محاربة الفساد ليست ترفا وإنما ضرورة تمليها الاستحقاقات التنموية من مشاريع عملاقة أعلنت عنها الحكومة ولا يمكن لتلك المشاريع الجبارة أن تحقق أهدافها دون وجود معايير عالية من الشفافية لتؤسس بنية قانونية تكون جاذبة للمستثمر الأجنبي، لذا تأتي أهمية ومحورية مكافحة الفساد وملاحقة لصوص المال العام ممن تورمت جيوبهم من المال العام، لأن الفساد هو أهم و أخطر عائق للتنمية ولايمكن لأي مشروع أن يرى النور دون قواعد صارمة لمكافحة الفساد اللجنة العليا التي شكلها الملك سلمان بن عبدالعزيز عبر وثيقة قانونية تاريخية أسست مبادئ مهمة يأتي على رأسها أن جرائم الفساد لا تسقط بالتقادم ولا يمكن السماح للقطط السمان أن ينجوا بجرائمهم وأن يد العدالة ستطالهم مهما كانت وظائفهم أو نسبهم، فلا حصانة لأحد بعد تلك الوثيقة التاريخية والإجراءات التي تمت ترجمة لها وتنفيذا لقواعدها، حيث طالت يد العدالة أسماء لم تقدر الثقة الملكية الممنوحة لهم ولم يحترموا انتسابهم لمؤسسة الحكم فتربحوا من وظائفهم واستغلوا سلطتهم ونفوذهم لتحقيق مكاسب شخصية لهم وبناء إمبراطوريات ضخمة شيدت من المال الحرام فكان سيف العدالة لهم بالمرصاد زجرا لهم وردعا لمن وراءهم، أو من يعتقد أن باستطاعته أن يستحل المال العام أو يبدده أو يستغل منصبه أو وظيفته ويجيرها لمصالحه الشخصية ومصالح أهله وعشيرته ما حدث هو خطوة كبيرة وشجاعة تتواءم و ملامح هذه الدولة الجديدة التي تتشكل على قيم جديدة لا مكان فيها لفاسد ولا منتفع ولا أولئك البشر الذين لا يريدون أن يخرجوا من قواقعهم ولا صناديقهم الصغيرة ولا يريدون أن يدركوا أن الماضي لا يعود.