-A +A
حمود أبو طالب
ما زلت أتذكر تعليقا لأحد الأصدقاء على داعش عندما صدمتنا وسائل التواصل ذات يوم بأحد إنجازاتها العظيمة بنحر مجموعة من البشر على أيدي أفراد كتيبة من مجانينها مع خلفية صوتية تردد التهليل والتكبير، قال ذلك الصديق ما معناه: لقد أرحت نفسي بالتفكير في ماهية هذا التنظيم وطبيعة المخلوقات المنخرطة فيه، إنني اعتبرهم مجرد كائنات هبطت على كوكبنا من مكان ما في هذا الكون، ولأن لا علاقة لهم بطبيعة الجنس البشري فإنهم سيختفون فجأة ذات يوم مثلما هبطوا ويرتاح البشر من شرورهم.

إلى حد ما هناك شيء من الصحة في توصيفه من حيث أن لا علاقة لتلك الكائنات بالفطرة البشرية السوية وأنها ستختفي ذات يوم، ولكنها بالتأكيد لم تهبط من كوكب آخر، وإنما نبتت بيننا وترعرعت ومارست أبشع أنواع الفحش على مرأى ومسمع العالم بأسره، وفجأة بدأنا نشاهد انحسارها السريع خلال الأيام الماضية بشكل لا يتوقعه أكثر المتفائلين. توارى جند الخلافة المشؤومة بصورة درامية من معاقلهم واختفى الخليفة الذي بايعه المهووسون والمرضى والحمقى، وكأننا نتابع فيلما هوليووديا من أفلام الخيال.


هذا التنظيم المتوحش لم يكن سوى جزء من الحرب بالإرهاب لتشكيل واقع بائس في عالمنا ومنطقتنا على وجه الخصوص، وعندما بدأت الحرب على الإرهاب بشكل جاد لم يصمد طويلا، كان موجودا لأنه أريد له أن يكون كذلك، وعندما اكتشف العالم فداحة ما اقترفه بحق الإنسانية وقرر محاربة هذا الوحش الأسطوري الذي صنعه أصبح الأمر سهلاً لا يحتاج إلى وقت طويل.

ولكن هل سيكون هذا الانحسار والاندحار الداعشي هو النهاية. حتماً لا، لأن الكوادر التي تشربت وحشية الدم لن تستطيع التعايش مع البشر، وستدخل مرحلة كمون انتظارا لدور جديد، لذلك من المهم معرفة ضرورة فصل هذه الكائنات عن البشر وقطع علاقتهم بالعالم، هؤلاء لا يستتابون ولا يمكن تأهيلهم للحياة الطبيعية، بل يجب استئصالهم هم ومن يكرس فكرهم ويروج له.