة العنيفة الشاملة بينهما. هذا الخيط الرفيع بين المقاومة المشروعة والعمل الإرهابي، انقطع وتلاشى نهائيا، بعد أحداث ٩/١١ /٢٠٠١ في نيويورك!؟
المشكلة الثانية: أن هذا التطور لإدانة العنف، تحت أي شكل ومبرر، مهما كان نبيلاً، حتى لو جاء في شكل الدفاع عن النفس، واكب تطوراً آخر على مستوى النظام الدولي نال من آليات وأطراف وأيديولوجيات الصراع بين القوى العظمى. بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بأيديولوجيته الاشتراكية، وتسيد العالم المعسكر الغربي، بأيديولوجيته الرأسمالية، بشقيها السياسي والاقتصادي، العالم أضحى في فراغٍ من عدوٍ محتملٍ للنظام الدولي الجديد، حيث تلاشت أيديولوجيات الحرب الباردة الحادة، ليصبح الشرق والغرب معاً، في حاجة لعدو مشترك.
وكانت فكرة صراع الحضارات أو صدام الحضارات، ليرجع العالم لوضعية الصراع التقليدية في العصور الوسطى. بعودة الصراع إلى جذوره الدينية القديمة، بنهاية الحرب الباردة، أصبح الإسلام هو الخطر على النظام الدولي الجديد، من وجهة النظر الغربية... بل وحتى الشرقية، في روسيا، بكل ما في الأمر من استدعاء لثارات تاريخية، يغذيها تراث متبادل من فكر العنف والتحريض عليه يعتمل في ضمير وعقل البشر، حول العالم.. ويؤثر بشكل مباشر، في سلوكيات الدول، والجماعات والتيارات السياسية غير المنظمة.
لكن الإرهاب، ليس سياسياً، على إطلاقه، بل ولا حتى في غالبيته، إلا أن الإرهاب يمكن أن يوظف لأسباب سياسية. لقد أضحى أي عمل عنيف، حتى ولو كان حادث سير، يؤخذ بدايةً على أنه عمل إرهابي، حتى يثبت بعد ذلك العكس!؟ هنا مكمن خطورة الإرهاب، لخدمة أجندات سياسية، لدول وأنظمة سياسية، ما كان لها أن تستمر لولا ارتداؤها لقميص عثمان (الإرهاب). ومن هنا يأتي التركيز على الحل الأمني لمعضلة الإرهاب، وإهمال بعدها الفكري والعقائدي. العالم يصرف كثيراً على مواجهة حركة الإرهاب العنيفة، ربما أحياناً من أجل إذكاء جذوتها.. ويبخل عندما تكون الحاجة لتخصيص موارد كافية لتجفيف منابع الفكر المحرض للإرهاب!؟
الإرهاب، إذن هو: صناعة عالمية، تُعد إحدى علامات الحياة للنظام الدولي الحالي، تماماً كما هو حال الزلازل والبراكين والكوارث الطبيعية، بالنسبة لكوكب الأرض. هناك مصالح عالمية عليا للإبقاء على جذوة الإرهاب متقدة.. كما أن هناك دولاً وأنظمة سياسية، وجماعات سياسية غير منظمة، لا يمكن أن تستغني عن الإرهاب، وتبقى نشطة وفاعلة وحاضرة وفي السلطة وحولها، على مستوى حلبة الصراع السياسي، سواء كان داخليا أو إقليمياً أو عالمياً.
من أجل هذا يتم التركيز على حركة الإرهاب العنيفة.. وإهمال فكره الأكثر خطورة على أمن وسلام البشر.