-A +A
سعيد السريحي
من شأن إقبال الطالبات المتقدمات لجامعة الطائف على التسجيل في قسم التربية البدنية، وهو إقبال كثيف ولم يكن متوقعا عند الإعلان عن افتتاح هذا القسم، من شأن هذا الإقبال أن يؤكد حقيقة واحدة وهي أن مجتمعنا، الذي حاولت التوجهات التي تغالي في المنع والتحريم تشويه وعيه ومعرفته الفطرية بمعنى الحلال والحرام والمستحب والمكروه، إنما هو مجتمع يتمتع بوعي كامل مكنه من أن يتجاوز تلك الحقبة سليما معافى، كما برهن ذلك الإقبال على أنه مجتمع يتسم بالحكمة، ففي الوقت الذي حرص فيه على تجنب الاصطدام بتلك التوجهات المتشددة إلا أنه لم يسمح لها بتشويه وعيه وتزييف إدراكه ومعرفته بقيمه الراسخة وسماحة دينه القويم.

وجامعة الطائف التي اتخذت هذا القرار إنما اتخذته اطمئنانا منها لوعي هذا المجتمع وليس لحاجته إلى هذا التخصص فحسب، اطمئنانا منها لهذا الوعي الذي يتكشف كلما يتم اتخاذ قرار شجاع يصب في مصلحة التنمية وصالح المجتمع ويواجه اتجاهات الرفض والممانعة التي تحاول التصدي لما لا يتفق مع هواها وتشددها من قرارات.


إقبال الطالبات المتقدمات لجامعة الطائف على قسم التربية البدنية يجد جذورا له في الإقبال على تعليم البنات حين أقر تعليم البنات بعد عقود من منعه، كما يجد جذوره في الإقبال على تخصصات اللغة الإنجليزية والجغرافيا وعلوم الطبيعة التي كانت علوما محرمة في بداية نشأة التعليم النظامي باعتبارها علوما تتعارض مع ثوابت الدين.

ولنا بعد ذلك كله أن نؤكد على أن تلك الأصوات المتشددة والموغلة في قواعد التحريم لا تمثل المجتمع حتى وإن كانت الأعلى صوتا والأكثر ضجيجا والأشد تنظيما، فها هن بنات الطائف يقبلن على الالتحاق بقسم التربية البدنية الذي حاولت تلك الأصوات إيهامنا بأنه تخصص لا يتقبله المجتمع ولا تقره الشريعة.