ثقافة الطفل في بلادنا مهملة للغاية، وهي حاليا متروكة للعشوائية فلا أحد يشرف عليها ولا أحد يعنيه مراقبة ما تحتويه من مضامين ثقافية أو فكرية. ومن المؤسف أن الثقافة المتاحة لدينا للأطفال، هي في أغلبها ثقافة أجنبية، فالمواد الثقافية المنتجة محليا لا تشكل سوى نسبة ضئيلة، فضلا عن كون أكثرها لا يحبه الأطفال لضعف محتواها وافتقاره إلى الجاذبية.
هناك خمس قنوات تلفزيونية موجهة للأطفال، ثلاث منها تحمل أسماء غير عربية، وجميعها تعتمد عرض منتجات ثقافية غربية، إما باللغة الأصلية لها، أو مدبلجة بالفصحى، أو بعامية البلد العربي الذي دبلجت فيه. مع بعض الاستثناءات لعدد قليل جدا من البرامج المنتجة عربيا.
وبالنسبة للكتب، فإن ما يملأ المكتبات من كتب الأطفال في سن القراءة، أغلبه أجنبي مترجم ومستورد من البلدان العربية، وقليل جدا ما كان منها مؤلفا محليا. وكذلك بالنسبة للألعاب الإلكترونية ومواقع الإنترنت، الرائج منها ما كان أجنبيا، سواء مترجمة أو غير مترجمة. وأضف إليها متاجر الألعاب، التي تكتظ بشخصيات أجنبية مثل (نينجا ترتلز، وبات مان، وسبايدرمان، وباربي) وغيرها من الشخصيات المستوردة من ثقافات أجنبية. وكذلك متاجر الملابس، التي تروج فيها ملابس الأطفال المحلاة بكتابات وصور لرموز أجنبية.
حين تكون ثقافة الطفل مستوردة، فإنها تقحم الطفل في عالم غريب عنه، لا يمت لبيئته بصلة، وتقدم له مضمونا فكريا مختلفا عما يعرفه داخل أسرته ومجتمعه، وحيث إن الطفل من طبعه الانجذاب إلى المصادر الثقافية والتعلق بها بشدة، فإنه يمتص كقطعة اسفنج، كل ما تحتويه تلك المصادر من لغة وقيم وأفكار ومفاهيم وغيرها، فيصاب بذبذبة فكرية في ما يتعلق بالدين والأخلاق والتقاليد والعادات، ويشعر بالضياع في مسألة الهوية والانتماءات والوطنية، فلا يدري من هو ولا إلى من ينتمي! هذا لا يعني أننا ضد نقل شيء من الثقافة الأجنبية للأطفال، فمن المسلم به أن نقل الثقافة الأجنبية إليهم يثري ثقافتهم، ويتيح لهم التعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى، كما أنه أحد وسائل التقريب بين الشعوب وزيادة التفاهم بين الأمم، لكن هناك فرقا بين نقل الثقافة الأجنبية بوعي وانتقاء، وأن تكون هي الوحيدة التي تكاد تنفرد بالساحة الثقافية.
إن هذا ما يجعلني أقول إننا في حاجة شديدة إلى تأسيس ثقافة محلية للأطفال، ثقافة ذكية تبنى على خبرة تربوية ونفسية، تستطيع تلبية احتياجات الطفولة والمراهقة من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على تنشئة جيل واع يمكن الاطمئنان إلى أنه مؤهل لقيادة مستقبل الوطن بكفاءة واقتدار.
نحن في حاجة إلى إنتاج مواد ثقافية للأطفال محلية تخدم احتياجاتنا وتحقق الأهداف التي نرومها. فأطفالنا في حاجة إلى ثقافة تطلعهم على تاريخ بلادهم وتعرفهم برموزه وفنونه وآدابه ولغته وتراثه، بحيث تردم الفجوة الحالية التي تفصلهم عن ماضيهم. وهم في حاجة أيضا إلى ثقافة تسقيهم قيم المرونة والتسامح، وتكسبهم مهارات التفكير العلمي، كي يتمكنوا من التمييز بين الخير والشر، فيعرفوا ما يسيء إلى وطنهم وما يهدد أمنهم وسلامتهم، وذلك لحماية أنفسهم من الوقوع في شبكات الإرهاب والمخدرات والاختطاف وغيرها من الكوارث التي يتعرض لها الأطفال متى كانوا غير مدركين لما يحيط بهم من مهددات أمنية.
azman3075@gmail.com
هناك خمس قنوات تلفزيونية موجهة للأطفال، ثلاث منها تحمل أسماء غير عربية، وجميعها تعتمد عرض منتجات ثقافية غربية، إما باللغة الأصلية لها، أو مدبلجة بالفصحى، أو بعامية البلد العربي الذي دبلجت فيه. مع بعض الاستثناءات لعدد قليل جدا من البرامج المنتجة عربيا.
وبالنسبة للكتب، فإن ما يملأ المكتبات من كتب الأطفال في سن القراءة، أغلبه أجنبي مترجم ومستورد من البلدان العربية، وقليل جدا ما كان منها مؤلفا محليا. وكذلك بالنسبة للألعاب الإلكترونية ومواقع الإنترنت، الرائج منها ما كان أجنبيا، سواء مترجمة أو غير مترجمة. وأضف إليها متاجر الألعاب، التي تكتظ بشخصيات أجنبية مثل (نينجا ترتلز، وبات مان، وسبايدرمان، وباربي) وغيرها من الشخصيات المستوردة من ثقافات أجنبية. وكذلك متاجر الملابس، التي تروج فيها ملابس الأطفال المحلاة بكتابات وصور لرموز أجنبية.
حين تكون ثقافة الطفل مستوردة، فإنها تقحم الطفل في عالم غريب عنه، لا يمت لبيئته بصلة، وتقدم له مضمونا فكريا مختلفا عما يعرفه داخل أسرته ومجتمعه، وحيث إن الطفل من طبعه الانجذاب إلى المصادر الثقافية والتعلق بها بشدة، فإنه يمتص كقطعة اسفنج، كل ما تحتويه تلك المصادر من لغة وقيم وأفكار ومفاهيم وغيرها، فيصاب بذبذبة فكرية في ما يتعلق بالدين والأخلاق والتقاليد والعادات، ويشعر بالضياع في مسألة الهوية والانتماءات والوطنية، فلا يدري من هو ولا إلى من ينتمي! هذا لا يعني أننا ضد نقل شيء من الثقافة الأجنبية للأطفال، فمن المسلم به أن نقل الثقافة الأجنبية إليهم يثري ثقافتهم، ويتيح لهم التعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى، كما أنه أحد وسائل التقريب بين الشعوب وزيادة التفاهم بين الأمم، لكن هناك فرقا بين نقل الثقافة الأجنبية بوعي وانتقاء، وأن تكون هي الوحيدة التي تكاد تنفرد بالساحة الثقافية.
إن هذا ما يجعلني أقول إننا في حاجة شديدة إلى تأسيس ثقافة محلية للأطفال، ثقافة ذكية تبنى على خبرة تربوية ونفسية، تستطيع تلبية احتياجات الطفولة والمراهقة من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على تنشئة جيل واع يمكن الاطمئنان إلى أنه مؤهل لقيادة مستقبل الوطن بكفاءة واقتدار.
نحن في حاجة إلى إنتاج مواد ثقافية للأطفال محلية تخدم احتياجاتنا وتحقق الأهداف التي نرومها. فأطفالنا في حاجة إلى ثقافة تطلعهم على تاريخ بلادهم وتعرفهم برموزه وفنونه وآدابه ولغته وتراثه، بحيث تردم الفجوة الحالية التي تفصلهم عن ماضيهم. وهم في حاجة أيضا إلى ثقافة تسقيهم قيم المرونة والتسامح، وتكسبهم مهارات التفكير العلمي، كي يتمكنوا من التمييز بين الخير والشر، فيعرفوا ما يسيء إلى وطنهم وما يهدد أمنهم وسلامتهم، وذلك لحماية أنفسهم من الوقوع في شبكات الإرهاب والمخدرات والاختطاف وغيرها من الكوارث التي يتعرض لها الأطفال متى كانوا غير مدركين لما يحيط بهم من مهددات أمنية.
azman3075@gmail.com