حقيقة نحن نشغل العالم.. وكل أمر سعودي يكون مثارا لاهتمام وتناول إعلامي عالمي، وبالتالي يتلبس الفضول رجل الشارع في أي دولة على تنوع ثقافته واطلاعه ليسأل عنا ويطلع على حقيقتنا، أقول هذا الكلام وأنا أستمع إلى ذلك الفضول أو الاهتمام من أي شخص يعيش خارج بلادنا بمجرد أن أقول له إني سعودي كرد على سؤاله لي «من أين أنت ؟» ويقصد ماهي جنسيتي. لمست ذلك عن كثب خلال تواجدي في بريطانيا ومن أكثر من شخص أتحدث معه وخصوصا سائقي التاكسي أو بعض الموظفين الذين تضطرني طبيعة وجودي في بريطانيا إلى التحدث إليهم، ذات يوم قلت لسائق التاكسي المسن المتقاعد الذي يقضي وقته يوميا في سيارة الأجرة التي يملكها ضمن حوارنا إنني سعودي، فأخبرني فورا عن السماح للنساء بقيادة السيارات، وأنه يتابع هذا الموضوع باهتمام، وسألته: لماذا هو مهتم بشأن ليس له علاقة بالبريطانيين، فقال لي إن الإعلام أصبح يتابع الشأن السعودي، وإن قيادة المرأة السعودية حالة جديدة علينا، لأننا نرى أنه أمر طبيعي تعايشنا معه طوال حياتنا، وطال بنا النقاش حتى وصلت إلى مشواري، وليس موضوع قيادة المرأة هو الوحيد الذي أدخلني في نقاش مع من ألتقيهم من البريطانيين وإنما هناك موضوع آخر فاجأني به سائق من جذور أفريقية عن قوة السعودية عسكريا وانتشارها في عدد من الدول ضمن تحالفات متعددة الجنسيات، وكيف أن السعودية أصبحت قوة لا يستهان بها ولم تكن كذلك في سنوات مضت، وأيضا دخلت معه في حوار طويل حول لماذا؟ وكيف؟ حتى وصلت إلى محطة وصولي. ولم يكن هذان الموضوعان هما محور النقاش مع الآخرين خارج بلدي، وإنما هناك موضوعات أخرى لها علاقة بحراكنا الاقتصادي والاجتماعي وبمحاربتنا للإرهاب وتصدينا له ذلك الاهتمام كان في مجموعه خليطا من إيجابيات وسلبيات حملتها الانطباعات التي استمعت لها، فليس الكل يصفق لنا، كما ليس الكل ضدنا، وقد وجدت ونحن نشغل العالم أننا بحاجة إلى استغلال ذلك الاهتمام باستراتيجية إعلامية خارجية محكمة وقوية في نفس الوقت لا تقوم على ما يسمى بالـ «propaganda البروباجندا» وإنما على شرح الحقائق عن بلدنا وإظهارها للعالم الذي أصبح ينظر إلينا نظرة مختلفة عن السابق، فالتحديث والتطوير الذي يحدث في بلادنا لابد له من مواكبة إعلامية خارجية تقوم على أسس علمية حديثة تتعامل مع ثقافات مختلفة لأنماط متعددة من العقليات النظيفة منها والقذرة الملوثة على حد سواء، وهذا ما أتمنى أن تتبناه وزارة الإعلام ووزيرها الذي بدأت لمساته تظهر في إعلامنا بعد أن ورث تركة متراكمة من الترهل والروتين الذي لم يقدم لإعلامنا شيئا أكثر من تأخره.