لاحظت من خلال الصور التي تنشر في الصحف لجولات بعض المسؤولين أن الموظفين التابعين والمرافقين لهم في الجولة تعلو محياهم ابتسامات عريضة أو مستعرضة حتى لو بدا على وجه المسؤول الجائل علامات الجدية والاهتمام لاسيما أمام الكاميرات الصحفية والعدسات الإعلامية، وقد حاولت تفسير تلك الابتسامات التي لا معنى لها في نظري لأنها ليست من نوع التبسم الذي يراد به حسن الاستقبال والتلطف مع الإخوان وأصحاب الحاجات بل هي ابتسامات مصطنعة ومرسومة وصفراء وباردة، فخرجت من تفسيري أن جوقة المبتسمين يحاولون بذلك التأكيد للمسؤول الجائل أنهم فرحون مسرورون بجولته حتى لو أمطرهم بملاحظات تحمل التأنيب والتقريع وعدم الرضى؛ لأنهم يظنون أنهم إن لم يبتسموا فقد يفسر عدم تبسمهم بأنها احتجاج منهم على ملاحظاته البناءة، وفي هذه الحالة فإنهم قد يدفعون ثمن عدم الرضى فقداناً لمناصبهم وخسارة لمنافعهم فتكون ابتساماتهم الصفراء إحدى وسائل الدفاع عن المناصب والمكاسب لاسيما إن صاحبها كمية لا بأس بها من التزلف وأن كل شيء مرتبط ومرهون بالتوجيهات الصادرة لهم من سعادته، وأنه لولا تلك التوجيهات لما عرفوا كيف يتصرفون ويتحركون وفي هذه الحالة فإن كان «الأخ» من أصحاب الطاسات الخفيفة فإن رأسه سيكبر وسوف يقابل ابتساماتهم الصفراء بابتسامة واسعة تدل على الرضى والسرور «وكأنه طفل أعادوه إلى أبويه»، أما إن كان سعادته من الراسخين في الإدارة فإنه يتجاهل معزوفة المديح الممجوج ويرمق أصحاب الابتسامات الصفراء بنظرة فاحصة وكأنه يقول لهم:«هذه البهللة ما تمشي عليّ!»، ثم يقدم لهم ما لديه من ملاحظات أو يثني على ما لمسه من إنجاز دون مبالغة أو انتقاص.
وما ذكر لا يعني بأن تكون الجولات التي يقوم بها المسؤولون بصحبة موظفيهم طبعها التجهم والتقطيب بل إن المراد ألا يكون شعارها الابتسامات الصفراء التي تدل على تملق وهوان أصحابها وسعيهم الدؤوب لضمان رضى رئيسهم تمهيداً لنيل عطاياه الوظيفية من ترقيات وميزات وانتدابات حتى لو كان أداؤهم العمل على غير ما يرام، بل إن المسؤول الجاد الذي يشيع في جولاته برفقة موظفيه روح البساطة وعدم التكلف ويجعل حديثه معهم حديث أخ أكبر لإخوته ويتودد إليهم ويحثهم بالكلمة الطيبة على إحسان في عملهم والتفاني في أداء واجبهم وترطيب أجواء العمل الجافة بطرائف مؤدبة، مثل هذا المسؤول يكون عادة ناجحاً ومحبوباً من موظفيه وقادراً على زرع الحماس في قلوبهم وإشعارهم جميعاً أن لدى كل واحد منهم عناصر نجاح وتوفيق يجب عليه اكتشافها وتنميتها حتى يخدم عمله ويكون موضع تقدير وثقة رؤسائه بما يحقق له ما يسعى إليه من طموحات جادة.
ولكن النقد موجه إلى الابتسامات البلهاء الصفراء التي ترافق جولات بعض المسؤولين لأنها تدل على بلادة حسٍ وتزلف ولا تعكس أبداً مشاعر المتزلفين «الحقيقية» نحو ذلك المسؤول !
mohammed.ahmad568@gmail.com
وما ذكر لا يعني بأن تكون الجولات التي يقوم بها المسؤولون بصحبة موظفيهم طبعها التجهم والتقطيب بل إن المراد ألا يكون شعارها الابتسامات الصفراء التي تدل على تملق وهوان أصحابها وسعيهم الدؤوب لضمان رضى رئيسهم تمهيداً لنيل عطاياه الوظيفية من ترقيات وميزات وانتدابات حتى لو كان أداؤهم العمل على غير ما يرام، بل إن المسؤول الجاد الذي يشيع في جولاته برفقة موظفيه روح البساطة وعدم التكلف ويجعل حديثه معهم حديث أخ أكبر لإخوته ويتودد إليهم ويحثهم بالكلمة الطيبة على إحسان في عملهم والتفاني في أداء واجبهم وترطيب أجواء العمل الجافة بطرائف مؤدبة، مثل هذا المسؤول يكون عادة ناجحاً ومحبوباً من موظفيه وقادراً على زرع الحماس في قلوبهم وإشعارهم جميعاً أن لدى كل واحد منهم عناصر نجاح وتوفيق يجب عليه اكتشافها وتنميتها حتى يخدم عمله ويكون موضع تقدير وثقة رؤسائه بما يحقق له ما يسعى إليه من طموحات جادة.
ولكن النقد موجه إلى الابتسامات البلهاء الصفراء التي ترافق جولات بعض المسؤولين لأنها تدل على بلادة حسٍ وتزلف ولا تعكس أبداً مشاعر المتزلفين «الحقيقية» نحو ذلك المسؤول !
mohammed.ahmad568@gmail.com