عنوان المقال بفتح التاء يرمز إلى مفهوم فترة زمنية ضئيلة جدا... والغالب أنها أطول من الثانية بقليل لأن هناك روايات تربط التكه بالدقة... دقة القلب... وحيث إن القلوب الآدمية تنبض بمعدل نحو 72 مرة في الدقيقة، فالتكه تعادل نحو 1.2 ثانية والله أعلم... وتستخدم الكلمة عادة كإشارة إلى وضع مؤقت لن يطول... وهذا لب موضوعنا اليوم فهناك مفاجآت عجيبة في مجال الأوضاع المؤقتة التي لم يتوقع أن تطول ولكنها طالت جدا. سأبدأها بفترة تغلب فيها عصر الإنشاءات الهندسية المصنوعة من الحديد الصلب في أوروبا بنهاية القرن التاسع عشر... وتحديدا في باريس حيث تم بناء برج «ايفل» الذي كان انعكاسا لهيمنة الحديد الصلب على التصاميم المعمارية من مصممه «جوستاف إيفل»... طبعا «انقلبت الدنيا» بسبب التصميم الذي اعتبره المعماريون وصمة عار جمالية على مدينتهم الخلابة. ولكن بسبب ضخامته وهيمنته البصرية وافقوا على إبقاء البرج لكي يكون معلما خلال معرض العالم عام 1898 Exposition Universelle الذي كان من أهم المناسبات الحضارية في العالم آنذاك... ولكن الموافقة كانت مشروطة بأن يتم إزالة البرج فور انتهاء المعرض لأنه كما وصفوه لا يرقى بمكانة باريس الجمالية... يعني ليبقى «تكه» فقط... واليوم وبعد مرور أكثر من 120 سنة لا يزال برج ايفل من أهم معالم باريس بل وفرنسا بأكملها... وأحد الأمثلة الأخرى على التكه التي تطول كانت في مطلع الحرب العالمية الأولى... العديد من حكام الدول الأوروبية كانوا أقرباء... يعني جماعة «عمك خالك»... وعلى سبيل المثال كانت هناك قرابة مباشرة بين نيقولاس قيصر روسيا والإمبراطور البروسي (الألماني) وليام الثاني... وكلاهما كانا أقرباء ملك إنجلترا جورج الخامس... وأقرباء «ألبرت» ملك بلجيكا، وألفونسو ملك إسبانيا، وفرديناند ملك بلغاريا... ولذا ففي عشية الحرب في نهاية شهر يوليو 1914 كان الاعتقاد السائد بين الأطراف المعنية أن لا يمكن أن تقوم حرب بين أبناء عائلة واحدة. ونظر بعضهم نظرة ساذجة إلى حشد الجنود، وكأنه عبارة عن مناورات واسعة النطاق بالذخيرة الحية لاختبار قدرات القوات المسلحة المختلفة. وأهم ما في الموضوع أن التوقعات كانت أن كل «الهيصة» ستكون منتهية قبل أعياد «الكريسماس»... يعني قبل نهاية ذلك العام بأسبوع واحد... تكه واحدة... وبعدها الكل في بيته مرتاح ومروق... ولكن الواقع كان غير ذلك تماما فقد تدهورت الأوضاع لتصبح الحرب العالمية الأولى من أسوأ الحروب في تاريخ البشرية... استمرت لفترة نحو أربع سنوات وراح ضحيتها أكثر من 38 مليون إنسان بين قتيل وجريح... وأما المثال التالي على التكه التي تطول تأتينا من عالم التمويل فبنهاية القرن الثامن عشر، عانت إنجلترا من مصاريف الحرب في القارة الأمريكية ولذا فوضع رئيس وزرائها الجديد «وليام بت» ضريبة «مؤقتة» على الدخل للأفراد لمن تزيد دخولهم على خمسة جنيهات في الشهر بمعدل 1% سنويا... واستمرت الضريبة «المؤقتة» على دخول الإنجليز بشكل أو آخر إلى يومنا.
فضلا تأمل في الحلول «المؤقتة» التي استمرت لسنوات طويلة وستجدها كثيرة حولنا. وأخص بالذكر على سبيل المثال «بحيرة الصرف» في شرق جدة التي أطلق عليها البعض اسم «بحيرة المسك». وكانت من مصادر عناء مدينتنا ولي شخصيا عندما تشرفت بالعمل في المجلس البلدي بجدة. وبصراحة تأتيني كوابيس بين كل حين وآخر إلى اليوم عن تلك البحيرة بالرغم من انتهاء مشكلتها.
أمنيـــــة:
هناك معاناة إنسانية كبيرة جدا في هذا الموضوع نجدها في مخيمات اللاجئين. أنشئت هذه التجمعات كإجراءات إيواء مؤقتة للنازحين عن ديارهم بسبب الحروب والاضطرابات التي واجهت العالم العربي منذ النكبة في فلسطين الشقيقة عام 1948 إلى النكبة في سورية الشقيقة اليوم. نحن لا نشعر بمعاناة سكانها، ولكن تلك المعاناة موجودة وهي تهدد الحياة الطبيعية كما نعرفها في حياتنا. أتمنى أن نتعامل مع التكه بحرص وحكمة فقد تطول ليكون عمرها الافتراضي أكثر بكثير مما نتخيل... والعلم كله عند الله وحده
وهو من وراء القصد.
فضلا تأمل في الحلول «المؤقتة» التي استمرت لسنوات طويلة وستجدها كثيرة حولنا. وأخص بالذكر على سبيل المثال «بحيرة الصرف» في شرق جدة التي أطلق عليها البعض اسم «بحيرة المسك». وكانت من مصادر عناء مدينتنا ولي شخصيا عندما تشرفت بالعمل في المجلس البلدي بجدة. وبصراحة تأتيني كوابيس بين كل حين وآخر إلى اليوم عن تلك البحيرة بالرغم من انتهاء مشكلتها.
أمنيـــــة:
هناك معاناة إنسانية كبيرة جدا في هذا الموضوع نجدها في مخيمات اللاجئين. أنشئت هذه التجمعات كإجراءات إيواء مؤقتة للنازحين عن ديارهم بسبب الحروب والاضطرابات التي واجهت العالم العربي منذ النكبة في فلسطين الشقيقة عام 1948 إلى النكبة في سورية الشقيقة اليوم. نحن لا نشعر بمعاناة سكانها، ولكن تلك المعاناة موجودة وهي تهدد الحياة الطبيعية كما نعرفها في حياتنا. أتمنى أن نتعامل مع التكه بحرص وحكمة فقد تطول ليكون عمرها الافتراضي أكثر بكثير مما نتخيل... والعلم كله عند الله وحده
وهو من وراء القصد.