لا شك أن قرار تأسيس جهاز أمن الدولة يعد تتويجاً لجهود المملكة في تطوير قطاعات أمنية شتى، ولاسيما قطاع مكافحة الإرهاب، فمن المسلم به أن المهام التي تضطلع بإتمامها وزارة الداخلية كثيرة ومتشابكة ومتعددة، منها ما هو مختص بالأمن القومي، ومنها ما هو مختص بحماية الأمن العام، وحماية المواطنين، والحفاظ على أحكام القانون، ورعاية الخدمات المدنية للمجتمع، بخلاف العديد من المهام المتعلقة بالجرائم الجنائية على اختلاف أنواعها وأشكالها، ومن هنا استلزم الأمر القيام بخطوة مهمة لفك تشابك تلك المهام ورفع مستواها وتحسين إنجازها، وذلك من خلال فصل عدد من المهام والتخصصات وإسنادها لجهاز أمن الدولة الجديد، والإبقاء على عدد من المجالات لتختص بتنفيذها وزارة الداخلية.
من المؤكد أن استحداث جهاز أمن الدولة لا يعد بدعة سعودية بحال من الأحوال، وبنظرة مقارنة لتجارب بعض الدول المتقدمة في المجال الأمني مثل الولايات المتحدة، سنجد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI يمثل نموذجا لتقسيم وتخصيص العمل الأمني، فهذا المكتب يعد وكالة حكومية مستقلة تختص بالأمن القومي للدولة ككل، ومن أهم مهامها حماية الدولة من الإرهاب الداخلي والخارجي على السواء، وسنجد في غالبية دول العالم هذا التخصيص والفصل بين المهام الأمنية ولكن بصور وبمسميات مختلفة، وقد أدى تخصيص مكتب التحقيقات الفيدرالية في الولايات المتحدة للنظر في بعض الجرائم دون غيرها إلى رفع كفاءة العاملين فيه بصورة احترافية، فعندما تعجز شرطة بعض الولايات عن فك طلاسم جريمة ما، تلجأ لمكتب التحقيقات الفيدرالية لمساعدتها، نظراً لامتلاكه الخبرة والأدوات والكفاءة اللازمة لمثل ذلك العمل الذي يتطلب مهارات عالية.
بعكس ما قد يعتقد البعض من أن فصل بعض المهام الأمنية عن وزارة الداخلية سيمثل تفتيتاً للجهود، فإن جهاز رئاسة أمن الدولة سيدعم جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية في المملكة؛ نظراً لكونه هو من سيقوم بمدها بالمعلومات الحيوية، ما سيسهم في تفرغها بالكامل للتركيز على قضايا الأمن القومي، كما سيتيح ذلك لقطاعات وزارة الداخلية الاهتمام والتركيز على حماية القضايا التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر كالقضايا الجنائية ومكافحة المخدرات والمرور وغيرها، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف لرفع كفاءة المنظومة الأمنية ككل، ومن المؤكد أننا كمواطنين سنلمس بوضوح التبعات الإيجابية لإنشاء هذا المجلس خلال فترة زمنية قصيرة.
جهاز أمن الدولة في جوهره هو نقطة توازن بين ما هو أمني وما هو تنموي، فالمملكة -من جهة- هي دولة كبيرة ذات ثقل اقتصادي وسياسي كبير على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يجعلها هدفاً بل وغاية لكثير من قوى الشر، ومن جهة أخرى تعد المملكة دولة صاعدة تنتظرها الكثير من التحديات لكي تتمكن من أن تتبوأ المكانة المرموقة التي تستحقها بين دول العالم كدولة رائدة، وبالتالي فلا يمكن لها أن تتجاهل التهديدات الأمنية التي تواجهها بنفس القدر الذي لا يمكنها فيه التخلي عن مشروعاتها التنموية، ومن هنا انبثقت فكرة هذا القرار الذي نأمل أن يتم من خلاله تحقيق هذه المعادلة الصعبة، ونطمح أن يحقق متطلبات المرحلة، ونرجو أن يتغلب على التحديات التي تواجه الوطن في الوقت الذي يلبي طموحات كافة المواطنين.
mohammed@dr-mufti.com
من المؤكد أن استحداث جهاز أمن الدولة لا يعد بدعة سعودية بحال من الأحوال، وبنظرة مقارنة لتجارب بعض الدول المتقدمة في المجال الأمني مثل الولايات المتحدة، سنجد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI يمثل نموذجا لتقسيم وتخصيص العمل الأمني، فهذا المكتب يعد وكالة حكومية مستقلة تختص بالأمن القومي للدولة ككل، ومن أهم مهامها حماية الدولة من الإرهاب الداخلي والخارجي على السواء، وسنجد في غالبية دول العالم هذا التخصيص والفصل بين المهام الأمنية ولكن بصور وبمسميات مختلفة، وقد أدى تخصيص مكتب التحقيقات الفيدرالية في الولايات المتحدة للنظر في بعض الجرائم دون غيرها إلى رفع كفاءة العاملين فيه بصورة احترافية، فعندما تعجز شرطة بعض الولايات عن فك طلاسم جريمة ما، تلجأ لمكتب التحقيقات الفيدرالية لمساعدتها، نظراً لامتلاكه الخبرة والأدوات والكفاءة اللازمة لمثل ذلك العمل الذي يتطلب مهارات عالية.
بعكس ما قد يعتقد البعض من أن فصل بعض المهام الأمنية عن وزارة الداخلية سيمثل تفتيتاً للجهود، فإن جهاز رئاسة أمن الدولة سيدعم جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية في المملكة؛ نظراً لكونه هو من سيقوم بمدها بالمعلومات الحيوية، ما سيسهم في تفرغها بالكامل للتركيز على قضايا الأمن القومي، كما سيتيح ذلك لقطاعات وزارة الداخلية الاهتمام والتركيز على حماية القضايا التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر كالقضايا الجنائية ومكافحة المخدرات والمرور وغيرها، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف لرفع كفاءة المنظومة الأمنية ككل، ومن المؤكد أننا كمواطنين سنلمس بوضوح التبعات الإيجابية لإنشاء هذا المجلس خلال فترة زمنية قصيرة.
جهاز أمن الدولة في جوهره هو نقطة توازن بين ما هو أمني وما هو تنموي، فالمملكة -من جهة- هي دولة كبيرة ذات ثقل اقتصادي وسياسي كبير على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يجعلها هدفاً بل وغاية لكثير من قوى الشر، ومن جهة أخرى تعد المملكة دولة صاعدة تنتظرها الكثير من التحديات لكي تتمكن من أن تتبوأ المكانة المرموقة التي تستحقها بين دول العالم كدولة رائدة، وبالتالي فلا يمكن لها أن تتجاهل التهديدات الأمنية التي تواجهها بنفس القدر الذي لا يمكنها فيه التخلي عن مشروعاتها التنموية، ومن هنا انبثقت فكرة هذا القرار الذي نأمل أن يتم من خلاله تحقيق هذه المعادلة الصعبة، ونطمح أن يحقق متطلبات المرحلة، ونرجو أن يتغلب على التحديات التي تواجه الوطن في الوقت الذي يلبي طموحات كافة المواطنين.
mohammed@dr-mufti.com