-A +A
عبده خال
الإدمان... هذه المفردة تتسع في مجتمعنا، وكل يوم تجتذب أطيافا اجتماعية مختلفة الأعمار والثقافات.

ولأن هذه المفردة سيئة السمعة كوننا لا نستخدمها إلا إشارة لتعاطي المخدرات، لا نستخدمها إلا في هذا الطريق الضيق، بينما التعريف للإدمان هو التعود ويرتبط بالحالة النفسية ويؤثر على السلوك الإنساني ويجعله أسير ذلك التعود سواء كان الأمر متعلقا بتعاطي المخدرات أو الكحول أو التدخين أو شرب القهوة والشاي، أي أنه سلوك يبحث عن الإشباع والاسترخاء العقلي إلا أن الخشية من كل أنواع الإدمان المؤدية إلى الوفاة..


ويصبنا هذا الهاجس كلما كان المدمن له علاقة بتعاطي المواد المخدرة، بينما هناك عشرات أنواع الإدمان لا نلقي لها بالا في حين أنها تمثل خطرا على الفرد والجماعة.

ويمثل إدمان الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي إحدى المعضلات والمعطلات الاجتماعية، فمعظمنا يتحدث بأن الأسرة غدت منفصلة، ليس وفق المفهوم القديم عن تفكك الأسرة، وإنما المفهوم الحديث لانقطاع الأسرة أن يكونوا مع بعضهم البعض وكل فرد منهم في عالمه الافتراضي..

ولم يعد الفرد منا إلا منشغلا بهذا التواصل سواء داخل العمل أو خارجه، في البيت أو خارجه، ووصل الأمر أن البعض لا ينام من شدة تعلقه بهذا التواصل، وأعرف أشخاصا يعانون من حالة التعود على الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة أن الفرد منهم أصبح نومه متقطعا (ينام لساعة أو ساعتين)، وينهض من أجل مشاهدة من راسله أو من عقب على تغريدته أو البوست الخاص به...

نحن نعاني من مرض نفسي اجتماعي جماعي، ومع ذلك لا تداهمنا خشية آثار هذا الإدمان كما نتحدث عن إدمان المخدرات مثلا..

ربما يقال إن هذا الإدمان هو إدمان عالمي، واختطاف الإنسان من قبل التقنية، وأن الزمن القادم هو العلاقة القائمة بين الجهاز والفرد نفسه، وهذا القول صائب إلا أن ثمة فروقات بين المنتج لهذه التقنية وبين المستهلكين لها، ففي البلدان المنتجة ثم دراسات وإجراءت بحثية ونفسية وطبية تتابع الفرد وتحمى المجتمع من الإدمان على هذه التقنية، بينما الدول المستهلكة للتقنية كل الأخطار والمضار تسعى بين أفرادها من غير أدنى اهتمام بما يحدث؛ لذلك يكون الإدمان في مجتمعنا (على سبيل المثال) هو إدمان يؤدي إلى وفاة المجتمع ووفاة العلاقات بين الأفراد ما لم يتم ظهور وسائل تخفف من هذا الموت الاجتماعي.

هذا القول خاص فقط بالوقت ونوعية التواصل، بينما لم نتحدث (في هذا المقال) عن آثار القول الذي يكتب في هذه المواقع..