-A +A
حمود أبو طالب
إنها مفارقة عجيبة عندما تدعو قطر بالذات إلى تدويل الحج، إذ يبدو أن الدويلة «المدوّلة» ارتضت واستمرأت موضوع التدويل حتى خالته أمراً طبيعياً وعادياً يمكن تطبيقه بسهولة في أي مكان آخر. قطر لم تعد دولة قطر كوطن بهوية ذاتية خاصة ونظام وطني يرعى مصالح شعبه ويحافظ على سيادة بلده ويقيم علاقات مع الدول الأخرى، تستند إلى احترام أنظمة وقوانين العلاقات الدولية. قطر تحولت حقيقةً لا مجازاً إلى بلد مدوّل بكل ما يعنيه هذا المصطلح، سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وإعلاميا واجتماعيا.

سياسات النظام يرسمها وينفذها الآخرون من دول وتنظيمات وأفراد، ما بين إيران وتركيا وقادة تنظيم الإخوان وحماس وحزب الله وغيرهم، وعسكريا تبسط القاعدة الأمريكية عدتها وعتادها على الأرض القطرية ومؤخراً انضمت لها القاعدة التركية، ليصبح تعداد أفراد القاعدتين مقارباً لتعداد سكان قطر، وأمنياً أصبح معروفا من يدير فعلياً الإدارات الأمنية المهمة من الأجانب المشبوهين الذين استقطبتهم قطر، واقتصاديا يدير معظم الكيانات المالية والاقتصادية أجانب من كل مكان وتسيطر كثير من الشركات الأجنبية على السياسة الاقتصادية، وفي المجال الإعلامي لم يعد خافيا على أحد من يدير السياسة الإعلامية القطرية ومنابرها الداخلية والخارجية من مرتزقة يمثلون نفايات الإعلام الماضوي المنقرض، وأما اجتماعيا فيمكننا بسهولة اكتشاف التشوه الاجتماعي الخطير الذي أحدثه النظام عندما زج بأعراق وإثنيات لا صلة لها بالهوية العربية في صلب المجتمع القطري ليصبحوا قسراً قطعة من نسيجه رغم رفض جهاز المناعة الاجتماعي القطري.


إذاً لا غرابة أن تستسهل قطر مصطلح التدويل، لأنها تعيش حالة تدويل فعلية شاملة في كل مفاصلها، حولتها إلى دويلة تحت الوصاية العامة على كل شؤونها. ولم تكن لتجرؤ على التلفظ بتدويل الحج لو لم تكن فاقدة الأهلية والقرار لتردد ما دأبت قوله إحدى الدول الوصية عليها.