انتشرت مؤخرا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى كسب خدمة مصالحها بغطاء الدفاع عن قضايا ومصالح المجتمع. هؤلاء لهم صفات وقواسم مشتركة ومنها أنك تجدهم دائما ناقمين وناقدين وسوداويين في استشرافهم للمستقبل وأطروحاتهم أقرب إلى التنجيم من تقديم حلول حقيقية للقضايا التي يتصدون لها، متغافلين حديث أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ،، وفِي رواية أخرى فهو أهلكهم».
إنهم يستحقون بحق لقب «منجمو تويتر». وهذه الظاهرة التي بدأت في الرواج يتفنن ممارسوها عادةً في اقتناص القضايا وتداول صور المتضررين والضعفاء ودمجها مع قصص تخدم أهدافهم، ليثبتوا أنهم على حضور دائم في معارك الرأي العام، وليت الأمر اقتصر على ذلك، بل تعداه إلى إشعال المشكلات والخلافات دون محاولة بذل أبسط الجهود في التثبت منها ومدى حقيقتها مع تغافل تام عن الواجب الوطني والأخلاقي تجاه المجتمع. هذه الظاهرة للأسف وجدت لها الكثير من التأييد المتمثل في التصفيق والتشجيع الرقمي وتزايد عدد المتابعين وإعادة التغريد، وهذا أمر متوقع، فالشهرة بالأمور الغريبة والمستهجنة والشاذة أمر يسير حتى على الحمقى لأنهم قادرون عليه. منجمو تويتر هم أكبر المسوقين إلى أن «الإثارة هي الحل السريع للمشكلات» مع خدمة مصالحهم بالدرجة الأولى. وبالتأكيد أن تغريدة واحدة لهم لا يمكن أن توضح مدى توجهاتهم ولكن تتضح حقيقتها بشكل أكثر وضوحاً من خلال تحليل سلسلة من تلك التغريدات التي يدونوها كي يظهر تاريخهم الفكري ومقاصدهم الحقيقية، ولا شك أن من حق المجتمع المشاركة في قضايا الرأي العام وطرحها ومناقشتها بهدف التطوير والتحسين، ولكن استغلال الحق بما يراد به باطل أمر مرفوض، وهذا ما يعمل به منجمو تويتر بشكل يتنافى مع هذا الحق ومقاصده والقواعد النظامية التي يخضع لها وهو أمر يتنافى أيضا مع قواعد الأنظمة والمسؤولية الأخلاقية والمجتمعية.
ولا شك أن الصورة الذهنية التي رسمها منجمو تويتر بآرائهم التي ما فتئت تقدم تبريرات بسيطة وحلولا غير عملية أو علمية لأي معضلة دون تحملهم مسؤولية التخصص أو البحث قبل النقد، وقد يكون أسلوبهم ذلك رغبة في الخلاص من همّ التفكير في أسباب وأعراض المشكلات من جانب وبحثا عن الشهرة وزيادة عدد المتابعين من جانب آخر.
وقد أثبتت الكثير من القضايا التي تتعلق بالشأن العام بأن أسرع الحلول قد يكون أسوأها، وأن الحل المبني على دراسة وتخصص قد يكون هو الاختراق الحقيقي للمشكلات ومعالجتها من الجذور، ومن أبرز تلك الإشكاليات التي نالت حظاً وافراً من تغريدات منجمي تويتر، موضوع الإسكان وصندوق التنمية العقاري، حيث يتعرض المعنيون به، بشكل دائم لسهام النقد الذي بلغ رتبة التجريح الشخصي، موضوع الإسكان ربما قد يعتريه بعض القصور وجوانب متعلقة بوضوح خططه الإستراتيجية والشفافية حيالها، ومع ذلك فالملف كبير جدا، ويتطلب سياسات طويلة الأمد، لن نشعر بثمارها خلال عام أو عامين، ومن ثم قد تكون طريقا لحلول جذرية فيما بعد، لاسيما أن من يقومون على هذه المشاريع يمتلكون إحصائيات ودراسات ومعلومات تمكنهم من عملية اتخاذ القرار على الوجه المطلوب.
ختاماً، فالمروجون لفكرة الحلول السحرية التي تحل جميع المشاكل في لمحة عين، هم وغيرهم مطالبون بإدراك حجم التحديات التي يمر بها الوطن، وأن لا ينسوا وهم في غمرة النشوة بتزايد المتابعين وإعادة التغريد، حجم الضرر الذي يحدثونه ونوع الإشكاليات التي يشعلونها دون تخصص أو بحث أو أدلة علمية معتبرة، فضلا عن خطورة دخولهم بمسؤوليات قانونية حال وجود تعد يهدف إلى إلحاق الضرر أو التشهير بالآخرين وذلك بحسب نص المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية.
وحينها لن يبرأ المنجم «ريتويت» ولن يكون ارتفاع عدد متابعينه شفيعاً له أمام الجهات العدلية وأمام الله قبلها.
* محامية
إنهم يستحقون بحق لقب «منجمو تويتر». وهذه الظاهرة التي بدأت في الرواج يتفنن ممارسوها عادةً في اقتناص القضايا وتداول صور المتضررين والضعفاء ودمجها مع قصص تخدم أهدافهم، ليثبتوا أنهم على حضور دائم في معارك الرأي العام، وليت الأمر اقتصر على ذلك، بل تعداه إلى إشعال المشكلات والخلافات دون محاولة بذل أبسط الجهود في التثبت منها ومدى حقيقتها مع تغافل تام عن الواجب الوطني والأخلاقي تجاه المجتمع. هذه الظاهرة للأسف وجدت لها الكثير من التأييد المتمثل في التصفيق والتشجيع الرقمي وتزايد عدد المتابعين وإعادة التغريد، وهذا أمر متوقع، فالشهرة بالأمور الغريبة والمستهجنة والشاذة أمر يسير حتى على الحمقى لأنهم قادرون عليه. منجمو تويتر هم أكبر المسوقين إلى أن «الإثارة هي الحل السريع للمشكلات» مع خدمة مصالحهم بالدرجة الأولى. وبالتأكيد أن تغريدة واحدة لهم لا يمكن أن توضح مدى توجهاتهم ولكن تتضح حقيقتها بشكل أكثر وضوحاً من خلال تحليل سلسلة من تلك التغريدات التي يدونوها كي يظهر تاريخهم الفكري ومقاصدهم الحقيقية، ولا شك أن من حق المجتمع المشاركة في قضايا الرأي العام وطرحها ومناقشتها بهدف التطوير والتحسين، ولكن استغلال الحق بما يراد به باطل أمر مرفوض، وهذا ما يعمل به منجمو تويتر بشكل يتنافى مع هذا الحق ومقاصده والقواعد النظامية التي يخضع لها وهو أمر يتنافى أيضا مع قواعد الأنظمة والمسؤولية الأخلاقية والمجتمعية.
ولا شك أن الصورة الذهنية التي رسمها منجمو تويتر بآرائهم التي ما فتئت تقدم تبريرات بسيطة وحلولا غير عملية أو علمية لأي معضلة دون تحملهم مسؤولية التخصص أو البحث قبل النقد، وقد يكون أسلوبهم ذلك رغبة في الخلاص من همّ التفكير في أسباب وأعراض المشكلات من جانب وبحثا عن الشهرة وزيادة عدد المتابعين من جانب آخر.
وقد أثبتت الكثير من القضايا التي تتعلق بالشأن العام بأن أسرع الحلول قد يكون أسوأها، وأن الحل المبني على دراسة وتخصص قد يكون هو الاختراق الحقيقي للمشكلات ومعالجتها من الجذور، ومن أبرز تلك الإشكاليات التي نالت حظاً وافراً من تغريدات منجمي تويتر، موضوع الإسكان وصندوق التنمية العقاري، حيث يتعرض المعنيون به، بشكل دائم لسهام النقد الذي بلغ رتبة التجريح الشخصي، موضوع الإسكان ربما قد يعتريه بعض القصور وجوانب متعلقة بوضوح خططه الإستراتيجية والشفافية حيالها، ومع ذلك فالملف كبير جدا، ويتطلب سياسات طويلة الأمد، لن نشعر بثمارها خلال عام أو عامين، ومن ثم قد تكون طريقا لحلول جذرية فيما بعد، لاسيما أن من يقومون على هذه المشاريع يمتلكون إحصائيات ودراسات ومعلومات تمكنهم من عملية اتخاذ القرار على الوجه المطلوب.
ختاماً، فالمروجون لفكرة الحلول السحرية التي تحل جميع المشاكل في لمحة عين، هم وغيرهم مطالبون بإدراك حجم التحديات التي يمر بها الوطن، وأن لا ينسوا وهم في غمرة النشوة بتزايد المتابعين وإعادة التغريد، حجم الضرر الذي يحدثونه ونوع الإشكاليات التي يشعلونها دون تخصص أو بحث أو أدلة علمية معتبرة، فضلا عن خطورة دخولهم بمسؤوليات قانونية حال وجود تعد يهدف إلى إلحاق الضرر أو التشهير بالآخرين وذلك بحسب نص المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية.
وحينها لن يبرأ المنجم «ريتويت» ولن يكون ارتفاع عدد متابعينه شفيعاً له أمام الجهات العدلية وأمام الله قبلها.
* محامية