في أربع مقالات متسلسلة في شهر سبتمبر 2016 حاولت قدر استطاعتي إيجاز تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، كان هدفي من إبراز تلك الحقائق توضيح عدد كبير من العوامل والمتغيرات التي شكلت هذا الصراع، والتي لم تكن المملكة سبباً فيه بأي صورة من الصور، فالأراضي التي احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة لم يقع شبر منها تحت وصاية المملكة يوماً ما، بل على العكس تماماً، فقد كانت المواقف المشرفة للملك فيصل - بشهادة الشعوب العربية ذاتها - سبباً في انفراج الأزمة.
في كل مرة يظهر الصراع العربي الإسرائيلي على السطح نجد بعض الأفواه والأقلام التي تحاول الزج عنوة بالمملكة، وجعلها رأس الحربة في هذا الصراع، يحاول الكثير من النائحين تحميل المملكة خسائر لم تتسبب فيها أبداً، فإن كان هؤلاء يتغافلون عن عمد أسباب النكسة أو النكبة كما يحلو لهم تسميتها، ويؤمنون بما سطرته بعض الأقلام العربية المأجورة من خلال بعض الكتب التي حرفت بل وشوهت تماماً تاريخ هذا الصراع، فنحن ننصحهم بالعودة إلى الكثير من الأدبيات الإسرائيلية المنشورة، والتي سطرها الكثير من زعماء إسرائيل على شكل وثائق أو كتب، والتي أوضحت جلياً المتسببين في الهزيمة التي حلت بالعرب، والتي كانت بالنسبة لإسرائيل وقتها نصراً مؤزراً.
لسنا بحاجة إلى تكرار مواقف المملكة المشرفة تجاه القضية الفلسطينية، كما أننا لسنا بحاجة إلى تبرئة ساحتها من تهمة لم تتسبب فيها أصلاً، لكن المؤكد أننا بحاجة إلى جرأة ونحن بصدد إعادة صياغة تاريخنا العربي بشكل دقيق، لنعرف من الذي ضحى ومن الذي باع، من الذي دفع ومن الذي قبض، لن يسعنا الحديث هنا عن الكشف عن حسابات أولئك المتاجرين بالقضية الفلسطينية، فلكل مقام مقال، ولكن ما هو مهم الآن هو أن نحاول أن نضع النقاط فوق الحروف، وأن نحدد المعالم الرئيسية للصراع العربي الإسرائيلي.
منذ عودة تيران وصنافير للمملكة بدأ بعض المزايدين بالهمز واللمز عن علاقة المملكة بإسرائيل؛ بحكم أن الممر المائي في هذا الخليج يحتاج إلى قدر من التنسيق بين الدول المستفيدة (والتي تعد إسرائيل إحداها) لضمان استمرار الملاحة، وقد صدر هذا الغمز واللمز - كما هو متوقع - من دول وقيادات انغمست حتى النخاع في علاقات خفية مشبوهة مع إسرائيل، ولم تجرؤ حتى عن الإعلان عنها أو تبريرها، وعدم رد المملكة على مثل هذه التصريحات سببه عدم رغبتها في أن تتدنى لمثل هذا المستوى من الترهات، ولكن إن اضطرت لذلك فلديها الكثير مما تقوله وتخبر به الأجيال القادمة.
لا ننكر أن انتفاضة المقدسيين كان لها دور كبير في إنهاء أزمة الأقصى الأخيرة، لكن التاريخ يشهد في المقابل أن الانتفاضات دون ممارسة الضغوطات السياسية لا تجدي كثيراً، فالانتفاضات الفلسطينية السابقة داخل الأراضي المحتلة عديدة ومتكررة وقد تسببت في سقوط الآلاف من الشهداء الأبرار، وبرغم ذلك لم تحرك إسرائيل ساكناً ولم تتنازل قيد أنملة عن مواقفها بل زادتها تعنتاً، وهو ما دعا السلطة الفلسطينية بقيادة زعيمها الراحل عرفات إلى التعهد شفهياً وخطياً أمام الولايات المتحدة ورئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين باستبعاد الحلول العسكرية أياً كانت «بما فيها وقف ودعم الانتفاضات» مع إسرائيل والقبول بمبدأ المفاوضات الدبلوماسية.
عندما بدأت انتفاضة الأقصى الأخيرة قام بعض شيوخ الإخوان الذين تدعمهم قطر بمباركة هذه الانتفاضة من منتجعاتهم وقصورهم الفاخرة التي وفرتها لهم الدوحة، وعند قيام المملكة بممارسة ضغوطات دبلوماسية من خلال عدة قنوات لحقن المزيد من الدماء، أنكر هؤلاء المرجفون دور هذه الاتصالات في إنهاء الأزمة، حسناً.. دعونا نعد الكُرة إلى مرمى هؤلاء النائحين لنسألهم: ماذا قدمتم أنتم للمقدسيين؟ لماذا لا تقاتلون معهم؟ لماذا لا تشاركونهم هذه البطولات بدلاً من أن تغدوا مجرد أبواق جبانة تدعي البطولة والشرف والجهاد ولا تبذل جهداً حقيقياً في إحرازه، فبعض من هؤلاء الإعلاميين وشيوخ الجحور من الإخوان والذين يحثون المقدسيين على الجهاد هم في الأصل هاربون من أوطانهم خوفاً من الاعتقال، وحتى لا تسيل دماؤهم قصاصاً للآلاف ممن قضوا بسبب فتاواهم الجائرة (عجباً.. يحلون دماء غيرهم ويحرمون دماءهم!).
لا شك أن هذا الوقت ليس وقت مهاترات وتخوين وغمز ولمز، بل هو الوقت الذي يتعين فيه ترتيب أوراقنا الدبلوماسية بما يتفق مع مصالحنا العليا وأمننا القومي، وخاصة في ظل زخم إقليمي ومناخ مضطرب يتطلب من كل دولة أن تعي جيداً التحديات والأخطار المحدقة بها، إننا نعاني من أكثر من سبعة عقود من الصراعات العسكرية والفكرية المهلكة، نريد أن نلتمس بعض الراحة، ونريد لهذا الصراع أن ينتهي، نريد له خاتمة، لا نريد له الديمومة حتى لا نورث الأجيال القادمة المزيد من الحروب والصراعات، بل نريد أن نصل لنقطة توازن لمصالح جميع الأطراف، كما نرغب في أن نتوصل لحد أدنى من التعايش والقبول بين مختلف الجبهات المتصارعة.
في كل مرة يظهر الصراع العربي الإسرائيلي على السطح نجد بعض الأفواه والأقلام التي تحاول الزج عنوة بالمملكة، وجعلها رأس الحربة في هذا الصراع، يحاول الكثير من النائحين تحميل المملكة خسائر لم تتسبب فيها أبداً، فإن كان هؤلاء يتغافلون عن عمد أسباب النكسة أو النكبة كما يحلو لهم تسميتها، ويؤمنون بما سطرته بعض الأقلام العربية المأجورة من خلال بعض الكتب التي حرفت بل وشوهت تماماً تاريخ هذا الصراع، فنحن ننصحهم بالعودة إلى الكثير من الأدبيات الإسرائيلية المنشورة، والتي سطرها الكثير من زعماء إسرائيل على شكل وثائق أو كتب، والتي أوضحت جلياً المتسببين في الهزيمة التي حلت بالعرب، والتي كانت بالنسبة لإسرائيل وقتها نصراً مؤزراً.
لسنا بحاجة إلى تكرار مواقف المملكة المشرفة تجاه القضية الفلسطينية، كما أننا لسنا بحاجة إلى تبرئة ساحتها من تهمة لم تتسبب فيها أصلاً، لكن المؤكد أننا بحاجة إلى جرأة ونحن بصدد إعادة صياغة تاريخنا العربي بشكل دقيق، لنعرف من الذي ضحى ومن الذي باع، من الذي دفع ومن الذي قبض، لن يسعنا الحديث هنا عن الكشف عن حسابات أولئك المتاجرين بالقضية الفلسطينية، فلكل مقام مقال، ولكن ما هو مهم الآن هو أن نحاول أن نضع النقاط فوق الحروف، وأن نحدد المعالم الرئيسية للصراع العربي الإسرائيلي.
منذ عودة تيران وصنافير للمملكة بدأ بعض المزايدين بالهمز واللمز عن علاقة المملكة بإسرائيل؛ بحكم أن الممر المائي في هذا الخليج يحتاج إلى قدر من التنسيق بين الدول المستفيدة (والتي تعد إسرائيل إحداها) لضمان استمرار الملاحة، وقد صدر هذا الغمز واللمز - كما هو متوقع - من دول وقيادات انغمست حتى النخاع في علاقات خفية مشبوهة مع إسرائيل، ولم تجرؤ حتى عن الإعلان عنها أو تبريرها، وعدم رد المملكة على مثل هذه التصريحات سببه عدم رغبتها في أن تتدنى لمثل هذا المستوى من الترهات، ولكن إن اضطرت لذلك فلديها الكثير مما تقوله وتخبر به الأجيال القادمة.
لا ننكر أن انتفاضة المقدسيين كان لها دور كبير في إنهاء أزمة الأقصى الأخيرة، لكن التاريخ يشهد في المقابل أن الانتفاضات دون ممارسة الضغوطات السياسية لا تجدي كثيراً، فالانتفاضات الفلسطينية السابقة داخل الأراضي المحتلة عديدة ومتكررة وقد تسببت في سقوط الآلاف من الشهداء الأبرار، وبرغم ذلك لم تحرك إسرائيل ساكناً ولم تتنازل قيد أنملة عن مواقفها بل زادتها تعنتاً، وهو ما دعا السلطة الفلسطينية بقيادة زعيمها الراحل عرفات إلى التعهد شفهياً وخطياً أمام الولايات المتحدة ورئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين باستبعاد الحلول العسكرية أياً كانت «بما فيها وقف ودعم الانتفاضات» مع إسرائيل والقبول بمبدأ المفاوضات الدبلوماسية.
عندما بدأت انتفاضة الأقصى الأخيرة قام بعض شيوخ الإخوان الذين تدعمهم قطر بمباركة هذه الانتفاضة من منتجعاتهم وقصورهم الفاخرة التي وفرتها لهم الدوحة، وعند قيام المملكة بممارسة ضغوطات دبلوماسية من خلال عدة قنوات لحقن المزيد من الدماء، أنكر هؤلاء المرجفون دور هذه الاتصالات في إنهاء الأزمة، حسناً.. دعونا نعد الكُرة إلى مرمى هؤلاء النائحين لنسألهم: ماذا قدمتم أنتم للمقدسيين؟ لماذا لا تقاتلون معهم؟ لماذا لا تشاركونهم هذه البطولات بدلاً من أن تغدوا مجرد أبواق جبانة تدعي البطولة والشرف والجهاد ولا تبذل جهداً حقيقياً في إحرازه، فبعض من هؤلاء الإعلاميين وشيوخ الجحور من الإخوان والذين يحثون المقدسيين على الجهاد هم في الأصل هاربون من أوطانهم خوفاً من الاعتقال، وحتى لا تسيل دماؤهم قصاصاً للآلاف ممن قضوا بسبب فتاواهم الجائرة (عجباً.. يحلون دماء غيرهم ويحرمون دماءهم!).
لا شك أن هذا الوقت ليس وقت مهاترات وتخوين وغمز ولمز، بل هو الوقت الذي يتعين فيه ترتيب أوراقنا الدبلوماسية بما يتفق مع مصالحنا العليا وأمننا القومي، وخاصة في ظل زخم إقليمي ومناخ مضطرب يتطلب من كل دولة أن تعي جيداً التحديات والأخطار المحدقة بها، إننا نعاني من أكثر من سبعة عقود من الصراعات العسكرية والفكرية المهلكة، نريد أن نلتمس بعض الراحة، ونريد لهذا الصراع أن ينتهي، نريد له خاتمة، لا نريد له الديمومة حتى لا نورث الأجيال القادمة المزيد من الحروب والصراعات، بل نريد أن نصل لنقطة توازن لمصالح جميع الأطراف، كما نرغب في أن نتوصل لحد أدنى من التعايش والقبول بين مختلف الجبهات المتصارعة.