في العام 1995 لاحظت أسرة الشاب البريطاني ستيفين تشرشل تغيرات جوهرية سلبية في تصرفات ابنهم البالغ من العمر 17 عاماً، وقد لاحظت المدرسة التي ينتمي إليها هذا الشاب ذلك أيضاً، حيث كان يعاني من خمول في الجسم وتشتت في الذاكرة، والانطوائية، استمرت حالة الشاب في التدهور ولم يلبث أن توفي في أقل من عام من ظهور الحالة. تكررت هذه الحالة أيضاً في نفس الفترة مع بعض الأفراد صاحبها -بالإضافة إلى أعراض الشاب المتوفى- أعراض أخرى مثل فقدان حاد للذاكرة وعدم القدرة على النطق قبل أن تلقى هذه الحالات نفس المصير.
ظهور هذه الأعراض والوفيات أدى إلى دق جرس الإنذار بين الأطباء وإعلان حالة طوارئ صحية في المدن التي انتشرت فيها هذه الحالات، اكتشف الأطباء أن جميع تلك الحالات كانت تعاني من ضمور خلايا المخ بسبب تناول لحوم الأبقار المريضة بما كان يسمى «جنون البقر»، وعلى الرغم من أن جميع المطاعم ومحلات اللحوم كانت تطبق أنظمة صحية جيدة، إلا أنها لم تمنع من انتشار المرض خاصة من قبل بعض الأفراد الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة لسبب أو لآخر. الجدير بالذكر أن كثيراً من الأبقار التي كانت ناقلة أيضاً للأمراض كانت مجازة صحية، ولكن بعد الفحص المجهري الدقيق اتضح أنها كانت ناقلة للمرض، وبرغم تعرض تلك اللحوم للنار أثناء عملية الطبخ إلا أن الأطباء لاحظوا أنها تظل ناقلة للمرض، هذا الأمر دفع الحكومة البريطانية حينها إلى إعلان حالة الطوارئ وإعدام مئات الآلاف من الأبقار ومنع الاستيراد الخارجي من الدول المشتبه بها.
إن النظام الصحي لجميع الأغذية التي نتناولها بشكل يومي سواء كانت نباتية أو حيوانية تعتمد في المقام الأول على طرق المعالجة خلال دورة حياة النبات أو الحيوان، فعلى سبيل المثال يعتمد إنتاج الأغذية النباتية الصحية التي تسمى Organic على ثلاث عناصر رئيسية هي: التربة الجيدة، السماد الطبيعي، والمبيدات الطبيعية المضادة للحشرات خلال فترة النمو، لكن الاستزراع التجاري والمنتشر في الأسواق وخاصة في بعض الدول النامية، يلاحظ فيه عدم اهتمام المزارعين بالتربة بشكل جيد، ولجوؤهم في كثير من الأحيان للسماد الكيمياوي سريع المفعول الذي تتغذى به النباتات، بالإضافة إلى اعتمادهم على المبيدات الكيميائية الخطرة على المحصول التي يستمر فيها أثر المبيد خلال أسابيع من عملية الرش، الأمر الذي يزيد خطورة تناول هذه المنتجات وخاصة عند تناولها خلال فترة تعرف باسم «فترة التحريم».
إن الاعتماد على الأغذية النباتية المعالجة كيميائياً قد تتسبب في كثير من الأحيان في الإصابة بأمراض السرطان، فالمعروف أن أمراض السرطان بعضها وراثي محض، والآخر ناتج إما عن تعرض الشخص لأشعة محظورة بشكل مستمر، أو بسبب تناول السموم النباتية المعالجة بشكل كيميائي مبالغ فيه كما ذكرت. ليس الأمر كذلك فقط، فتناول الحيوانات كالأبقار والأغنام لأغذية نباتية «مسرطنة» قد يؤدي إلى إصابة هذه الحيوانات بأمراض سرطانية لا تلبث أن تنتقل إلى متناوليها وهكذا دواليك. وهناك ظاهرة صحية أكثر خطورة مما سبق تتمثل في انتشار المطاعم التي تعتمد بشكل كبير على اللحوم المجمدة لفترات طويلة نسبياً واعتمادها على استخدام زيوت القلي لأكثر من مرة، حيث أشار بعض الخبراء إلى أن تكرار استخدام زيت القلي يسبب تلفه نتيجة تغير خصائصه من لون وطعم ورائحة، ويصبح عندها الزيت تالفاً وغير صالح للاستهلاك، لأن تكرار القلي لنفس الزيت يعني تكرار ما يسمى بالتأكسد وقد يؤدي إلى حدوث تفاعلات في خلايا الإنسان قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بأمراض السرطان لا قدر الله.
قد تختلف أسباب أمراض الأغذية بين جنون البقر كما ذكرت في بداية المقال وبين أمراض سببها جنون بعض البشر الذين قد يؤدي جهلهم أو بالأحرى جشعهم في نهاية المطاف إلى تعريض حياة جيل بأكمله لأمراض لا قبل لهم بها، كالسرطان وهشاشة العظام وفقر الدم إلى آخره، كل ما سبق أن ذكرته سيمثل نشوء جيل بأكمله هزيل صحياً حتى لو لم تظهر نتائجه في الأمد القريب، إضافة إلى أنها تمثل عبئاً مالياً على الدولة يتمثل في زيادة الدعم المقدم للمنظمات الصحية، والسؤال الآن: كم حالة تعاني من هشاشة العظام منتشرة بيننا؟ كم عدد المصابين بأمراض السرطان في مجتمعنا؟ كم عدد الحالات التي تعاني من ضعف جهاز المناعة وفقر الدم؟ هل تستطيع المنظمات الصحية أن تقدم لنا إجابة على التساؤلات السابقة حتى نعلم ما إذا كنا نسير على الطريق الصحيح أم لا؟
mohammed@dr-mufti.com
ظهور هذه الأعراض والوفيات أدى إلى دق جرس الإنذار بين الأطباء وإعلان حالة طوارئ صحية في المدن التي انتشرت فيها هذه الحالات، اكتشف الأطباء أن جميع تلك الحالات كانت تعاني من ضمور خلايا المخ بسبب تناول لحوم الأبقار المريضة بما كان يسمى «جنون البقر»، وعلى الرغم من أن جميع المطاعم ومحلات اللحوم كانت تطبق أنظمة صحية جيدة، إلا أنها لم تمنع من انتشار المرض خاصة من قبل بعض الأفراد الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة لسبب أو لآخر. الجدير بالذكر أن كثيراً من الأبقار التي كانت ناقلة أيضاً للأمراض كانت مجازة صحية، ولكن بعد الفحص المجهري الدقيق اتضح أنها كانت ناقلة للمرض، وبرغم تعرض تلك اللحوم للنار أثناء عملية الطبخ إلا أن الأطباء لاحظوا أنها تظل ناقلة للمرض، هذا الأمر دفع الحكومة البريطانية حينها إلى إعلان حالة الطوارئ وإعدام مئات الآلاف من الأبقار ومنع الاستيراد الخارجي من الدول المشتبه بها.
إن النظام الصحي لجميع الأغذية التي نتناولها بشكل يومي سواء كانت نباتية أو حيوانية تعتمد في المقام الأول على طرق المعالجة خلال دورة حياة النبات أو الحيوان، فعلى سبيل المثال يعتمد إنتاج الأغذية النباتية الصحية التي تسمى Organic على ثلاث عناصر رئيسية هي: التربة الجيدة، السماد الطبيعي، والمبيدات الطبيعية المضادة للحشرات خلال فترة النمو، لكن الاستزراع التجاري والمنتشر في الأسواق وخاصة في بعض الدول النامية، يلاحظ فيه عدم اهتمام المزارعين بالتربة بشكل جيد، ولجوؤهم في كثير من الأحيان للسماد الكيمياوي سريع المفعول الذي تتغذى به النباتات، بالإضافة إلى اعتمادهم على المبيدات الكيميائية الخطرة على المحصول التي يستمر فيها أثر المبيد خلال أسابيع من عملية الرش، الأمر الذي يزيد خطورة تناول هذه المنتجات وخاصة عند تناولها خلال فترة تعرف باسم «فترة التحريم».
إن الاعتماد على الأغذية النباتية المعالجة كيميائياً قد تتسبب في كثير من الأحيان في الإصابة بأمراض السرطان، فالمعروف أن أمراض السرطان بعضها وراثي محض، والآخر ناتج إما عن تعرض الشخص لأشعة محظورة بشكل مستمر، أو بسبب تناول السموم النباتية المعالجة بشكل كيميائي مبالغ فيه كما ذكرت. ليس الأمر كذلك فقط، فتناول الحيوانات كالأبقار والأغنام لأغذية نباتية «مسرطنة» قد يؤدي إلى إصابة هذه الحيوانات بأمراض سرطانية لا تلبث أن تنتقل إلى متناوليها وهكذا دواليك. وهناك ظاهرة صحية أكثر خطورة مما سبق تتمثل في انتشار المطاعم التي تعتمد بشكل كبير على اللحوم المجمدة لفترات طويلة نسبياً واعتمادها على استخدام زيوت القلي لأكثر من مرة، حيث أشار بعض الخبراء إلى أن تكرار استخدام زيت القلي يسبب تلفه نتيجة تغير خصائصه من لون وطعم ورائحة، ويصبح عندها الزيت تالفاً وغير صالح للاستهلاك، لأن تكرار القلي لنفس الزيت يعني تكرار ما يسمى بالتأكسد وقد يؤدي إلى حدوث تفاعلات في خلايا الإنسان قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بأمراض السرطان لا قدر الله.
قد تختلف أسباب أمراض الأغذية بين جنون البقر كما ذكرت في بداية المقال وبين أمراض سببها جنون بعض البشر الذين قد يؤدي جهلهم أو بالأحرى جشعهم في نهاية المطاف إلى تعريض حياة جيل بأكمله لأمراض لا قبل لهم بها، كالسرطان وهشاشة العظام وفقر الدم إلى آخره، كل ما سبق أن ذكرته سيمثل نشوء جيل بأكمله هزيل صحياً حتى لو لم تظهر نتائجه في الأمد القريب، إضافة إلى أنها تمثل عبئاً مالياً على الدولة يتمثل في زيادة الدعم المقدم للمنظمات الصحية، والسؤال الآن: كم حالة تعاني من هشاشة العظام منتشرة بيننا؟ كم عدد المصابين بأمراض السرطان في مجتمعنا؟ كم عدد الحالات التي تعاني من ضعف جهاز المناعة وفقر الدم؟ هل تستطيع المنظمات الصحية أن تقدم لنا إجابة على التساؤلات السابقة حتى نعلم ما إذا كنا نسير على الطريق الصحيح أم لا؟
mohammed@dr-mufti.com