بالأمس تم تطهير مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش الإرهابي بعد أشهر من تطهير مدينة الموصل العراقية، وهكذا تبخرت الدولة الأسطورية التي تتفنن في طرق إعدام الأسرى وتضع القوانين لعمليات بيع السبايا وتحتفل بمناسبات تدمير الآثار الخالدة وتنظم مع أعدائها المفترضين صفقات تهريب النفط.. دولة كاملة بخليفتها ووزرائها وجزاريها وجيشها الجرار وعلمها وعملتها ووسائل إعلامها الدموية التي كانت تمد وسائل الإعلام العالمية بمادة يومية مرعبة ومثيرة انتهت تماما ولم يبق لها إلا بعض الانتحاريين الذين يدهسون المارة في بعض العواصم الأوروبية بين فترة وأخرى.
ثمة مائة مليون تفسير يمكن إسقاطه على مسألة الصعود السريع لما كان يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم السقوط الأشد سرعة لهذه الدولة العجيبة، ولكن كل هذه التفسيرات لن تغير في الأمر شيئا.. فداعش لا يمثل إلا صورة أولية للجوانب البشعة لعصر العولمة.. فثورة الاتصالات والتجارة الحرة والحدود المفتوحة ووفرة التكنولوجيا مثلما تتيح للأقوياء سوقا رائجة كي يزدادوا قوة وثراء فإنها تمنح فرصة أكيدة للضعفاء كي يدمروا المعبد على من فيه.
بالنسبة للعالم الواسع بدوله الكبرى وأجهزته الاستخباراتية وأسواقه المتناحرة فإن عملية إحصاء خطاياه التي أنتجت كيانا دمويا مثل داعش، قد تكون أطول مما نتخيل، لذلك سوف يكون من المفيد حصر التفكير في السؤال الأهم: كيف وجدت دولة داعش فرصتها السهلة كي ترفع علمها في منتصف الأرض العربية؟.. والأجوبة هنا متفرعة ومتشعبة.. أولها أنه بمجرد سقوط القبضة الحديدية للحاكم المتفرد (صدام، بشار، وحتى القذافي) تختفي كل قوة للدولة حتى في صدور الناس، ولا يوجد ما يملأ الفراغ السياسي والأمني والإداري المرعب سوى الجماعات المتوحشة.. وثانيها أن المنطقة العربية تعاني بشكل أو بآخر من خلل ثقافي ما، تمثل في وجود أعداد لا بأس بها من المؤيدين لداعش في أنحاء متفرقة في العالم العربي والإسلامي، ينطلقون من فكرة مشروعية التدمير وأحقية قتل الأبرياء من أجل تحقيق غايات أهم بالنسبة لهم، وربما لمقاومة مثل هذا الخلل الثقافي والإنساني اخترعت أوروبا القوانين التي تعاقب كل المتعاطفين مع النازية، ولا يمكن أن تتعامل مع أي متعاطف معها على أنه صاحب وجهة نظر، لأنها ببساطة لا تريد العودة إلى أزمنة الدم والخراب، ونحن في العالم العربي علينا أن نستوعب درس داعش الذي مر كالكابوس خلال بضع سنوات، وأن نتوقع عودة هذه الدولة المخيفة بثوب آخر واسم جديد وعلم مختلف الألوان، ما دام بين صفوفنا من يبرر القتل والتدمير لأي سبب كان.
klfhrbe@gmail.com
ثمة مائة مليون تفسير يمكن إسقاطه على مسألة الصعود السريع لما كان يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم السقوط الأشد سرعة لهذه الدولة العجيبة، ولكن كل هذه التفسيرات لن تغير في الأمر شيئا.. فداعش لا يمثل إلا صورة أولية للجوانب البشعة لعصر العولمة.. فثورة الاتصالات والتجارة الحرة والحدود المفتوحة ووفرة التكنولوجيا مثلما تتيح للأقوياء سوقا رائجة كي يزدادوا قوة وثراء فإنها تمنح فرصة أكيدة للضعفاء كي يدمروا المعبد على من فيه.
بالنسبة للعالم الواسع بدوله الكبرى وأجهزته الاستخباراتية وأسواقه المتناحرة فإن عملية إحصاء خطاياه التي أنتجت كيانا دمويا مثل داعش، قد تكون أطول مما نتخيل، لذلك سوف يكون من المفيد حصر التفكير في السؤال الأهم: كيف وجدت دولة داعش فرصتها السهلة كي ترفع علمها في منتصف الأرض العربية؟.. والأجوبة هنا متفرعة ومتشعبة.. أولها أنه بمجرد سقوط القبضة الحديدية للحاكم المتفرد (صدام، بشار، وحتى القذافي) تختفي كل قوة للدولة حتى في صدور الناس، ولا يوجد ما يملأ الفراغ السياسي والأمني والإداري المرعب سوى الجماعات المتوحشة.. وثانيها أن المنطقة العربية تعاني بشكل أو بآخر من خلل ثقافي ما، تمثل في وجود أعداد لا بأس بها من المؤيدين لداعش في أنحاء متفرقة في العالم العربي والإسلامي، ينطلقون من فكرة مشروعية التدمير وأحقية قتل الأبرياء من أجل تحقيق غايات أهم بالنسبة لهم، وربما لمقاومة مثل هذا الخلل الثقافي والإنساني اخترعت أوروبا القوانين التي تعاقب كل المتعاطفين مع النازية، ولا يمكن أن تتعامل مع أي متعاطف معها على أنه صاحب وجهة نظر، لأنها ببساطة لا تريد العودة إلى أزمنة الدم والخراب، ونحن في العالم العربي علينا أن نستوعب درس داعش الذي مر كالكابوس خلال بضع سنوات، وأن نتوقع عودة هذه الدولة المخيفة بثوب آخر واسم جديد وعلم مختلف الألوان، ما دام بين صفوفنا من يبرر القتل والتدمير لأي سبب كان.
klfhrbe@gmail.com