الحدث الاقتصادي الأكثر إثارة للجدل في الأوساط المالية السعودية هذه الأيام كان موضوع حالة الفساد «الكبرى» التي تم اكتشافها في البنك السعودي الفرنسي، وتفاصيل القصة تتكشف تباعا كما هو معروف جدا في هذه الواقعة، ولكن هناك مسائل مثيرة تستدعي التوقف عندها في هذه الحادثة. أولها «توقيت» الحادثة كان مثار استغراب وتعجب، لأنه جاء بعد أيام قليلة جدا من الإعلان عن بيع بنك كريدي اجريكول (وهو الشريك الفرنسي في البنك) لحصته في البنك لصالح مستثمر سعودي كبير ومعروف، مع العلم أن العقد التأسيسي للبنك كان يعطي حق الإدارة للشريك الفرنسي، وبالتالي هناك تحمل للمسؤولية يقع على عاتق الشريك الإداري ولكن عقد بيع الحصة كان على ما يبدو فيه شرط عدم الرجوع على البائع «بأي شيء» عقب إتمام صفقة البيع. وهذا يعكس أزمة كبرى داخل مؤسسة النقد نفسها. أزمة الثقافة المسيطرة عليها والمؤسسة «العميقة» الموجودة بداخلها.
منذ وصول المحافظ السابق فهد المبارك وصولا للمحافظ الحالي أحمد الخليفي وجهوداتهم الواضحة في محاولة «تخليص» المؤسسة من الإرث الثقيل للحقبة التي كانت قبلهم ولكن هناك المزيد المطلوب.
تلك الحقبة التي كونت نموذجا عجيبا لحماية البنوك وحولتهم إلى ناد خاص مغلق تمنع عنهم المنافسة الداخلية وتحمي «الملاك» بشكل غير مألوف.
السعودية صاحبة الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط لا يزال عدد المصارف فيها أقل من المناسب والمطلوب لحجم اقتصادها، وقصة خروج الشريك الهولندي من البنك السعودي الهولندي و«رفض» مؤسسة النقد لعروض مهمة من بنوك محترمة كباركليز وستاندرد تشاتر ووعوده لشراء البنك حتى وصل الحال اليوم لوجود صفقة اندماج مع بنك ساب «ليتقلص» عدد البنوك العاملة بدلا من الترحيب ببنك جديد، هذه القصة تؤكد فلسفة حماية الملاك من المنافس الجديد.
نفس الإدارة السابقة التي كرست حماية البنوك وملاكها هي التي أحدثت فوضى التراخيص العشوائية لشركات التأمين ويدفع ثمنها اليوم مساهمو سوق الأسهم وهي نفس الإدارة السابقة التي سمحت بأن تقوم البنوك بالاقراض المبالغ فيها بضمانة الأسهم (المبالغ في قيمتها) مما ساهم في سكب الزيت على النار في سوق الأسهم المتواضعة وقتها وأشعلت قيم أسهم مبالغ فيها وعند الهبوط الحاد المتوقع استحقت القروض وحميت البنوك التي حققت مكاسب مضللة.
هذا هو الإرث الموجود والذي يجب أن تتم غربلته تماما. لم يعد من الممكن السماح بقبول «هيمنة» ملاك بنوك «غير طبيعية» و«غير عادلة» و«غير بريئة» والتي توجد في علاقاتهم «تدخلات» غير مقبولة بالنسبة لمبدأ تضارب المصالح وضرورة أن يتم تفتيت هذه الملكية المهيمنة في أيدي قلة محدودة ومحمية.
في ظل رؤية 2030 والتي من أبرز سماتها الإفصاح والحوكمة ومحاربة الفساد والعدالة لا يمكن قبول استمرار وضعية ثقافة مؤسسة النقد كحماية غير سوية لوضع البنوك فهي مطالبة أن تكون مشرعا عادلا وسويا للصناعة المصرفية وليس كحام لمصالح قلة من الملاك.
تاريخ المصارف في السعودية مثير ومليء بالفصول المثيرة للجدل. فتارة تفتح الأبواب مانحة للتراخيص لبنوك عربية وعالمية فجاءت خبرات من بنوك كبرى مثل اي سي ان الهولندي واتش اس بي سي البريطاني وكريدي اجريكول الفرنسي وسيتي وتشيس الأمريكيين، وتارة كانت هناك قرارات غريبة تشبه التأميم في أثرها.
درس واقعة البنك الفرنسي يشير إلى مشكلة عميقة؛ فالتجاوز انتشر وتخطى أجهزة الرقابة الداخلية للبنك نفسه والمحاسب القانوني ومؤسسة النقد دون أن يتسبب في صافرة إنذار وأعلام حمراء ترفع وتوقف ذلك الأمر.
المشكلة عميقة جدا وقد لا تتوقف عند البنك السعودي الفرنسي وحده.
منذ وصول المحافظ السابق فهد المبارك وصولا للمحافظ الحالي أحمد الخليفي وجهوداتهم الواضحة في محاولة «تخليص» المؤسسة من الإرث الثقيل للحقبة التي كانت قبلهم ولكن هناك المزيد المطلوب.
تلك الحقبة التي كونت نموذجا عجيبا لحماية البنوك وحولتهم إلى ناد خاص مغلق تمنع عنهم المنافسة الداخلية وتحمي «الملاك» بشكل غير مألوف.
السعودية صاحبة الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط لا يزال عدد المصارف فيها أقل من المناسب والمطلوب لحجم اقتصادها، وقصة خروج الشريك الهولندي من البنك السعودي الهولندي و«رفض» مؤسسة النقد لعروض مهمة من بنوك محترمة كباركليز وستاندرد تشاتر ووعوده لشراء البنك حتى وصل الحال اليوم لوجود صفقة اندماج مع بنك ساب «ليتقلص» عدد البنوك العاملة بدلا من الترحيب ببنك جديد، هذه القصة تؤكد فلسفة حماية الملاك من المنافس الجديد.
نفس الإدارة السابقة التي كرست حماية البنوك وملاكها هي التي أحدثت فوضى التراخيص العشوائية لشركات التأمين ويدفع ثمنها اليوم مساهمو سوق الأسهم وهي نفس الإدارة السابقة التي سمحت بأن تقوم البنوك بالاقراض المبالغ فيها بضمانة الأسهم (المبالغ في قيمتها) مما ساهم في سكب الزيت على النار في سوق الأسهم المتواضعة وقتها وأشعلت قيم أسهم مبالغ فيها وعند الهبوط الحاد المتوقع استحقت القروض وحميت البنوك التي حققت مكاسب مضللة.
هذا هو الإرث الموجود والذي يجب أن تتم غربلته تماما. لم يعد من الممكن السماح بقبول «هيمنة» ملاك بنوك «غير طبيعية» و«غير عادلة» و«غير بريئة» والتي توجد في علاقاتهم «تدخلات» غير مقبولة بالنسبة لمبدأ تضارب المصالح وضرورة أن يتم تفتيت هذه الملكية المهيمنة في أيدي قلة محدودة ومحمية.
في ظل رؤية 2030 والتي من أبرز سماتها الإفصاح والحوكمة ومحاربة الفساد والعدالة لا يمكن قبول استمرار وضعية ثقافة مؤسسة النقد كحماية غير سوية لوضع البنوك فهي مطالبة أن تكون مشرعا عادلا وسويا للصناعة المصرفية وليس كحام لمصالح قلة من الملاك.
تاريخ المصارف في السعودية مثير ومليء بالفصول المثيرة للجدل. فتارة تفتح الأبواب مانحة للتراخيص لبنوك عربية وعالمية فجاءت خبرات من بنوك كبرى مثل اي سي ان الهولندي واتش اس بي سي البريطاني وكريدي اجريكول الفرنسي وسيتي وتشيس الأمريكيين، وتارة كانت هناك قرارات غريبة تشبه التأميم في أثرها.
درس واقعة البنك الفرنسي يشير إلى مشكلة عميقة؛ فالتجاوز انتشر وتخطى أجهزة الرقابة الداخلية للبنك نفسه والمحاسب القانوني ومؤسسة النقد دون أن يتسبب في صافرة إنذار وأعلام حمراء ترفع وتوقف ذلك الأمر.
المشكلة عميقة جدا وقد لا تتوقف عند البنك السعودي الفرنسي وحده.