-A +A
عبدالعزيز تركستاني
تشرفت خلال اليومين الماضيين وفي هذا الشهر الكريم شهر القرآن بحضور الندوة الثامنة والثلاثين للاقتصاد الإسلامي والذي تقوم به وتشرف عليه مجموعة البركة التي يترأسها سعادة الشيخ صالح كامل رعاه الله.

ولقد استفدت شخصيا كغيري من موضوع هذا العام للندوة خاصة وأن نوعية المشاركين من علماء الأمة الإسلامية كان حضورهم ومشاركتهم قوية جدا وهذا ساهم في إعطاء أفكار جديدة في العمل المصرفي والاقتصاد الإسلامي والزكاة وغيرها.


إن من فضل الله علينا في هذا الوطن الغالي أن سخرَ له رجال أعمال ووجهاء يقومون بنوع مميز من الخدمات المجتمعية التي تساهم في الرفع من المستوى الفكري والعلمي له، فالزمان قبل 38 عاما والمكان هو أرض النور أرض الحرمين حينما بدأت هذه الفكرة من بنات أفكار الشيخ صالح كامل الذي كان - همَّه ومازال - تفعيل النظرية الإسلامية في الاقتصاد الإسلامي والمصرف الإسلامي والتأمين الإسلامي وأن هذا الدين هو دين لكل زمان ومكان.

لا أظن أن أحدا كان يعرف العلاقة الفعلية والميدانية بين الاقتصاد العام والاقتصاد الإسلامي والتأمين الإسلامي وغيره ليناسب احتياجات هذا العصر الحديث حتى جاءت هذه الندوة منذ ذلك الوقت رعاهم الله وبارك في كل من ساهم فيها.

لقد تميزت هذه الندوة أيضا بأنها تقام سنويا في شهر مبارك وشهر خير وبركة بل إنه شهر القرآن والشهر الذي تنبع منه الأفكار الحسنة لخدمة الإنسانية جمعاء، ولعل بدء هذه الندوة منذ عام 1981 ميلادية في العديد من الدول والمدن العربية والإسلامية مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة ودمشق والقاهرة وبيروت والعاصمة الماليزية كوالالمبور وإسطنبول وتونس والجزائر والعاصمة الأردنية عمان- ساهم في تفعيلها محليا وإقليميا ودوليا وللمسلمين وغير المسلمين.

لقد أضحت هذه الفتاوى والتوصيات التي صدرت من هذه الندوة المباركة على مرّ السنين، مرجعا علميا أساسيا بل إنها تكون منه DATA BASE قاعدة معلومات غنية جدا عالمية يستفيد منها المسلم وغير المسلم وباللغات المختلفة.

وقد لا يكون غريبا أن تأخذ المعاهد والجامعات والبنوك والمؤسسات المصرفية المحلية والإقليمية والعالمية الكثير من هذه الفتاوى في أنحاء العالم.

ولعلّ القارئ الكريم قد يستغرب أنني ومن جلساتي البسيطة والقليلة مع الشيخ صالح كامل تعلمت أن هناك شعارا كان ومازال يعيش به وهو (إعمار البلاد وتشغيل العباد).

إن هذا الشعار تمخضت منه إحدى الشركات الرائدة في العالم الإسلامي وهي - شركة المصفق - التي شكلّ محاورها وأهدافها ووسائلها الشيخ صالح كامل بنفسه، والتي أتوقع لها شأنا كبيرا في السنوات المقبلة بحول الله في خدمة شباب وشابات هذا الوطن، فهو مصفق تشاركي إسلامي يتماشى مع رؤية 2030 بإذن الله.

ومن المهم جدا أن يعرف القارئ الكريم أن من ينظم هذه الندوة سنويا هو «وقف اقرأ للإنماء والتشغيل» والذي يهدف أساسا لخدمة الاقتصاد الإسلامي في عمومه وشموله عبر رؤية جديدة تبرز دور النشاط المالي في الإنماء والتشغيل.

ولابد في هذه العجالة أن أتقدم بالشكر والتقدير لسعادة الشيخ صالح كامل كونه أحد رجال الأعمال المعروفين في العالم الإسلامي ببرامجه ومشاريعه الإسلامية ليس فقط في المملكة.

إن برنامج ندوة البركة الإسلامي لهذا العام 1438 هجرية مميز جدا فهو يتحدث بشكل كبير عن تطبيق الأحاديث النبوية الشريفة والمعاملات التجارية والمالية المعاصرة.

فلقد تحدث المجتمعون في الجلسة الأولى عن موضوع الأحاديث في مفهوم الربا وتحدث فيها الشيخ صالح كامل وأسهب في تعريف مفهوم العلاقة بين الربا في الإسلام بشكل انسيابي جميل، وجاءت الجلسة الثانية حول تطبيق الأحاديث النبوية الشريفة على المعاملات التجارية والمالية المعاصرة حيث تحدث فيها العالم الجليل الأستاذ الدكتور عبدالستار أبوغدة والدكتور منصور الغامدي وعقب عليها فضيلة العلامة الشيخ الوالد عبدالله بن منيع الذي أثنى على هذه الندوة وأثنى على مبادرة الشيخ صالح كامل وبل إنه طلب منه أن تستمر مثل هذه الندوات لأوقات وسنوات طويلة.

وتحدث المجتمعون في الجلسة الثالثة وفي أوراق عملهم حول النهي في بيع عقدة المال أو دار أو عقار أو أرض لا يجعل لها ثمنها في مثلها وكذلك الجلسة الرابعة حول التحديات القانونية الخاصة بتطبيقات المصرفية الإسلامية واقتراح إيجاد منظومة تحكيم متكاملة وفعالة لتسوية المنازعات المتصلة بالمعاملات المصرفية المالية الشرعية وبعض الدروس المستفادة.

لقد اختتمت هذه الندوة الـ38 للاقتصاد الإسلامي بدراسة وعرض أثر القوانين المدنية على نمو وتطوير صناعة الخدمات المصرفية الإسلامية، وهذا اعتراف هام جدا أن تكون هذه الخدمات هي عبارة عن صناعة كاملة النمو في خدمة البشرية جمعاء سخرها الخالق العظيم سبحانه وتعالى، حيث تم استعراض تجارب الدول مثل تجربة بريطانيا وتجربة تونس وماليزيا والربط بين العلاقة المدنية والإسلامية.

وأقترح في هذا الصدد بأن يتم التسليط الإعلامي المحلي والإقليمي والدولي على هذه الندوة وأن تستفيد الدول من التجارب الغنية وأن يكون للإعلام الحرّ العربي والإسلامي والإعلام الغربي دور في التعريف بها.

اختتم مقالتي هذه بالشكر لكل القائمين على هذه الندوة المباركة ومن قام عليها، فالحضور الكبير من علماء هذه الأمة الإسلامية كان له الأثر الكبير في إنجاحها وهي فعلا صناعة إسلامية بامتياز. والله الموفق.

* سفير متقاعد