تطلبت الرؤية السعودية 2030 صدور العديد من التشريعات التي تشكل وتحفز التحول، البعض منها يتناول تطوير وتأطير المفاهيم والتصورات الاجتماعية المؤثرة في عناصر البنية الاقتصادية نحو أهداف الرؤية، كما شهدت الفترة الماضية الكثير من تلك القرارات التي تزامنت مع تأسيس جهات حكومية، إما تنظيمية أو تشغيلية أو تمويلية لقيادة مسارات التطوير في الاتجاه الصحيح، كما حدث مع هيئة الترفيه وهيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة وهيئة توليد الوظائف وصندوق الصناديق والشركة الحكومية القابضة للخدمات الصحية وغيرها من مشاريع ومبادرات تعزيز البنية التحتية للاقتصاد والتنمية.
في نفس السياق أتى القرار التاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة ليلعب دورا مهما جدا في تيسير حياة الأفراد وتنمية وسائل الأنشطة اليومية وإتاحة تحقيق الطموحات دون معوقات، وتمكين المجتمع من الاستفادة القصوى من المنظومة الطبيعية للأسرة دون تمييز أو تفرقة تحد من طموحات الأسرة أو المرأة. كما وضع القرار التاريخي حدا لجدل تأزيم المواقف داخليا وخارجيا.
بشكل غريب إلى درجة كبيرة غضضنا الطرف عن أهمية آداب مشاركة الطريق وأخلاقيات القيادة الآمنة، وضرورات الالتزام بمعايير الأمن والسلامة، وأصبحت الطرقات وحوادث السيارات هاجسا يعكر صفو الجميع دون استثناء، وخصوصا مع زيادة تكدس الطرقات بالسيارات والمركبات الثقيلة وازدحام الشوارع بمستخدمي السيارات من مختلف الجنسيات والأعمار والطبقات. ونلحظ السياقة المتهورة، والسرعات الزائدة في الأحياء وعلى كافة الطرقات، وافتقاد التهذيب في التعامل مع مستخدمي الطريق، حتى أصبحت ظاهرة متفشية آن أوان محاصرتها وتسليط الضوء عليها بعد كل ما اقترفته من ضحايا في الوفيات والإصابات والتلفيات والأضرار.
فماذا أعددنا للقادم الجديد على الطرقات، المرأة، حيث تحمل المرأة معها إلى الطرقات رمزية رفيعة اجتماعيا ودينيا في الوعي السعودي تتفوق على غيرها من الرمزيات في الوجدان السعودي، وفي عموم الموروث الاجتماعي العربي الأصيل الذي أثنى عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقد كانت المرأة سببا أساسيا في عزم العرب على خوض غمار «يوم ذي قار». فهل تحضر كل هذه القيم الكبرى الأصيلة التي تتمازج فيها الأخلاق مع الدين ومع العلم لكشف الغطاء عما غضضنا عنه الطرف لفترة طويلة؟ القرار التاريخي وما في ثناياه من تكليف لوزارة الداخلية بتحضير المناخ الملائم للقرار، وما صاحبه من تشديد على فرض سمت حضاري يمنع التحرش والأذى، مكّن النضج الاجتماعي الذي نشهده من لعب أدوار تصحيحية في مفاهيم وآداب رئيسية تكاد تكون غائبة عن الممارسة والسلوك الفردي والاجتماعي، ويقع على عاتق مؤسسات التنشئة الاجتماعية دور أساسي تتقاسمه كل منها ويتعدى دور المتفرج في مباركة القرار التاريخي، بل يحتم عليها المشاركة الفاعلة والفعالة من كل أعضائها والمنتمين لها، تمهيدا لتهيئة المزاج العام للوقوف على متطلبات هامة من الوعي وممارسة المسؤولية نحو ذلك، وخصوصا في واجبها التكاملي مع القرار التاريخي في ترسيخ آداب مشاركة الطريق مع كريمة المجتمع وليست كريمة أحدهم فقط.
بما يمثله المسجد وخطبة الجمعة للمجتمع السعودي بكل أطيافه كونه منبر التوعية الدينية والأخلاقية والاجتماعية، والذي يقوم بتسليط الضوء على القضايا الراهنة والملحة، وتحفيز التفاعل النشط وتعزيز السلوك القويم، فهناك دور محوري للخطباء في قيادة حملات التوعية لتصنيف السلوكيات السلبية عند البعض من مستخدمي الطرقات، وبيان حرمة أذية الآخرين التي تقع من التسامح الخاطئ في مخالفات الطريق والمخالفات المرورية بكل أشكالها.
هناك دور هام آخر يتقاسم المسؤولية مع المسجد وهو دور المؤسسة التربوية والتعليمية من مدارس وجامعات، لتوضيح الكثير من الجوانب في فلسفة القيادة الآمنة ومنطق التنظيم المروري، والجانب الهندسي في الأمن والسلامة والتخطيط، والبعد العلمي الذي تمثله الضوابط والإشارات المرورية. ويأتي دور الإعلام في المشاركة في هذا الواجب الوطني أساسيا مكملا وداعما لبقية أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأهلية في محاصرة الظواهر السلبية، وتطوير أداء الأجهزة القائمة على الخدمة في هذا المجال عبر توجيه النظر على مكامن التقنين النافع للخروج من مأزق الفرحة الغامرة بالقرار التاريخي إلى واقع حضاري وآمن في الطرقات يعكس مرحلة رؤية 2030 السعودية والتحول المنشود.
ولا يقل عن ذلك أيضا دور الأسرة المركزي في التوجيه والإرشاد وضبط السلوك على الطريق والاستخدام الآمن للسيارة والأوقات المناسبة وغير المناسبة للخروج بالسيارة. والحث على إجراء الصيانة الدورية.
وحبذا أن يمتد ذلك لمشاركة الشعراء في هذه الرسالة التربوية والحضارية للمساهمة في ترسيخها وإعطائها ما تستحقه من اهتمام وإجماع يتعلق بسلامة أفراد المجتمع وحفظ حياتهم وسلامتهم وممتلكاتهم من التلف.
khalid@busbridges.com
في نفس السياق أتى القرار التاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة ليلعب دورا مهما جدا في تيسير حياة الأفراد وتنمية وسائل الأنشطة اليومية وإتاحة تحقيق الطموحات دون معوقات، وتمكين المجتمع من الاستفادة القصوى من المنظومة الطبيعية للأسرة دون تمييز أو تفرقة تحد من طموحات الأسرة أو المرأة. كما وضع القرار التاريخي حدا لجدل تأزيم المواقف داخليا وخارجيا.
بشكل غريب إلى درجة كبيرة غضضنا الطرف عن أهمية آداب مشاركة الطريق وأخلاقيات القيادة الآمنة، وضرورات الالتزام بمعايير الأمن والسلامة، وأصبحت الطرقات وحوادث السيارات هاجسا يعكر صفو الجميع دون استثناء، وخصوصا مع زيادة تكدس الطرقات بالسيارات والمركبات الثقيلة وازدحام الشوارع بمستخدمي السيارات من مختلف الجنسيات والأعمار والطبقات. ونلحظ السياقة المتهورة، والسرعات الزائدة في الأحياء وعلى كافة الطرقات، وافتقاد التهذيب في التعامل مع مستخدمي الطريق، حتى أصبحت ظاهرة متفشية آن أوان محاصرتها وتسليط الضوء عليها بعد كل ما اقترفته من ضحايا في الوفيات والإصابات والتلفيات والأضرار.
فماذا أعددنا للقادم الجديد على الطرقات، المرأة، حيث تحمل المرأة معها إلى الطرقات رمزية رفيعة اجتماعيا ودينيا في الوعي السعودي تتفوق على غيرها من الرمزيات في الوجدان السعودي، وفي عموم الموروث الاجتماعي العربي الأصيل الذي أثنى عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقد كانت المرأة سببا أساسيا في عزم العرب على خوض غمار «يوم ذي قار». فهل تحضر كل هذه القيم الكبرى الأصيلة التي تتمازج فيها الأخلاق مع الدين ومع العلم لكشف الغطاء عما غضضنا عنه الطرف لفترة طويلة؟ القرار التاريخي وما في ثناياه من تكليف لوزارة الداخلية بتحضير المناخ الملائم للقرار، وما صاحبه من تشديد على فرض سمت حضاري يمنع التحرش والأذى، مكّن النضج الاجتماعي الذي نشهده من لعب أدوار تصحيحية في مفاهيم وآداب رئيسية تكاد تكون غائبة عن الممارسة والسلوك الفردي والاجتماعي، ويقع على عاتق مؤسسات التنشئة الاجتماعية دور أساسي تتقاسمه كل منها ويتعدى دور المتفرج في مباركة القرار التاريخي، بل يحتم عليها المشاركة الفاعلة والفعالة من كل أعضائها والمنتمين لها، تمهيدا لتهيئة المزاج العام للوقوف على متطلبات هامة من الوعي وممارسة المسؤولية نحو ذلك، وخصوصا في واجبها التكاملي مع القرار التاريخي في ترسيخ آداب مشاركة الطريق مع كريمة المجتمع وليست كريمة أحدهم فقط.
بما يمثله المسجد وخطبة الجمعة للمجتمع السعودي بكل أطيافه كونه منبر التوعية الدينية والأخلاقية والاجتماعية، والذي يقوم بتسليط الضوء على القضايا الراهنة والملحة، وتحفيز التفاعل النشط وتعزيز السلوك القويم، فهناك دور محوري للخطباء في قيادة حملات التوعية لتصنيف السلوكيات السلبية عند البعض من مستخدمي الطرقات، وبيان حرمة أذية الآخرين التي تقع من التسامح الخاطئ في مخالفات الطريق والمخالفات المرورية بكل أشكالها.
هناك دور هام آخر يتقاسم المسؤولية مع المسجد وهو دور المؤسسة التربوية والتعليمية من مدارس وجامعات، لتوضيح الكثير من الجوانب في فلسفة القيادة الآمنة ومنطق التنظيم المروري، والجانب الهندسي في الأمن والسلامة والتخطيط، والبعد العلمي الذي تمثله الضوابط والإشارات المرورية. ويأتي دور الإعلام في المشاركة في هذا الواجب الوطني أساسيا مكملا وداعما لبقية أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأهلية في محاصرة الظواهر السلبية، وتطوير أداء الأجهزة القائمة على الخدمة في هذا المجال عبر توجيه النظر على مكامن التقنين النافع للخروج من مأزق الفرحة الغامرة بالقرار التاريخي إلى واقع حضاري وآمن في الطرقات يعكس مرحلة رؤية 2030 السعودية والتحول المنشود.
ولا يقل عن ذلك أيضا دور الأسرة المركزي في التوجيه والإرشاد وضبط السلوك على الطريق والاستخدام الآمن للسيارة والأوقات المناسبة وغير المناسبة للخروج بالسيارة. والحث على إجراء الصيانة الدورية.
وحبذا أن يمتد ذلك لمشاركة الشعراء في هذه الرسالة التربوية والحضارية للمساهمة في ترسيخها وإعطائها ما تستحقه من اهتمام وإجماع يتعلق بسلامة أفراد المجتمع وحفظ حياتهم وسلامتهم وممتلكاتهم من التلف.
khalid@busbridges.com