-A +A
عبده خال
منذ ظهور القروبات على (الواتس أب) وجد بعض الناس فرصة لأن يرقي نفسه ترقية اجتماعية فغدا مشرفا على القروب (مدير القروب) وهذه الوضعية كانت محل تنكيت في أغلب الوقت خاصة إذا كان مدير القروب متواضعا في كل شيء، والتواضع هنا تواضع الملكات والقدرات الذهنية والتعليمية، وهذه الترقية لم يستمتع بها المدير فمع انتشار هذا التواصل تمت منازعة المدير لهذه الميزة ولها تمنح الفرد سلطة (حتى ولو كانت سلطة شكلية إلا أنها غدت مغنما، الكثير يبحث عن الحصول عليها، فالسلطة محببة لدى الإنسان مهما علا شأنها أو تضاءل.

ومديرو القروبات أحدثوا طفرة في التواصل، إذا بدأت بمجموعات تربطهم صداقة أو دراسة أو طفولة أو عمل أو حي أو اهتمام مشترك حتى بالغت بعض القروبات بحشد أعداد كبيرة من أطياف المجتمع، وأراد البعض منهم التميز بدعوة الشخصيات المشهورة سواء كانت الشهرة شهرة منصب وظيفي أو شهرة موهبة حتى غدا القروب الواحد شاملا لأربعمائة شخص تزيد أو تنقص.. وأعتقد أن هذا العدد عدد ضخم لا يحقق التواصل وإنما الإزعاج، إذ إن وجود هذه الأعداد تحولك إلى محطة قطار كل لحظة تنطلق صفارة رحلة من القراءة، وهذه القروبات لا تحقق التركيز وتعتمد على القص واللصق ومن هنا تحدث عدم المصداقية حيال ما يبث هنا أو هناك.


وكثير من مديري القروبات تنقصه حساسية الرجل الإعلامي، فليس كل ما يقال يصلح للنشر على الأقل على مستوى أمانة الكلمة أو صدق المعلومة أو صيانة القيم العامة، ولعدم وجود هذه الحساسية لدى مدير القروب تداخلت الموضوعات ووصل بعضها إلى حدود ما لا يقبل بثه، ولم يكن بالإمكان سيطرة المشرف على ما يبث على الأقل في جانب المصداقية..

ومع ظهور قوانين جرائم التقنية كبنود وعقوبة لم يستوعب الأفراد جدية تلك القوانين وإمكانية تطبيقها كعقوبة وعدم الاستيعاب كوننا مجتمعا لم يحفل بالتثقف في الجانب القانوني إذ لايزال معظمنا على عهد (حب الخشوم) أو (حق عرب) إذا أخطأ الفرد منا على شخص آخر إلا أن الخطأ مع الدولة لن تنجيك كل السوالف التي عشنا فيها وبها، فمع تطور المجتمع المدني يغدو القانون هو المنظم لعلاقة الأفراد بعضهم ببعض والمنظم لأنظمة الدولة بينها وبين مواطنيها..

وإذا كان ظهور جرائم التقنية ملزما ولها عقوبة فادحة لا بد من تكثيف التحذير من استخدامها الخاطئ وإرشاد الناس إلى الطرق الكفيلة بالسلامة لكي لا يقع الفرد تحت طائلة القانون..

ولأننا نعيش في حالة حرب لم يرتفع المجتمع إلى درجة الحذر الواجب اتباعه، فنجد أن القروبات زاخرة بكل ما يعد تعديا على أمن البلد أو اقتصادها أو أسرارها، أو مثيرا للمذهبية أو القبلية، أو مساندا للجماعات المتطرفة، أو ناشرا لأكاذيب اجتماعية، وكل هذه البنود التي ينص عليها القانون لا نملك حيالها أي معرفة..

وما لم يتثقف مديرو القروبات بما يجب عليهم فعله حيال المجاميع التي يضمها القروب وما ينشر فيها، فغداً سوف نجد بعض المشرفين (كعب داير) ذهابا وعودة من دهاليز المحاكم وربما يسترخي أحدهم داخل السجن لخمسة أعوام، عندها ربما يعطى رتبة مدير عنبر داخل السجن.