«الشأن العام» لأي بلد يمكن أن يعرف بأنه: الأمور والمسائل العامة المتعلقة بشؤون ذلك البلد الداخلية والخارجية. إنه كل ما يهم المواطن -أينما كان- من شؤون داخلية وخارجية عامة تتعلق، مباشرة وغير مباشرة، بحياته، وحياة أبنائه وأحفاده، حاضرا ومستقبلا. وبالتالي، يصبح من حق المواطن «المشاركة» في صنع القرارات التي تتعلق بالشأن العام لبلده، لأنه شأنه وشأن نظرائه بقية المواطنين. وتتم المشاركة بالأصالة، أو بالوكالة (النيابة).
وصدور القرار الرشيد في الشأن العام، من قبل المعنيين أنفسهم، أو من يمثلهم، لا يجب أن يتم إلا بعد «حوار (وطني)» واسع ومكثف، ومهني.. تعرض فيه كافة الرؤى ومختلف وجهات النظر، وتحدد المصالح المختلفة.. ثم تتم بلورة صيغة للقرار شبه المتفق عليه، تطرح للتصويت (الاستفتائي). فإن أقرتها غالبية المتحاورين تصبح قرارا ملزما للجميع، بما في ذلك السلطة التنفيذية في الحكومة. الحوار يعني: تبادل الآراء ووجهات النظر بين أطراف مختلفة، ذات توجهات ومصالح مختلفة، للوصول إلى قرار مشترك تقبله غالبية المتحاورين. وجوهر الحوار هذا ينطبق -أكثر ما ينطبق ويطبق- في البرلمانات.
***
أما «الحوار» خارج إطار عملية صنع القرار السياسي، فإنه يعتبر، مهما بلغت أهميته -مقارنة بالحوار البرلماني السياسي بطبيعته- حوارا جانبيا، أو هامشيا، أو ثانويا، وإن شارك فيه مواطنون من فئات مؤثرة مختلفة. البرلمان الحقيقي لأي بلد هو الميدان الأهم والأنسب لإقامة الحوار الوطني الدائم والشامل لكل شيء، وليس المقتصر على موضوع واحد بعينه.. يتم تداوله، والبت فيه، وبعد ذلك ينفض السامر. البرلمان الحقيقي هو مصنع القرار الوطني الأكبر والأهم.. وهو القرار الصادر عن غالبية المعنيين، والمراعي لتوجه ومصلحة وفائدة هؤلاء. إنه القرار الصادر عن أكبر منابر الحوار الوطني (National Forum) الذي يسمى أحيانا بـ«مجلس الأمة»، أو الشعب... إلخ. ولعل هذه التسميات تؤكد الطبيعة الرئيسة للمجالس التشريعية، أينما كانت.
أضحى البرلمان الحقيقي، في أي بلد، هو قطب الرحى في النظام السياسي لذلك البلد، لأنه يمثل السلطة الأهم فيه.. ألا وهي السلطة التشريعية.
البعض قد يطلق على حوارات البرلمانات ومجالس الشورى نقاشا، أو مداولة تعقد في جلسات، وتضبط بمحاضر. ولكن عند التمعن في هذه الجلسات، سرعان ما يتبين أنها عبارة عن حوارات مختلفة، ينصب كل منها على قضية بعينها، تهم الوطن والمواطنين، وتمس جانبا من اهتماماتهم. وتتم بشأنها التسويات والتوفيقات، والوصول إلى حلول وقرارات تقبلها غالبية المتحاورين المعنيين. وبالقطع، فإن الحوار الوطني المستدام داخل السلطات التشريعية هو الحوار الأكثر أهمية، والأفضل مردودا وطنيا.
***
لقد توصل الفكر السياسي العالمي، وعلى مدار ثلاثة آلاف سنة -تقريباً- واستنادا إلى التجارب العملية، وأحداث التاريخ السياسي لبني الإنسان، إلى صيغة عامة معروفة.. لما ينبغي أن تكون سلطة التشريع عليه، من حيث: التكوين والصلاحيات، وما إليهما. فالحكومة -أي حكومة- هي: السلطة العليا العامة في البلاد -أي بلاد- بفروعها الثلاثة: التشريع، التنفيذ، القضاء. الحكومة -أي حكومة- وفي أي مكان وزمان، هي، في الواقع، عبارة عن: جهاز إداري ضخم.. يشرع وينفذ ويقاضي.. وتعتبر «السلطة التشريعية» أهم السلطات الثلاث.. كيف لا؟! وهي التي تضع القوانين، المتفق عليها وطنيا، وتجيز السياسات، وترشد القرارات والاتفاقات، وتراقب التنفيذ وتتابعه، وتساند القضاء وتحترم قراراته.
وتعتبر الصيغة العامة للسلطة التشريعية في بلاد العالم المتقدمة الآن النموذج الذي يحتذى للسلطة التشريعية، كما ينبغي أن تكون. ومعظم المجالس العربية والخليجية المشابهة ما زالت بعيدة -نسبيا- عن هذا النموذج، أو الصورة المثلى للسلطة التشريعية في ذروة تطورها الراهن. ولكن توجد في هذه المجالس العربية الناشئة الكثير من ملامح وعناصر النموذج. كما أن هذه المجالس ليست جامدة، بل إنها تتطور.. مقتربة -مع مرور الزمن- أكثر من الصيغة المثلى. ويعتقد أن غالبية المعنيين في المنطقة العربية تريد لهذه المجالس أن تتطور، لكن في إطار الثوابت الدينية والوطنية المعروفة للبلاد المعنية. ومن حق وواجب كل بلد، بالمناسبة، أن تقيم «برلمانها» وفق ثوابتها السليمة المختلفة. فذلك هو الحاصل في بلاد العالم السابقة في التطور الحضاري والسياسي. إن مجرد تواجد برلمان يعتبر -في حد ذاته- أمرا إيجابيا، كما يعتبر نقلة نوعية كبيرة في التاريخ السياسي للدول النامية والناشئة. فالتواجد غالباً ما يكون أفضل من العدم. والأجمل أن يكون لهذا التواجد الثمرات المرجوة.. وأن تتزايد هذه الثمرات، وتحلو أكثر، مع مرور الزمن.
وصدور القرار الرشيد في الشأن العام، من قبل المعنيين أنفسهم، أو من يمثلهم، لا يجب أن يتم إلا بعد «حوار (وطني)» واسع ومكثف، ومهني.. تعرض فيه كافة الرؤى ومختلف وجهات النظر، وتحدد المصالح المختلفة.. ثم تتم بلورة صيغة للقرار شبه المتفق عليه، تطرح للتصويت (الاستفتائي). فإن أقرتها غالبية المتحاورين تصبح قرارا ملزما للجميع، بما في ذلك السلطة التنفيذية في الحكومة. الحوار يعني: تبادل الآراء ووجهات النظر بين أطراف مختلفة، ذات توجهات ومصالح مختلفة، للوصول إلى قرار مشترك تقبله غالبية المتحاورين. وجوهر الحوار هذا ينطبق -أكثر ما ينطبق ويطبق- في البرلمانات.
***
أما «الحوار» خارج إطار عملية صنع القرار السياسي، فإنه يعتبر، مهما بلغت أهميته -مقارنة بالحوار البرلماني السياسي بطبيعته- حوارا جانبيا، أو هامشيا، أو ثانويا، وإن شارك فيه مواطنون من فئات مؤثرة مختلفة. البرلمان الحقيقي لأي بلد هو الميدان الأهم والأنسب لإقامة الحوار الوطني الدائم والشامل لكل شيء، وليس المقتصر على موضوع واحد بعينه.. يتم تداوله، والبت فيه، وبعد ذلك ينفض السامر. البرلمان الحقيقي هو مصنع القرار الوطني الأكبر والأهم.. وهو القرار الصادر عن غالبية المعنيين، والمراعي لتوجه ومصلحة وفائدة هؤلاء. إنه القرار الصادر عن أكبر منابر الحوار الوطني (National Forum) الذي يسمى أحيانا بـ«مجلس الأمة»، أو الشعب... إلخ. ولعل هذه التسميات تؤكد الطبيعة الرئيسة للمجالس التشريعية، أينما كانت.
أضحى البرلمان الحقيقي، في أي بلد، هو قطب الرحى في النظام السياسي لذلك البلد، لأنه يمثل السلطة الأهم فيه.. ألا وهي السلطة التشريعية.
البعض قد يطلق على حوارات البرلمانات ومجالس الشورى نقاشا، أو مداولة تعقد في جلسات، وتضبط بمحاضر. ولكن عند التمعن في هذه الجلسات، سرعان ما يتبين أنها عبارة عن حوارات مختلفة، ينصب كل منها على قضية بعينها، تهم الوطن والمواطنين، وتمس جانبا من اهتماماتهم. وتتم بشأنها التسويات والتوفيقات، والوصول إلى حلول وقرارات تقبلها غالبية المتحاورين المعنيين. وبالقطع، فإن الحوار الوطني المستدام داخل السلطات التشريعية هو الحوار الأكثر أهمية، والأفضل مردودا وطنيا.
***
لقد توصل الفكر السياسي العالمي، وعلى مدار ثلاثة آلاف سنة -تقريباً- واستنادا إلى التجارب العملية، وأحداث التاريخ السياسي لبني الإنسان، إلى صيغة عامة معروفة.. لما ينبغي أن تكون سلطة التشريع عليه، من حيث: التكوين والصلاحيات، وما إليهما. فالحكومة -أي حكومة- هي: السلطة العليا العامة في البلاد -أي بلاد- بفروعها الثلاثة: التشريع، التنفيذ، القضاء. الحكومة -أي حكومة- وفي أي مكان وزمان، هي، في الواقع، عبارة عن: جهاز إداري ضخم.. يشرع وينفذ ويقاضي.. وتعتبر «السلطة التشريعية» أهم السلطات الثلاث.. كيف لا؟! وهي التي تضع القوانين، المتفق عليها وطنيا، وتجيز السياسات، وترشد القرارات والاتفاقات، وتراقب التنفيذ وتتابعه، وتساند القضاء وتحترم قراراته.
وتعتبر الصيغة العامة للسلطة التشريعية في بلاد العالم المتقدمة الآن النموذج الذي يحتذى للسلطة التشريعية، كما ينبغي أن تكون. ومعظم المجالس العربية والخليجية المشابهة ما زالت بعيدة -نسبيا- عن هذا النموذج، أو الصورة المثلى للسلطة التشريعية في ذروة تطورها الراهن. ولكن توجد في هذه المجالس العربية الناشئة الكثير من ملامح وعناصر النموذج. كما أن هذه المجالس ليست جامدة، بل إنها تتطور.. مقتربة -مع مرور الزمن- أكثر من الصيغة المثلى. ويعتقد أن غالبية المعنيين في المنطقة العربية تريد لهذه المجالس أن تتطور، لكن في إطار الثوابت الدينية والوطنية المعروفة للبلاد المعنية. ومن حق وواجب كل بلد، بالمناسبة، أن تقيم «برلمانها» وفق ثوابتها السليمة المختلفة. فذلك هو الحاصل في بلاد العالم السابقة في التطور الحضاري والسياسي. إن مجرد تواجد برلمان يعتبر -في حد ذاته- أمرا إيجابيا، كما يعتبر نقلة نوعية كبيرة في التاريخ السياسي للدول النامية والناشئة. فالتواجد غالباً ما يكون أفضل من العدم. والأجمل أن يكون لهذا التواجد الثمرات المرجوة.. وأن تتزايد هذه الثمرات، وتحلو أكثر، مع مرور الزمن.