-A +A
عبدالله صادق دحلان
قطار الحرمين إنجاز عظيم تحقق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمبادرة وإشراف شخصي في جميع المراحل من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل.

لقد تحقق الحلم للمسلمين حجاجا ومعتمرين ومواطنين ومقيمين بعد معاناة صعبة وانتظار طويل لهذا المشروع تجاوز الخمسين عاما، لكنه تحقق أخيرا بإصرار الأمير خالد الفيصل الذي بحق يصعب تقييم إنجازاته المتعددة في منطقة مكة المكرمة، ويأتي على رأسها إشرافه على توسعة الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة، ومتابعته لإنجاز قطار الحرمين الذي يعتبر الإنجاز الأهم في مجال النقل في المملكة والعالم الإسلامي، حيث يربط بين المدن المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة.


لقد تشرفت بدعوة الأمير خالد الفيصل للمشاركة في الرحلة التجريبية الأولى لرحلة قطار الحرمين بين جدة ومكة المكرمة، التي حرصت كل الحرص على المشاركة ليس فقط في الرحلة التجريبية للقطار وإنما لأشارك في الحلم الذي تحقق، وقد كنت ومنذ زمن طويل مع زملائي من الكتّاب نطالب وبإصرار وتكرار بإنجاز هذا المشروع الذي سيكون له مردود كبير في التسهيل للمسلمين من حجاج ومعتمرين وزوار، وقد وفقت القيادة السعودية في هذا الإنجاز الذي سيكتب ويسجل لها ضمن أكبر الإنجازات لخدمة الإسلام والمسلمين على مر التاريخ.

لقد رأيت شخصيا إنجازا مميزا في التخطيط والتنفيذ والتنظيم والتشغيل، كما رأيت حماس الشباب القائمين على هذا المشروع العملاق، وشاهدت مشاركة المرأة السعودية في الإدارة وخدمات التشغيل داخل القطار، ورأيت وبكل فخر أول قائد لقطار الحرمين من الشباب السعودي المتعلم المتدرب على قيادة القطارات في إسبانيا دولة الشركة المنفّذة للمشروع والمشغّلة له.

وبالمقارنة مع القطارات العالمية، رأيت نموذجا حديثا للقطارات العالمية داخل القاطرات، حيث إن قطار الحرمين يعد من أضخم مشاريع النقل العام في منطقة الشرق الأوسط، إذ يمتد بطول (450 كم)، ويتكون من خط حديدي مزدوج يربط مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورا بمدينة جدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ويقطع قطار الحرمين هذه المسافة بسرعة عالية تبلغ (300 كلم) في الساعة، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمشروع نحو 60 مليون راكب سنويا، وسيشهد التشغيل الفعلي انطلاقته خلال عام 2018 بعد التأكد من جاهزيته واكتمال كافة جوانب السلامة، حيث سيتم إطلاق 35 قطارا بسعة 417 مقعدا للقطار الواحد.

والأهم من القاطرات، كانت محطة قطار الحرمين في مكة المكرمة، حيث تقع في موقع إستراتيجي على أرض مساحتها نحو 503 آلاف متر مربع عند المدخل الرئيسي لمكة المكرمة في حي الرصيفة، تبعد عن الحرم المكي أقل من أربعة كيلومترات، وتبلغ طاقتها الاستيعابية نحو 19500 مسافر في الساعة قدوما ومغادرة من المحطة، التي تنافس المطارات والمحطات العالمية في التنظيم والبناء والتخطيط، وهي ذات طابع إسلامي في الشكل ومتطور في التشغيل.

كنت أظن أن حلم الأمير خالد الفيصل قد انتهى بعد أن تحقق له تشغيل قطار الحرمين، إلا أنه قال لي وأنا أصافحه وأهنئه «إن هذه البداية»، وعندها تأكد لي أن هناك خططا أخرى لإنجازات أكبر وأكثر شمولا، وقرأت في اليوم الثاني للتشغيل في صحيفة «عكاظ» القديرة تصريحه بأن المنطقة تحتاج إلى قطار يربطها بجازان ونجران، ومن المدينة المنورة إلى تبوك، ومن منطقة مكة المكرمة إلى المنطقة الوسطى والشرقية.

وهي أمنيات شعب هذا الوطن ليتحقق حلم ربط مدن مناطق المملكة وتمكنهم من سرعة وسهولة الانتقال من جميع مناطق المملكة إلى المقدسات الإسلامية، الحرم الشريف والمشاعر المقدسة والحرم النبوي الشريف.

إن تركيز سمو الأمير خالد الفيصل في كلمته على أهمية الشباب في المرحلة القادمة يؤكد على رؤية (2030) في تمكين الشباب في أداء دورهم، كما أن إشراك المرأة في تشغيل المشاريع التنموية يؤكد دورها وقدرتها لتحمل المسؤولية في المرحلة القادمة.

وكم كنت أتمنى أن أرى ضمن الحضور معنا في هذه المرحلة التجريبية لقطار الحرمين بعض المسؤولين الذين بدأوا المشروع منذ أن كان فكرة إلى أن تم توقيع اتفاقيات تنفيذ المشروع تقديرا لدورهم الرائد، ومنهم أخي معالي الدكتور جبارة الصريصري وزير النقل السابق، ووكلاؤه، والمسؤولون عن المشروع في بدايته.

متمنيا أن يؤخذ في الاعتبار التسعيرة المناسبة وغير المبالغ فيها، لأن هذا المشروع ضمن مشاريع خدمة الحرمين الشريفين وزوارهما من الحجاج والمعتمرين والزوار، كما أتمنى أن يكون المخططون قد أخذوا في الاعتبار سلامة القطارات من الأمطار والسيول المنقولة.

* كاتب اقتصادي سعودي