مع استقبالنا للشهر الكريم، تسارع الأقلام إلى الترحيب بهذا الشهر الفضيل، بينما تسارع أقلام أخرى لتعظ وترشد، وتنحو مجموعة ثالثة من الأقلام منحى النقد لعاداتنا السيئة التي نستقبل بها الشهر، ونعيشه، ونودعه، وعزمت أن أكون واحدا من هؤلاء، إلا أنني تلقيت رسالة شدتني، ورأيتها ترتبط ارتباطا وثيقا بالواقع، واقع استقبالنا لشهر مبارك، ينبغي أن نتعلم منه وفيه، وواقع وداعنا لعام دراسي طويل، تعب فيه الكثير من الأبناء والوالدين – كذلك – بينما مر على آخرين بالإعفاء، لأنهم لم يحصلوا خلاله شيئا، ولكنهم اجتازوه ببراعة فائقة، براعة من الغش والخيانة، براعة في دق معاول الهدم في المجتمع بأسره. الرسالة التي تلقيتها جاء فيها أن أحد الأساتذة الجامعيين كتب لطلابه في مراحل التعليم الجامعي المختلفة – بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه – رسالة معبرة، وضعها على مدخل الكلية في إحدى الجامعات بجنوب أفريقيا، مضمونها هو:
تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، ولكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم، أو السماح للطلبة بالغش.
فيموت المريض على يد طبيب نجح بالغش.
وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش.
وتخسر الأموال على يد محاسب نجح بالغش.
ويموت الدين على يد شيخ نجح بالغش.
ويضيع العدل على يد قاض نجح بالغش.
ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش.
انهيار التعليم = انهيار الأمة.
صدق الرجل، وكم نحن بحاجة لأن نتدبر ونعي كلمات هذه الرسالة التي لا تخص بلدا دون آخر، فأي دولة، وأي أمة، يصل أبناؤها إلى مناصب الدولة وإدارة المجتمع بالغش إلا وقل على هذه الدولة وهذه الأمة السلام.
من العجيب أننا إذا رسب لنا ابن في اختبارات نهاية العام، لم نفكر لحظة واحدة في أن يكون سبب الرسوب مرتبطا بابننا، وسارعنا إلى لوم المدرسة والمدرس، بل قد يتمادى بعض أولياء الأمور في شططهم، ويتقدمون بالشكاوى إلى المسؤولين في المدرسة، والقائمين على التعليم فيها.
نريد نظرة موضوعية إلى أحوال أبنائنا ومدارسهم، وأن نعالج حالات الرسوب أو الفشل بموضوعية وحيادية، فخير لنا أن يتأخر ابن لنا عاما أو عامين في تعليمه، على أن يكون الغش وسيلته في الانتقال من صف إلى آخر، أو من مرحلة إلى أخرى، ويكون أحد هؤلاء المذكورين في رسالة الأستاذ الأفريقي، لأن آثار هؤلاء الذين نجحوا بالغش، لا تقتصر على هذا أو ذاك، فعندما يموت المريض على يد طبيب نجح بالغش، قد يكون هذا المريض ابني أو أمي، وعندما ينهار مبنى نتيجة إشراف مهندس «غشاش»، لا نعرف هوية من كانوا في المبنى آنذاك، وهلم جرا، واستطيع أن أضيف إلى ما سبق ظاهرة أخرى خاصة بأمتنا، وأظنها ذات علاقة وثيقة بالغش، وأعني ظاهرة التطرف والإرهاب، التي هي تحصيل حاصل لدعاة حصلوا على شهادات، واجتازوا دورات، واعتمدوا في سعيهم هذا على الغش، للإمساك بوظيفة، أو للارتقاء إلى مرتبة عليا، وهؤلاء لا يعرفون التحذير النبوي القاسي في قوله: «من غشنا فليس منا».
أما عن نوعية التعليم، فحدث ولا حرج، نحن بحاجة ماسة إلى نهضة تعليمية، نأخذ فيها بما وصلت إليه الأمم المتقدمة، نريد نهضة في المناهج، ونهضة في الإدارة، ونهضة في شؤون المعلم، ونهضة في توعية أولياء الأمور، وليتهم يتدبرون قول الحق جل شأنه: «أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم». فاللهم اهدنا في هذا الشهر الفضيل، وارشدنا إلى ما يصلح حالنا، فإنك نعم المولى ونعم القدير.
Dr.rasheed17@gmail.com
تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، ولكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم، أو السماح للطلبة بالغش.
فيموت المريض على يد طبيب نجح بالغش.
وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش.
وتخسر الأموال على يد محاسب نجح بالغش.
ويموت الدين على يد شيخ نجح بالغش.
ويضيع العدل على يد قاض نجح بالغش.
ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش.
انهيار التعليم = انهيار الأمة.
صدق الرجل، وكم نحن بحاجة لأن نتدبر ونعي كلمات هذه الرسالة التي لا تخص بلدا دون آخر، فأي دولة، وأي أمة، يصل أبناؤها إلى مناصب الدولة وإدارة المجتمع بالغش إلا وقل على هذه الدولة وهذه الأمة السلام.
من العجيب أننا إذا رسب لنا ابن في اختبارات نهاية العام، لم نفكر لحظة واحدة في أن يكون سبب الرسوب مرتبطا بابننا، وسارعنا إلى لوم المدرسة والمدرس، بل قد يتمادى بعض أولياء الأمور في شططهم، ويتقدمون بالشكاوى إلى المسؤولين في المدرسة، والقائمين على التعليم فيها.
نريد نظرة موضوعية إلى أحوال أبنائنا ومدارسهم، وأن نعالج حالات الرسوب أو الفشل بموضوعية وحيادية، فخير لنا أن يتأخر ابن لنا عاما أو عامين في تعليمه، على أن يكون الغش وسيلته في الانتقال من صف إلى آخر، أو من مرحلة إلى أخرى، ويكون أحد هؤلاء المذكورين في رسالة الأستاذ الأفريقي، لأن آثار هؤلاء الذين نجحوا بالغش، لا تقتصر على هذا أو ذاك، فعندما يموت المريض على يد طبيب نجح بالغش، قد يكون هذا المريض ابني أو أمي، وعندما ينهار مبنى نتيجة إشراف مهندس «غشاش»، لا نعرف هوية من كانوا في المبنى آنذاك، وهلم جرا، واستطيع أن أضيف إلى ما سبق ظاهرة أخرى خاصة بأمتنا، وأظنها ذات علاقة وثيقة بالغش، وأعني ظاهرة التطرف والإرهاب، التي هي تحصيل حاصل لدعاة حصلوا على شهادات، واجتازوا دورات، واعتمدوا في سعيهم هذا على الغش، للإمساك بوظيفة، أو للارتقاء إلى مرتبة عليا، وهؤلاء لا يعرفون التحذير النبوي القاسي في قوله: «من غشنا فليس منا».
أما عن نوعية التعليم، فحدث ولا حرج، نحن بحاجة ماسة إلى نهضة تعليمية، نأخذ فيها بما وصلت إليه الأمم المتقدمة، نريد نهضة في المناهج، ونهضة في الإدارة، ونهضة في شؤون المعلم، ونهضة في توعية أولياء الأمور، وليتهم يتدبرون قول الحق جل شأنه: «أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم». فاللهم اهدنا في هذا الشهر الفضيل، وارشدنا إلى ما يصلح حالنا، فإنك نعم المولى ونعم القدير.
Dr.rasheed17@gmail.com